مع بداية القرن الواحد والعشرين.. وما سبقه وصاحبه من تغيرات جذرية في العلاقات والمعاملات الدولية خاصة فيما يتعلق بالتحولات الاقتصادية العميقة في نظام الاقتصاد العالمي والتي تبلورت وتمحورت في العقد الأخير من القرن الماضي ضمن ما اصطلح على تسميته بالعولمة الاقتصادية.. فقد أوجدت هذه التحولات تحديات وصعوبات كثيرة ومتعددة على الدول التي يطلق عليها مجازا الدول النامية والتي منها بالطبع الدول العربية كلها.. واكبر تلك التحديات التي ستواجه الدول النامية هو ارتفاع وتيرة المنافسة الاقتصادية حيث لا مكان للكيانات الضعيفة او المنتجات متدنية الجودة. ويجمع الخبراء والمحللون المعنيون بدراسة عناصر المنافسة الاقتصادية على ان مستوى التعليم والتدريب للقوى العاملة ومهاراتها هو السلاح التنافسي الحاسم. هذه النتيجة العميقة في معانيها ودلالاتها تشير بوضوح للدول التي تريد ان تضع لنفسها موقعا على خريطة المنافسة الاقتصادية الدولية بأن عليها الاهتمام بتطوير وتنمية العنصر البشري - تعليما وتدريبا - ذلك لان الانسان هو الذي يصنع التنمية الاقتصادية وهو ايضا هدفها ومبتغاها.. ومن ثم يترتب على تلك الدول ان تولي اهتماما كبيرا ومتزايدا بتنمية القوى البشرية باعتبارها الثروة الحقيقية للوطن والطاقة الأساسية الكفيلة بانجاز التقدم وتحقيق نمو وازدهار الاقتصاد.. وهذا يعني التركيز على بناء الفرد المنتج والقادر على استيعاب المستجدات العلمية المتسارعة الخطى ومن ثم تكوين اجيال مؤهله لحمل أعباء مسيرات التنمية في بلادنا والتي لم تبرح مهدها منذ الاعلان عن ولادتها ولا يتأتى ذلك الا بوضع خطط طموحه لبرامج التعليم تلبي متطلبات التنمية واحداث التغيير المطلوب في افراد المجتمع. لقد باتت الحاجة ماسة وملحة لاعادة النظر في مناهج وطرق التعليم المعمول بها في مؤسساتنا التعليمية ابتداء من المرحلة الأولية - تمهيدي وابتدائي - ومرورا بالمرحلتين المتوسطة والثانوية والتعليم الفني وانتهاء بالتعليم الجامعي وما في مستواه وتخليص تلك المناهج من الحشو الذي لا يفيد ومن ثم تطويرها بحيث تعتمد اسلوب اعمال الفكر وتنشيط الذاكرة والاستفادة من المعطيات العلمية الحديثة في مجال استخدام الوسائل التعليمية وتهيئة المناخ الدراسي الذي يعمل على اكتشاف المواهب وتنميتها وتمكينها من مفاتيح علوم العصر. نعم.. الاهتمام بنظام التعليم هو الأساس السليم لبناء اقتصاد قوي ومتين.