الطفل مخلوق حساس يتشكل وبسهولة بالمؤثرات التي تحيط به وأهمها الأسرة , لذا ينبغي أولا وأخيرا أن تكون الاسرة تربوية اسلامية فإن كانت كذلك فلا خوف من أي احتمال مدمر , بل بالعكس نضمن تكوين شخصيته السليمة المستقبلية , فمنذ اكثر من أربعة عشر قرنا نزل كتاب الله المحكم هداية للناس يحمل في نفسه دليل اعجازه , اشتمل على الكثير من الاحكام التشريعية التي تكفل سعادة البشر وتفي باحتياجاتهم الزمنية والمكانية للحاضر والمستقبل , ومنها مناهج في التربية السليمة , ففي سورة لقمان نهج تربوي عظيم بدأ بالتربية الايمانية ( يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم) وثنى بالتربية الاجتماعية ( ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين) وحتى في حالة شركهما وجب الاحسان اليهما (وصاحبهما في الدنيا معروفا) وفي اختيار الصحبة الصالحة (واتبع سبيل من أناب الي) وفي التوجيه لمحاسبة النفس ( يا بني إنها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الأرض يأت بها الله ) (ولا تصعر خدك للناس , ولا تمش في الأرض مرحا ) (واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان أنكر الأصوات لصوت الحمير) هذا غيض من فيض من كتاب الله الكريم , ومن أقوال وأفعال رسول الله الهدى عليه افضل الصلاة والسلام تأسست أكبر مؤسسة علمية تربوية إسلامية , أفعال وضعت دعائم قلعة المؤمن المنيعة , وكلمات بليغة معدودة بنت ولا تزال تبني أمماً صالحة على مر العصور , ففي السبع الأول من عمر المسلم يكون اللعب , ومع اللعب تكون الملاحظة وتوجيه كل سلوك , ففي هذه المرحلة يحاول الطفل معرفة ردود فعل والديه على سلوكياته ليعرف الصحيح منها والخطأ , اما بعد ذلك فمرحلة أخرى من حياته , مرحلة تعليم القيم , وغرس العادات والمبادئ الحسنة وتهيئة الصغير على الاعتماد على النفس , وكيفية اتخاذ القرار , ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي التي يتم فيها بناء الفرد , المرحلة الحرجة من عمره , مرحلة المراهقة , مرحلة التمرد , ومحاولة إبراز شخصية جديدة من وحي هذه المرحلة والمطالبة بالحرية الشخصية وبلا حدود او قيود , وفي هذه المرحلة الدرس الثالث من دروس التربية الإسلامية , وهو أسلوب الحوار المنطقي , دون فرض سيطرة او عنف , فمن أروع المواقف التربوية ما أخرجه الإمام أحمد بإسناد جيد عن أبي أمامه أن فتى شابا أتى للنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتأذن لي بالزنا , فزجره القوم ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أدناه منه وحاوره حواره اقنعه بأسلوب هادئ يملؤه الحب , سأله: أتحبه لأمك ؟ قال لا والله قال / أتحبه لابنتك ؟. قال لا والله قال أتحبه لأختك؟ . وكذلك ذكر له العمة والخالة , وأن لا أحد من الناس أيضا يحبه لأهله , ثم دعا له بأن يغفر الله ذنبه ويطهر قلبه ويحصن فرجه , فلم يكن بعد ذلك أبغض للفتى من الزنا؟ هكذا تكون التربية و لين وسعة صدر , واحتواء , وقناعة ذاتية وبنا ضمير الفرد , اما التربية العشوائية فدمار وهلاك , كماأن الاهتمام الزائد كالإهمال وبالالتزام الكامل بمناهج الشريعة ومبادئها تتم عملية صياغة الأبناء بنجاح والجدير بالذكر والذي أحب أن أضيفه هنا , زواج شبابنا من اجنبيات من غير ديننا , وتربية الأطفال في مناخ غير صحي يفرز جيلا أبعد ما يكون عن الاسلام , وهذا مما يؤسف له , حتى لو اسلمت الأم فمن يكون خال أطفالها من هو جدهم (أبوها) وما دعاني لإضافة هذه الفقرة سوى حديث طفلة عربية تعيش في أمريكا , من أم أمريكية تتحدث لإحدى صديقاتها : كثر الشجار بين أبي وأمي , وأنا انتظر فقط السن الذي يسمح لي فيها بترك العائلة والعيش في مكان آخر , تصوروا ما يحدث لأبنائنا فلو فكر شبابنا قبل الارتباط بالأجنبيات بأبنائهم , وما يسببونه لهم , وكيف تعجز مؤسساتهم عن القيام بوظائفها التربوية في جميع مراحل نمو أبنائهم لما تزوجوا من اجنبيات , وعذرا عندما اقول لمن يتزوج من غير ديننا انت مخطئ.