خيمت اجواء الحرب على الدورة التاسعة والستين لمؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة، حيث اعتذر عدد من الاعضاء العرب، منهم: د. احمد مطلوب "العراق" د. شاكر الفحام ود. احمد شفيق الخطيب "لبنان"، د. عبد الهادي التازي "المغرب"، افتتحت الدورة التي تستمر لمدة اسبوعين بكلمة للدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي، قال فيها: هذا هو المؤتمر التاسع والستون لمجمعكم الموقر، ينعقد في مرحلة من ادق المراحل التي تمر بها امتنا العربية، مؤكداً ان لغتها التي هي من اهم الروابط بين ابنائها، تقف على حمايتها كتيبة مناضلة من العلماء الاجلاء، اعضاء هذا المجمع، لكي يحفظوها من الضياع، ويصونوها من الاهمال، ويؤكدوا مكانتها بين سائر لغات العالم. واشار إلى ان التطور التقني في وسائل الاتصال الحديثة يفتح امام اللغة العربية آفاقاً واسعة للانتشار والازدهار، وقال ان الفرصة امام مجمعكم الموقر اصبحت مهيأة للافادة من تلك الوسائل، لكي توضع اللغة العربية جنباً إلى جنب مع اللغات العالمية، وتقوم بدورها المأمول في تقديم الثقافة العربية، القديمة والمعاصرة، إلى كل مكان في العالم. المعاجم اللغوية القى د. كمال بشر الامين العام للمجمع كلمة اشار فيها إلى موضوع دورة هذا العام وهو "معاجمنا اللغوية: حاضرها ومستقبلها"، واكد انه موضوع ذو اهمية بالغة في هذا الوقت بالذات، حيث ينبغي ان نقف على ارض صلبة تحدد موقعنا من العالم الغائر الثائر وتنشر ثمرات جهودنا، حتى يكون لنا نوع من الاستقلال الفكري، والعملي في هذه الدنيا. والمعجم ماضيه وحاضره ومستقبله هو جامع اللبنات والمكونات للبناء، فاذا صحت اللبنات صح البناء. ومعلوم ان معاجمنا القديمة زاخرة بالمادة اللغوية والثروة اللفظية للغتنا العربية في عصور مختلفة، ولكنها مع ذلك مشوبة بشيء من النقص والقصور، يظهر ذلك مثلاً في طرائق اعداد المادة وتصنيفها وشرحها وبيان معانيها المختلفة حسب سياقات الكلام وخلوها جميعاً من وسائل التوضيح الاضافية المتمثلة في الرسوم والصور، إلى اخره. ثم جاءت طفرة حديثة نسبياً في صنع المعاجم اللغوية تحاول علاج هذا النقص القديم والتخلص من شوائب القصور فيها، حاول هذا الصنع الحديث نسبياً افراد وهيئات مختلفة وبذلوا ما بذلوا من جهد. ولكنهم حتى هذه اللحظة لم يستطيعوا الوصول إلى النموذج الاوفى والادق في صنع المعجمات. ففي بعضها نوع من الخلط والاضطراب ونقص في المواد وفي الشرح وفي التحليل، إلى اخره. وبالجملة فان معاجمنا الحاضرة لا تعدو ان تكون امتداداً للمعاجم القديمة وان بشيء من التعديل والتطوير. واوضح د. بشر انه لا بد من وضع خطة علمية دقيقة لصنع معاجم لغوية حديثة تلائم ظروف المستقبل وتتماشى مع حاجاته. ولتحقيق هذا الامل ينبغي ان نأخذ في الحسبان بعض المبادئ والمعايير التي تضمن نجاح العمل، ومن اهم هذه المبادئ والمعايير: تشكيل هيئة قومية تمثل كل البلاد العربية لوضع خطة علمية دقيقة للقيام بهذه المسئولية، واعداد الكوادر البشرية اللازمة لانجاز هذا