كثر في هذه الايام الحديث عن هذا الموضوع بشكل لافت للانظار فكل يناقش الموضوع من زاويته التي يبتغيها فمن الناس من يتكلم عن الزيادة الكبيرة في اعداد النساء وان نسبة العوانس فيهن زادت بشكل كبير وهو ينوي التعدد مستدلا بقوله تعالى وهو اصدق القائلين سبحانه (وانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة) ومنهم من يتحدث عن عدد العوانس لدراسة المشكلة من جوانبها المختلفة والاسباب المؤدية لها وبصرف النظر عن منطلقات هؤلاء الناس واهدافهم التي يرمون لها فنحن كمدخل لهذا الموضوع يجب ان نتفق على معنى العنوسة ومتى تصبح المرأة عانسا: ليس هناك معنى للعنوسة يمكن الاتفاق عليه بشكل قاطع ويمكن ان نقول كتعريف لهذا المصطلح ان العانس هي من بلغت سن الثلاثين سنة من العمر ولم تتزوج. ومصطلح عانس يحتاج الى مراجعة لاننا لو قلنا امرأة عانس فاننا سنقول ايضا رجل عانس وهذا ما لا يجوز عقلا ونقلا ولكن دعونا نتفق مؤقتا على كلمة آنسة فما هي الاسباب وراء جعل هؤلاء الآنسات العزيزات يحصلن على لقب (عانسات)؟ اولا: ماتراه المرأة اصلا من النماذج السيئة والقصص المثيرة لبعض الزيجات الموجودة من حولها التي يقع فيها كثير من الظلم على المرأة من قبل بعض الرجال ومن الاهانة والاضطهاد لها فبعضهم يضرب امرأته وبعضهم يسبها ويهينها مما يجعلها تقول(احسن لي اقعد في بيت ابوي بلا زواج وبلا وجع راس) لا بل اكثر من ذلك انه يعتبر مساعدتها في دخول المطبخ نقيصة في حقه مع انه غاية التعاون والاخلاق والكمال وعلنا نجد قدوتنا في ذلك حبيبنا المصطفى النبي المجتبى الذي قالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها انه كان في خدمة اهله ومعاونتهم ولم ينقص ذلك من حقه او يقلل من قيمته صلوات ربي وسلامه عليه وهذا الامر قد يجعل الزوجة ترضى بلقب عانس على ان تحظى بلقب مطلقة وحفنة اولاد. ثانيا: الاتكالية الكبيرة من بعض الازواج وعدم تحملهم المسئولية الملقاة على عاتقهم فنجد كثيرا من البيوت تتحمل فيها المرأة اما كانت او زوجة مسئولية كبيرة او على الاقل الجزء الاكبر في الانفاق على المنزل وادارة شئونه والزوج العزيز مع شلته لاه وقد تلعب التربية في ذلك دورا اساسيا فنجد ان ولي امره منذ صغره لم يركز على هذا الامر ناسيا هذا الزوج او متناسيا قوله تعالي (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) الى آخر الآية وقد يسىء بعض الازواج هداهم الله فهم هذه الآية فيعتقدون ان التفضيل الوارد في هذه الآية هو تفضيل في التفاوت في القوة الجسمية للرجال دون ان يعرفوا ان هذا التفضيل الوارد في الآية هو تفضيل في الدور الذي يؤديه الرجال في العبادات والمعاملات التي تتفرع منها المعاملة الزوجية وتعامل الزوج مع اهله. ثالثا: المفاهيم الخاطئة والامثال الممجوجة التي نجترها في حياتنا اليومية والتي تمس كرامة المرأة ظاهريا وان كانت لا تؤثر فيها بشكل حقيقي مثل (ظل راجل ولا ظل حيطة) عند اخواننا المصريين او لدينا هنا عندما نقول (المرأة ما لها الا زوجها وبيتها) حتى وان كان هذا البيت يحوي في جنباته زوجا فاسقا مستهترا لا يدرك المعاني السامية للحياة الزوجية وان هذه الحياة حياة تكاملية وليست تفاضلية فلكل منهما دوره الذي يكمل الآخر. رابعا:يجب علينا ايضا ان نذكر ان بعض الآباء قد يسهمون في افشال بعض الزيجات باشتراط بعض الشروط العسيرة من طلبات او ان يشترط اخذ راتب ان كانت هذه البنت موظفة او غير ذلك من شروط لاتجوز ولا تصح وكذا المساومة من بعض اولياء امور البنات هداهم الله والمزايدة في المهور فيختارون من يدفع اكثر او من يحمل مؤهلا اعلى وهذا ليس من ثوبنا او ليس من مستوانا المالي بلا اهتمام بسعادة ابنتهم ومستقبلها القادم مخالفين حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وقد يتحمل الخاطب من الاعباء ما لا يطيق مما يحكم حياته الزوجية مستقبلا بعدم الاستقرار فيصبح هذا الرجل غير مطمئن فهذا البنك يطلبه قرضه وذلك الشخص يسأله دينه ويتوعده ان لم يوفيه حقه فانه سيرفع الامر للجهات المسؤولة مما يؤدي بالزوج الى القلق وقد ينعكس هذا في المعاملة السيئة لزوجته ذون ذنب اقترفته وانما بسبب والدها الذي اوقعه في هذا المأزق الصعب فنقول لهؤلاء الاباء: اتقوا الله واعدلوا في بناتكم ولا تقفوا حجر عثرة في سبيل سعادتهن حتى وان كان هذا الخاطب متزوجا من قبل ولكنه انسان يقدر الحياة الزوجية ويقارب البنت في العمر والتفكير. ونحمد الله على انها لم تصبح ظاهرة فهي مازالت مجرد مشكلة موجودة في كل المجتمعات بشكل اكبر مما لدينا ولكن المسألة امر طبيعي نظرا للزيادة الكبيرة في الاعداد وان هذا الوضع هو ما اخبر به الدين الحنيف بان نساءنا سيفقن في اعدادهن اعداد الرجال واعطى له العلاجات الناجعة قبل ظهور المشكلة وقبل وجودها على الميدان المشاهد واضحى على العلماء والمثقفين بكافة شرائحهم ان يقوموا بادوار عديدة في هذا الشان كل في اختصاصه من خطباء الجوامع والمساجد وكتاب الصحف والمجلات والمرشدين النفسيين كي يدرسوا الحالات ويصفوا الحلول لهذا المشكلة اشتقاقا من كتاب الله وسنة نبيه الكريم عليه افضل الصلوات والتسليم مما يعود في النهاية على المجتمع بالنفع والفوائد الجمة. عمرو بن ابراهيم محمد العمرو