عندما دار الحوار بين الله سبحانه وتعالى والملائكة حول آدم عليه السلام بجعله خليفة في الأرض، قالت الملائكة (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)، أجابهم الله سبحانه وتعالى بقوله: (قال إني أعلم ما لا تعلمون)، وكانت الإجابة العملية الأقوى من الله سبحانه وتعالى هو أن جعل آدم عليه السلام مميزاً بالعلم (وعلم آدم الأسماء كلها)، هذا النوع من العلم وهو علم الأشياء والأسماء وماله علاقة بالنواحي المادية انفرد به آدم عليه السلام عن الملائكة (ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم)، إن اختيار آدم لعمارة الأرض والخلافة فيها بدأ بالعلم والتعلم (قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون)، إن في السماوات والأرض والنفوس والحياة علما لايزال جله في علم الغيب عند الله ولايزال غير معروف ولم تفصح عنه الاكتشافات بعد، بدءاً من علم الأسماء والأشياء التي كشف عنها آدم عليه السلام إلى يومنا هذا حيث الحقائق عن البيولوجيا والطاقة والذرة وتعدد مشارب العلم التي سطرها القلم الإنساني بجميع فئاته وشعوبه دون تحيز وتعصب لقوم دون قوم (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم). إن أشرف العلم وأرفعه علم الإنسان بمن خلقه ومعرفة قدره ومكانته والتعرف على صفاته وأسمائه وأنبيائه ورسله وكتبه وعبادته ودعائه والتقرب إليه وتعلم ما انبثق عن توجيهاته في كتبه السماوية وماصح عن أنبيائه ورسله وهو ما يعرف بالعلم الشرعي لأن ذلك يقود إلى القسط (وأولو العلم قائماً بالقسط) ولأن الله سبحانه وتعالى أنزله بعلمه (أنزله بعلمه)، وانتدب الله سبحانه وتعالى جميع خلقه من ذرية آدم عليه السلام الذي علمه ربه علم الأسماء والأشياء الدنيوية أن يبحروا في العلم وأن يسطروا ذلك بالقلم (ن والقلم وما يسطرون) وأن يواكبوا تسطير العلم واكتشافه وسبر أغواره والتوصل إلى مكنوناته عبر كل الوسائل التقنية الحديثة وبكل الأساليب المتطورة فيما هو لايزال من الغيب في السماوات والأرض والأنفس والحياة، إن الرفعة وتقليد الأوسمة هو منهج رباني خص به الذين آمنوا كشريحة من البشر والذين أوتوا العلم كشريحة ثانية من عموم البشر (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، إن كلمة درجات تعني مستويات علمية بالنسبة للعلماء الذين رفع الله مكانتهم وقد تكون الرفعة لجميع العلماء من بني البشر وذلك في الحياة الدنيا أو هم درجات في الفضل عند الله يوم القيامة وهي خاصة بالذين آمنوا وفي نفس الوقت أوتوا العلم، ويظل بنو البشر كعلماء قليلي العلم بالنسبة لعلم الله (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ويظل فوق كل عالم من هو أعلى منه (وفوق كل ذي علم عليم).