للوزير قلب، وقلب كبير أرهف من قلوب العذارى.. ويزداد هذا القلب حبا للجميع إذا حمله جسد شاعر وعقل مثقف وطموح وزير. سنشرب الماء الزلال.. بقليل من الصبر أو الكثير منه، معالي وزير المياه الدكتور غازي القصيبي يتجاوب مع موضوع (نريد أن نشرب من البحر) بهذا المقال. إلى الابن العزيز فائق الهاني. بكثير كثير من التأثر قرأت رسالتك الجميلة (نريد أن نشرب من البحر) هذه الرسالة التي تجاوزت.. الهاتف.. والمقعد.. والطاولة.. والسكرتير.. واليافطة الكبيرة.. حتى دخلت مباشرة إلى قلبي. وصدقني، أيها الأبن العزيز، أن للوزراء، على خلاف ما يتصور البعض، قلوبا! أريد أن أعترف لك، وللقراء، انني أتمنى، كل لحظة من كل يوم، أن تكون لدى المسؤول تلك القوة الاسطورية الخرافية التي يتمتع بها الفنان. أنا استطيع، في شعري، أن أحقق مالا يتحقق في عالم الواقع، متبعا منهج اسلاف لي في القبيلة، فمنهم من (هتك حجاب الشمس)، ومنهم من (ملأ البحر سفينا)، ومنهم من جعل (كل الناس غضابا)، ومنهم من عين الدهر موظفا في الارشيف، مهنته (رواية قصائده). ولكن المسؤول، أيها الابن العزيز، رغم القاب التفخيم والتعظيم، والمبنى الفخم، والمكتب الشاسع، لا يستطيع أن يتمرد على واقعه كما يستطيع الشاعر أن يفعل. المسؤول، مهما بلغ حرصه على سقاية الناس، لا يستطيع حفر بئر واحدة بدون اعتماد. والمسؤول، حتى عندما يحرقه العطش الذي يحرق الناس، لا يستطيع فعل شيء بلا مناقصة. هذا على أية حال ليس عذرا للتقصير فلا شيء، في نهاية المطاف، يبرر التقصير.. و(على الذي لا يتحمل الحرارة أن يغادر المطبخ).. كما يقول المثل الغربي الطريف.. والوزير لم يجبره أحد على قبول لقب (صاحب المعالي) بل أقدم عليه هاشا باشا مرحبا.. رغم ما يقوله البعض.. ورغم ما يتصوره البعض الآخر. والوزير المسؤول عن الماء حتى في الصحراء المجدبة عليه أن يقدم للمواطنين الماء.. أو يرحل غير مأسوف عليه.. أحسبنا نتفق على هذا كله. حسنا! لا أطلب منك ومن المواطنين بعد ذلك إلا الصبر.. القليل منه.. وربما الكثير.. وبعون الله ثم بهمة الرجال.. ستشرب البحر حلوا.. في الجبيل الآن، أكبر محطة لتحلية المياه في العالم.. وعن قريب أقل من ثلاث سنوات سوف تكون بقربها محطة أضخم منها.. وسوف تكون للمحطة شقيقات في البحر الأحمر.. وسوف يكون في الماء.. ماء.. وسوف تزول الملوحة التي تجرح شفاهي قبل أن تجرح شفاهك.. ولكن المشوار لن يكون سهلا أو قصيرا يجب أن نتعاون، كلنا ، لوقف الهدر. ويجب ان نتضامن كلنا للتخلص من أوهام قادتنا إلى استنزاف مخزوننا المائي ويجب أن نتذكر، كلنا، أننا نعيش في صحراء.. ويجب أن نتعامل مع الماء تعاملنا مع جوهرة ثمينة. لا.. هو أثمن من الجوهرة الثمينة. هو جوهر الحياة.. ولك من المسؤول الذي يتشرف بخدمتك، أنت وبقية المواطنين، عاطر التحية وصادق المودة.