يجب ان نعلم بان العراق يأتي في المرتبة الاولى في الشرق الاوسط من حيث ما يمتلكه من مخزون نفطي، وكانت شركة (I.P.C) البريطانية هي من تولت انتاج نفط العراق، وقد انتقلت ملكية هذه الشركة فيما بعد الى مجموعة شركات شل الهولندية، والشركة الفرنسية للبترول وشركة ستاندرد اويل (نيوجرسي) الامريكية، وشركة سوكوني الامريكيتين للنفط ثم شركة كولبنكيان. كان الامتياز الاول لاستثمار النفط في العراق قد منح الى شركة البترول التركية في اذار عام 1925 اثر مفاوضات التسوية السلمية التي جرت بعد الحرب العالمية الاولى، ولكن سرعان ما عادت بريطانيا لتحتل بجيوشها كل العراق ومن ضمنه اقليم الموصل، غير ان اكتشاف النفط في كافة اراضي العراق، ساعد في دخول مطامع فرنسية التي طالبت بضم الموصل الى منطقة النفوذ التي اعطيت لها في سورية ولبنان. لكن بريطانيا رفضت العرض الفرنسي وصارت بعدم تنازلها عن الموصل، ولم تذعن للقرار الذي اتخذه مؤتمر سايسك بيكو في عام 1916بضم الموصل الى منطقة النفوذ الفرنسية. هكذا كانوا يتقاسمون نفط العراق الذي لا يملكون الحق فيه بالرغم من ادعائهم المستمر بحقهم في حكم هذه البلاد واستغلال مواردها وحرمان اهلها منها، وحتى استطاع الشعب ان يتحرر من هذا الحكم، جاء عصر التأميم ليعيد الثروات والموارد الطبيعية والنفطية والارض الى اهلها بفعل القرار الجريء الذي اتخذه العراق بتأميم نفط بلاده. فها هي امريكا تغزو العراق لتسيطر على نفطه الذي كانت في يوم من الايام طرف فيه لتصبح لاعبا رئيسا في السيطرة عليه. وما اشبه اليوم بالامس، فبعد التسويات السلمية التي دارت في مؤتمر ساسيكس بيكو، طلبت الولاياتالمتحدةالامريكية من بريطانيا باعطائها نصف حصة اسهم شركة البترول البريطانية والبالغ 23.75% لتأتي اليوم وتتصرف بنفط العراق كاملا وتوزعه لمن تريد بالطريقة التي تضمن لها الاحتفاظ باكبر قطعة من كيكة نفط العراق. اننا نتوقع ان تخرق الولاياتالمتحدةالامريكية بعد حربها ضد العراق اتفاقية الخط الاحمر الذي وقعته مع بريطانيا، والخط الاحمر هذا يعني حماية المصالح البريطانية من خطر اية محاولة جديدة تقوم بها المصالح الامريكية الديناميكية (التي تحدث هذه الايام) للتوسع داخل مناطق النفوذ البريطاني ولاسيما في الخليج العربي وما يحيط به. ان الغزو الامريكي سيتوسع نفوذه بقوة وكل ما يحدث الان لم يكن سببه سياسات الرئيس جورج بوش الابن وانما هو واحد من الرؤساء الامريكيين الذين يسيرون وفق المخططات الامريكية العليا المرسومة سابقا وفي نطاق سياساتها الدولية بعد ان تمزق الاتحاد السوفيتي وانفردت هي بقيادة العالم وستظل هذه الامور في صالح الولاياتالمتحدةالامريكية حتى عام 2020م لتبرز بعد ذلك قوة جديدة هي القوة الصينية (مع او القوى الآسيوية المتعددة) ليعود العالم الى توازنه مرة ثانية، او يحدث الله امرا كان مفعولا.