ما شعورك عندما تحاول البحث عن طفل رضيع داخل بيت يحترق تحيطه النيران من كل جانب؟ تزداد عملية البحث تعقيدا إذا كنت تجهل مكان الطفل ومخارج البيت. واذا لم تتبع اصول السلامة وانت تنقذ الطفل فقد تعرض حياتك للخطر ايضا. موازاة لما ذكر فان المواطن العادي اجبرته الأحداث الملتهبة ودخان الأحداث للبحث عن الحقيقة لما يجري, فتراه كأنه سندباد يتجول بين المحطات الفضائية ومواقع الانترنت ويستمع إلى الخطب والتفسيرات الخاصة والعامة, وكل ذلك في سبيل الوصول إلى الحقيقة التي تشبه الطفل الرضيع داخل بيت محترق. ومع كثرة المحطات الفضائية فان الأحداث الاخيرة اجبرتها على ان تزيل مكياجها من على خدودها قسرا. فالمشاهد لاحظ ان بعضها يكثف من خبر معين ويعيد تكراره بينما البعض يقول نصف الحقيقة هذا اذا لم يزلها المكياج عن بعض المثقفين ايضا ومقدمي البرامج, فإن عنف القصف أجبر البعض على نطق كلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) وهذا خروج على حياد نقل المعلومة بينما البعض نقل القصف كمعلومة. كل ما سبق يعتبر جزءا من الدعاية التي تحاول التأثير على عقول وعواطف وسلوك معينة تحقيقا لهدف عام معين وهذه الدعاية توجه الى الشعوب. ويقول مؤلفو كتاب عنوانه (مبادئ السياسة) لتكون الدعاية ناجحة فيجب ان يتوفر فيها عدد من الشروط فيجب ان تتسم بالبساطة في العرض وبالقدرة على جذب انتباه القارئ وان تكون إلى حد ما معقولة وان تكون متفقة في المضمون ولترسيخها لابد من تكرارها وعملية اختيار الأخبار المقدمة تتم لما يخدم مصلحة الدولة. مع كثرة الآراء وقوة الدعاية هل من السهل البحث عن الحقيقة أو الطفل الضائع وسط اللهب؟ الجواب عن ذلك في نفس الكتاب المذكور الذي يقول مخاطبا الرأي العام (الرأي العام تنقصه المعلومات الكاملة عن السياسة الخارجية والتي عادة تتسم بالغموض والسرية مما يجعل مقدرته على النقد والتقييم محدودة. ونتيجة لذلك لم يبق للرأي العام من خيار سوى دعم سياسة الحكومة وتأييدها..) أي اذا لم تستطع انقاذ طفل داخل بيت محترق فاوكل ذلك للدفاع المدني في خضم ما يجري علينا الوقوف صفا مع قادتنا والشد بأيديهم والدعاء لهم وللمرابطين من أبناء هذا الوطن.