درجت اسرائيل خلال سنوات الانتفاضة الحالية على قتل الجرحى الفلسطينيين اما من خلال منع سيارات الاسعاف من الوصول اليهم واما باعتقالهم وهم ينزفون. وبرز ذلك بشكل اساسي في مدن جنين ونابلس وطولكرم خلال عمليات اجتياح محدودة المدة سبقت الاجتياح الاكبر في شهر أبريل الماضي حيث بقي الجرحى ينزفون في الشوارع والازقة عدة ايام ولم يتمكن المواطنون العاديون الذين يسكنون في نفس المكان من الوصول اليهم واسعافهم داخل المنازل بسبب فرض منع التجول الذي يرافق مثل تلك العمليات. وفي مدينة نابلس وخلال عملية السور الواقي تمكن عدد من الاطباء من تحويل المسجد الكبير على مشارف البلدة القديمة قبيل العملية الى عيادة طبية لتقديم الاسعافات الاولية للجرحى لكن ورغم اعداده جيدا لم تفلح التجهيزات في انقاذ حياة الجرحى او حتى تقديم الاسعاف لهم لخطورة الاصابات فقد استخدمت اسرائيل كافة انواع الاسلحة المتطورة. واعتبر رئيس الاغاثة الطبية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي ان سياسة منع الطواقم الطبية من تقديم الاسعاف للجرحى سياسة ممنهجة تهدف اسرائيل من خلالها الى قتل اكبر عدد من المدنيين الفلسطينيين. واضاف في مقابلة مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) هنا ان الجنود الاسرائيليين اعتقلوا قبل يومين طواقم الاسعاف التابعة للاغاثة الطبية ومنعوهم من الوصول الى الجرحى في البلدة القديمة. وقال الدكتور البرغوثي انه خلال اجتياح القوات الاسرائيلية لبلدة بيت ريما قبل عام ترك الجنود الجرحى ينزفون بين اشجار الزيتون حيث استشهد خمسة منهم بسبب عدم اسعافهم مشيرا الى أنه اعطى تعليمات طبية على الهاتف لعائلة كانت تحاول انقاذ حياة احد الجرحى رغم ان الطبيب لم يبعد عن المكان سوى 50 مترا. وأضاف أن عددا من الاطباء وطواقم الاسعاف استشهدوا بعد اطلاق النار عليهم اثناء توجههم الى اسعاف الجرحى كما حصل مع الدكتور خليل سليمان الذي استشهد وهو داخل سيارة الاسعاف في مخيم جنين وكذلك سائق سيارة الاسعاف الذي حاول اسعاف الشهيد الطفل محمد الدرة. ويوم الخميس الماضي ارتكبت جرائم متسلسلة بدأتها في بلدة قباطية القريبة من جنين حيث اغتالت القوات الاسرائيلية احد كوادر الجهاد الاسلامي. واغتالت ايضا ثلاثة فلسطينيين في رام الله بعد قتلها ثلاثة فلسطينيين في نابلس وطولكرم وتركت القوات الاسرائيلية عددا من الجرحى ينزفون في حوش العطعوط في البلدة القديمة من نابلس واعتقلت احد حراس مستشفى رام الله بعد اطلاق النار عليه. وحسب مدير قسم الطوارىء في مستشفى رام الله الدكتور محمد عيده فان افراد القوات الخاصة الذين اطلقوا النار على الشاب سامر الشمالي وهو داخل غرفة الحراسة الخاصة بالمستشفى انتشلوا الشمالي من غرفته وهو جريح وسحبوه مسافة تزيد على عشرة امتار ومن ثم القوا به على الارض بطريقة وحشية ووضعوه في سيارة جيب عسكرية دون تقديم الاسعاف اللازم له. وقال فادي جرار وهو سائق سيارة اسعاف في الهلال الاحمر الفلسطيني ان جنودا اسرائيليين اختطفوا منه جريحا يدعى سفيان العارضه من داخل سيارة الاسعاف أصيب بجراح خطيرة وينزف بشدة رغم محاولته منعهم لكنهم اصروا على اعتقاله والتحقيق معه ولان حالته الصحية لم تسمح باستجوابه اطلقوا سراحه بعد ساعة وكان قد نزف كثيرا حتى توفي. اما الجريح فائد الريماوي فقد اعتقل بعد اصابته بالكتف خلال اجتياح الاسرائيليين لبلدة بيت ريما قرب رام الله وظل ينزف وهو معصوب العينين ومقيد اليدين دون ان يتلقى العلاج اللازم حتى كاد يخسر كل دمه. ولم يكن حال الجريح سامر رمضان من قرية تل بنابلس أفضل فقد ترك وهو ينزف مدة ساعة ومن ثم تم نقله بواسطة طائرة مروحية الى احد المستشفيات في اسرائيل وعندما حاولت والدته زيارته رفض طلبها. والاسرى الذين يتم اعتقالهم وهم جرحى لايحظون بالعناية الطبية الكاملة ويبقى الجريح على سريره مقيد اليدين والقدمين ومحاطا بحراسة مشددة ويكتب على سريره كلمة (مخرب) فيمتنع الاطباء والممرضون عن تقديم الرعاية الطبية اللازمة له ويوجهون له الشتائم. واعتبر شعوان جبارين منسق مؤسسة الحق ان اعتقال الجرحى يعد انتهاكا لحقهم في تلقي الخدمة الطبية السريعة وهذا مايعرض حياتهم للخطر مضيفا أن ماتقوم به اسرائيل يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تعتبر اسرائيل طرفا فيها وانتهاكا فاضحا لمواثيق حقوق الانسان. واضاف ان المحققين يمنعون العلاج عن الجرحى بحجج امنية ولكنهم في الواقع يستعملون الاصابة كنقطة ضعف يضغطون بها خلال التحقيق لانتزاع اعترافات من الجرحى. مواكب التشييع ظاهرة يومية