دمار ما بين الرافدين مهد الحضارات السامرائية والبابلية والآشورية التي ابتكرت الكتابة والحساب وبنت أولى مدن العالم، دمار في العلوم قبل الأرواح، دمار في رموز وأصل الحضارة الإسلامية قبل أن تكون دمارا في القلوب والنفسيات، دمار في الأمان والامن والاستقرار، دمار في القيم والمبادىء، غابت قوى البطش والطغيان لتحل محلها الفوضى والنهب والسلب على مرأى ومسمع ممن يسمون أنفسهم بالمحررين، وضاعت آثار حضارة الأمة العربية عندما تعرض متحف بغداد الأثري الذي يحتوي على أكبر مجموعة من الآثار إلى عمليات نهب التراث الثقافي، رحمة يا رب بشعب العراق من سوء ما وقع بهم فهم عبيدك فلا تجعلهم كالمستجير من الرمضاء بالنار، هذا الشعب اليتيم الذي يضيع لو لم تحضنه قلوب العرب والمسلمين فوراً وبدون أي تأخير أو تأجيل، لا نعرف قيمة الأمان حتى يفر الأمان من بين أيدينا، أتذكر عندما ظهرت شائعة السفاح، وهي شائعة فقط، ولرجل واحد فقط كم تأثرت بعض الأسر وخاصة النساء والأطفال لمجرد شائعة فكيف بهذا الشعب الذي أصبح مخذولاً وبدون سلطة تحمية وبدون أمن والفوضويون المجرمون وبعضهم يحمل السلاح يرعبون هذا الشعب الشقيق المنكوب أشعر بهلعهم وأشاركهم محنتهم مع دعائي الدائم لهم بالأمن والسلامة وأرجو أن تشاركوني الدعاء لهم ولا أشك انكم تفعلون وربما كنتم السابقين لأننا مسلمون جسد واحد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، أسمع اليوم حديث مواطن عراقي يجيب بأن لا سلطة تحفظ الأمن والسلطة الحقيقية لمن يحمل سلاحاً، وأكثر ما أخشاه حربا اهلية طائفية تأكل الأخضر واليابس، بدأت بالسرقة فأصبحت الممتلكات سبيلا للجميع ولمن له القدرة على النهب بالسلاح أو بغيره، المكتبات التي تمثل الحضارة العربية أصبحت أرضا مشاعا للأقوى الذي يتقن السطو والسرقة، المكتبات العامرة بالمخطوطات العربية التي هي أثمن من كل كنوز الأرض وكنوز العلم والمعارف التي تكتظ بها هذه المكتبات أصبحت في أيدي الغوغائيين، حتى المستشفيات ومخزونها الطبي يتعرض للسلب والنهب، الوضع مأساوي للغاية، نهب واحتراق فنادق ومراكز تجارية وفوضى عارمة، سيارات تحمل بالممتلكات ولا تكفيهم سرقة مؤسسات ومحلات ووزارات بل يحرقون ما تبقى. الوضع كارثي والأوضاع مأساوية حتى عربات الإسعاف تسرق والأدوية تنهب ، أوضاع غير مطمئنة. معركة غير متكافئة منذ البداية ومعروفة نتائجها فلماذا المكابرة ؟ ولماذا لم تكن التضحية من واحد لأجل عشرين مليونا وليس العكس كما حدث، تفكير أخرق ومنطق دموي أحمق والشعب الأسير من نظامه والأسير من آلامه وأوجاعه كبش الفداء والضحية، عانى الكثير ودفع الكثير ولا زال يدفع الثمن مع مصيره المجهول وتحت غيوم المستقبل بسبب حسابات خاطئة وتصرف مجنون .