في ظل تسارع الاحداث التي جلبت بطريقها وابلا من المتغيرات وركاما من التحديات وقفت في طريق استقرار النظام في السوق النفطي محدثة بعض الارباكات في توازن الطلب والسعر، تعقد منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) مؤتمرا وزاريا استثنائيا اليوم في العاصمة النمساوية فيينا مقر المنظمة. لقد ادت الاحداث الاخيرة التي تولدت منذ بدء التهديد بشن حرب على العراق وصولا الى مرحلة ما بعد انهاء الحرب الى احداث قفزات عالية بالاسعار بنفس الوقت الذي حافظ فيه مستوى الطلب على ارتفاعه، على الرغم من كل المحاولات الوقائية والعلاجية التي مارستها منظمة (أوبك) التي كانت تقصد من خلالها ضمان الاستقرار وثبات الاسعار ضمن الحدود المعقولة والمستهدفة . ومع انحسار الحرب، بدأت هنالك بعض المخاوف تشير الى احتمالات حدوث تدهور كبير فى اسعار النفط الخام يلازمه ضمور شديد قد يصيب حجم الطلب نتيجة اغراق السوق النفطية قبل وابان الحرب. وستشكل هذه الحالة المحور الرئيسي والاهم في نقاشات وزراء المؤتمر، حيث سيتم التركيز على بحث امكانية خفض معدلات الانتاج للتقليل من وفرة المعروض من النفط في السوق حاليا وتراجع الطلب العالمي على الخام في هذه الفترة. ويعتبر المراقبون هذا المؤتمر بان له طبيعة خاصة غير تقليدية بسبب تسارع الاحداث في العراق وامكانية عودة العراق الى معدلاته الانتاجية المرتفعة عندما كان ينتج اكثر من ثلاثة ملايين برميل في اليوم . اضافة الى مسألة عضويته بالمنظمة وتقدير حصته ضمن حصص الدول المنتجة الاعضاء بالمنظمة، والتي بقيت خارج اطار حصص المنظمة لمدة تزيد على عشرة أعوام. واعترفت مصادر اوبك بان المنظمة تواجه صعوبة في مسألة تمثيل العراق في هذا المؤتمر بسبب الفراغ السياسي وعدم تعيين حكومة جديدة في بغداد.وتردد بان اوبك وجهت الدعوة الى ممثلي النظام المنهار وبينهم القائم بالاعمال في فيينا لحضور الاجتماعات بدعوة ان المنظمة لا تريد ان يظل مقعد العراق شاغرا خاصة وان النمسا والتي هي مقر المنظمة لم تسحب اعترافها بعد بالقائم بالاعمال العراقي وستة اخرين من الدبلوماسيين والاداريين العاملين في السفارة العراقية في فيينا. ومن المتوقع أن يخرج المؤتمر اليوم بتوصيات وقرارات من شأنها اعادة التوازن من جديد الى السوق النفطي حيث تشير كافة التوقعات الى اتخاذ قرار بتخفيض مستوى الانتاج بما يوازي حجم الفائض الفعلي والذي يقدر بمليوني برميل يوميا . لقد اثبتت المنظمة غير مرة أنها قادرة على بسط سيطرتها على نظام السوق النفطي لما يخدم مصلحة المستهلك والمنتج ، حيث مضى عليها الكثير من الظروف التي جعلتها قادرة على مراقبة السوق عن كثب وتستشعر بدقة كل ما يحتاجه السوق . وفي هذا الاطار فقد أكد رئيس المنظمة الحالي عبدالله العطية ان هناك اعترافا دوليا بدور منظمة (اوبك) في اعادة استقرار السوق النفطية في الأزمة الأخيرة التي عصفت بفنزويلا ونيجيريا بالاضافة الى الأزمة العراقية. وأكد ان هناك تعاونا بناء ومجديا بين منظمة أوبك ومنظمة الطاقة الدولية حاليا أفضل من السابق. مشيرا الى ان المنظمة أثبتت للعالم انها على مستوى المسؤولية وتدخلت في الوقت المناسب لاعادة التوازن بين العرض والطلب . وأشار رئيس المنظمة الى انه باعتراف حتى المستهلكين الكبار بأن أوبك لها أهمية من وجودها في تدخلها لاعادة التوازن بين العرض والطلب سواء صعودا أو هبوطا بالاضافة الى حماية الأسعار والدفاع عن السعر المناسب للمستهلك والمنتج في نفس الوقت ، مبينا ان هناك حاليا فائضا في السوق النفطية يقدر بنحو مليوني برميل يوميا واذا لم يتم ضبطه على المدى الطويل فان أسعار النفط ستتراجع، و ان لم تأخذ منظمة أوبك اجراء سريعا فان الفائض قد يصل الى أربعة ملايين برميل يوميا وذلك بافتراض عودة العراق ونيجيريا الى طاقتيهما الانتاجية الكاملة .