انها حرب جديدة، انها حرب ضارية ليس في تقنيتها المذهلة فحسب، وليس في شراستها في ساحة الحرب، ولكن في حجم البيانات العسكرية المتباينة التي يطلقها طرفا الحرب، حتى بات الواحد منا في ذهول شديد، ولعل سرعة الاتصال وخفته في وسائل الاعلام كان عاملاً مسبباً في هذا التباين الشديد، ونحن امامه بهدف الوصول الى الخبر اليقين تاهت اصابعنا، وهي تضغط على جهاز التحول من قناة فضائية الى اخرى. وفي وسط هذا الخضم برزت قناة ابوظبي بين القنوات العربية الاخرى، حتى فاقت "قناة الجزيرة" في قدراتها وكفاءة مراسليها في وجودهم في موقع الحدث، مهما كانت شدة خطورته، فجاءت الصورة حية، حتى اعتمدت عليها بعض الفضائيات الغربية في النقل عنها، وليس عن "قناة الجزيرة" التي كانت كاميراتها تقف لفترات طويلة دون حركة، وكذلك تفوقت بوجود بعض المحللين السياسيين والعسكريين الذين احسنت اختيارهم. لكن هذا التميز لم يكتمل، ولعل سببه احدى مذيعات هذه القناة البارزات وهي "ليلى الشيخلي" وليس لعراقيتها سبب في ذلك، فهناك عدد من العراقيين يعملون في هذه القناة وفي غيرها، لم يفقدوا التوازن خلال تقديمهم، لكن ليلى كانت في منتهى العصبية والاضطراب، وهي تحاور هانز بليكس الذي كانت ردوده عليها تتسم بالهدوء والحكمة. وكذلك عندما نقل اليها المراسل خبر وجود بعض قطعات من الجيش الكويتي في ام قصر، اخذت تردد بشكل يصل بها الى درجة الهذيان: "الجيش الكويتي دخل مدينة ام قصر.. ماذا تقول.. الجيش الكويتي.. نعم.. نعم دخل الجيش الكويتي الى ام قصر، نعم الآن دخل الجيش مدينة ام قصر، كما ذكر مراسلنا"، وهي على هذا النحو، لم تنتبه ولم ينهها احد في تلك القناة بأن تتمالك نفسها، حتى وان كانت تذيع من قناة عراقية لأن الهدوء مطلوب. وقد تبين بعد ذلك أن لهذه المدينة جانبين: جنوبي كويتي وشمالي عراقي، وان الجانب الجنوبي يستقر فيه الجيش الكويتي من الاصل، وقبل بدء المعركة، وهذا ما اكده المتحدث الرسمي باسم الجيش الكويتي العقيد الركن يوسف الملا يوم 23/3/2003 لتفنيد ما جاءت به بعض وسائل الاعلام، ومنها قناة ابوظبي، بأن الجيش الكويتي دخل ام قصر المدينة العراقية. فنحن نقول ان القائمين على هذه القناة يهمهم نجاحها، وبروزها بين هذا الزخم من الفضائيات، والذي لا يتحقق الا بتحقق الموضوعية في نقل الخبر وفي تحليله. القبس الكويتيه