العمل الكبير، والاستعانة الضرورية بالاجهزة الحديثة كالحاسوب، اذ ان استخدامه بطريق حصيف مدروس يوفر علينا كثيراً من الوقت والجهد، وليس من المناسب قصر العمل في هذا الميدان على اللغويين وحدهم، اذ من الضروري اشتراك نفر من العلماء في التخصصات المختلفة للاسترشاد بآرائهم والانتفاع بثروتهم العلمية في هذا المجال، وقد يكون من الضروري تصنيف المعجمات بحسب المستويات الثقافية والعمرية. ويمكن ان يسير العمل على خطوات تقوم على جمع المادة التي ينبغي ان يقوم بها الاكفاء من العارفين باللغة العربية وغيرها من اللغات، وتتلوها خطوات اخرى يعرفها الثقات ذوو الخبرة في تسيير عجلة العمل من بدايتها حتى نهايتها، من ادخال المادة في الحاسوب وتصنيفها ومراجعتها مراجعة جماعية بصورة او بأخرى، توحيداً للنفس وتنسيقاً للعمل، حيث ان العمل الفردي في المراجعة لا يفيد كثيراً. ومن الاولى مراجعة المادة، من حيث دقتها وايفائها باغراض الحياة مع الاخذ في الحسبان ما جد من جديد في الثروة اللفظية وشاع استعماله وصح بناؤه. ومن مسئوليات المراجعة - ايضاً - وسم المفردات بسماتها المميزة لها كلما امكن ذلك، من حيث كونها قديمة ام حديثة، مهجورة ام مستعملة، قليلة الاستعمال ام نادرته، معربة ام دخيلة، إلى اخره. ويبقى التمويل، وهو شأن اولي الرأي من المهتمين بقوميتهم وذاتيتهم الشخصية. المعجمات العامة والخاصة ألقى د. شوقي ضيف رئيس المجمع كلمة استعرض فيها تاريخ المعاجم العربية قديمها وحديثها. والقى كذلك محاضرة حول (المعجمات العامة والخاصة) اشار فيها إلى ان المعجمات كتب تحمل مفردات لغوية، اما لأمة، فتسمى معجمات عامة، واما لفرع من فروع الامة مثل الجغرافيين والمؤرخين والفلاسفة والادباء. فينسب اليهم، فيقال معجم الادباء مثلاً، إلى غير ذلك من فروع المعجمات، فتسمى المعاجم حينئذ معجمات خاصة. والمعجمات العامة لا تكتفي بتسجيل مفردات اللغة بل تضيف اليها تسجيل هجائها ونطقها وتأصيلها ودلالتها او معناها. وتعني كلمة معجم ازالة العجمة او الغموض. وشاركتها في وقت متأخر بنفس هذا المعنى كلمة (قاموس) التي سمى بها الفيروز ابادي معجمه، واصلها في اللغة "البحر العظيم" وسمي بها كل معجم لغوي. وتشمل المعاجم تأصيل الكلمات أي تاريخها ومصطلحاتها واصواتها، التي جعلتها تسجل في ذاكرة الحاسوب بمنطوقها الدقيق، كما جعلتها تسجل على الاقراص المدمجة وعلى شبكات الانترنت، وانفرد العالم العربي بالسبق في صنع المعجمات منذ وضع الخليل بن احمد المتوفى سنة 170 هجرية معجمه الذي سماه معجم (العين) اختاره اسماً له دون الهمزة اول الحروف الهجائية، لانه تلحقه تغيرات كثيرة، بخلاف العين من الحروف الحقلية التي افتتح بها معجمه، والتي لا يمسها تغير في الابنية الصرفية. واضاف د. ضيف انه إلى جانب المعاجم العامة الكثيرة التي وضعها العرب لالفاظ العربية، عنوا بوضع كتب للحديث النبوي ومعاجمه او للفقه والشريعة او لاي علم من العلوم. وتسمى معاجم خاصة لانها تخص القرآن الكريم او الحديث النبوي او علماً من العلوم.