ان من أعظم النعم التي خص الله تعالى بها الانسان وميزه بها عن الحيوان هي قدرته على تعلم اللغة، فاللغة هي أداة الانسان الرئيسية في التفكير واكتساب المعرفة وتحصيل العلوم فاللغة باعتبارها رموزا للمفاهيم قد مكنت الانسان من تناول جميع المفاهيم في تفكيره بطريقة رمزية مما ساعده على ان يحقق ما حققه من تقدم هائل في اكتساب المعرفة وتحصيل العلوم والصناعات المختلفة. ولما كان للغة هذا القدر العظيم من الأهمية في حياة الانسان وفي تمكينه من التقدم المستمر في تعلمه وتفكيره فقد كان أول شيء علمه الله تعالى لآدم عليه السلام هو أسماء جميع الأشياء قال تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين) البقرة 31 وبالكلام يستطيع البشر أن يفهم كل منهم الآخر حتى لقد جعل الله تعالى معجزة الاسلام الخالدة وهي القرآن الكريم مجموعة من الأوامر والنواهي والقوانين الإلهية التي تصرف شئون البشر وكذلك مجموعة من القصص القرآني في حوارات ممتعة.. كل ذلك جعله الله عزوجل في سرد بياني إعجازي وتحدى البشر أن يأتوا بمثله. ولذلك فان المناقشة والحوار من العوامل الهامة في الفكر للوصول إلى الحلول السليمة للمشكلات كذلك فانها من العوامل الهامة في التعليم وصقل الفكر الإنساني كما ان الحوار بين الناس يزيل الحدود بينهم ويمنع الجفاء ويوجد جوا من الود ويقرب بين وجهات النظر.. وبدون الحوار والتفاهم يحدث نوع من أنواع الانعزال مما يوجد حالة من القلق والشك والريبة تنتهي بالبغضاء والكراهية التي تؤدي الى الكثير من الأمراض النفسية. الحوار يجب أن يكون صحيا بين البشر ككل وليس فقط بين الطبيب والمريض وأهمية إعطاء الحوار الوقت المناسب بين البشر وكيف أن العصر الحديث اختصر الكثير من الوقت الذي كان يتم فيه الحوار والتفاهم بين الناس وأصبح التليفزيون هو المسيطر الرئيسي على الوقت المتاح للأسرة وتذكرت غياب الحوار الصحي الأسري بين الزوج والزوجة وبين الآباء والأبناء وبين الأبناء وبعضهم البعض وكيف ان الاسلام طلب من الآباء إقامة علاقة صداقة ومحبة مع الأبناء خصوصا في سن المراهقة حيث أن هناك ثلاث مراحل للتربية فقد جاء في الأثر (لاعبوا أولادكم سبعا وأدبوهم سبعا وصاحبوهم سبعا) ولذلك حث الاسلام على أن تكون مرحلة المراهقة هي مرحلة المصاحبة بين الآباء والأبناء وأن يكون هناك حوار وتفاهم بين الطرفين حيث أن المصاحبة تعني احترام كل طرف لرأي الطرف الآخر والاستماع له وعدم تسفيه رأيه.