هل النشاط الحركي اليومي هو تمرين للعضلات؟ سؤال يحير الجميع أكان مصابا بإعاقة أم لا! ولكن من بين الأكثر حيرة مصابو الشلل!! عندما بدأ مصابو الشلل في قطاعات مختلفة من العالم, الشكوى من ظهور عوارض جديدة من الإرهاق والألم والضعف, كثرت الدرسات التي بحثت عن السبب وبعد كثرة التمحيص والتدقيق اقترن السبب بسوء التأهيل والتدريب الذي خضع له المصابون وإلى نمط الحياة التي سلكوها. أشارت الدراسات أن التركيز في تأهيل مصابي الشلل كان على العمل المضني والتدريب المستمر واتباع حكمة استنقذها أو اخسرها (أي حرك العضلات ودربها لآخر مداها وإلا خسرتها). هذه المقولة وهذا التدريب ساهم بشكل كبير في ظهور المضاعفات اللاحقة. ماذا نفعل؟ نحن ندرك أن قلة الحركة تضعف العضلات وتوهنها. لكن كثرة الحركة خاصة للعضلات التي تشكو من مشاكل, تسرع في اضمحلالها. يشترك النشاط الحركي اليومي وأداء التمارين في أن كليهما يساعد على استهلاك سعرات حرارية من قبل الجسد وأنهما يساهمان في تحريك العضلات والمفاصل ويحافظان على فعالية وإنتاجية الفرد. لكن يجب التمييز أن أداء التمارين هو الذي يؤدي إلى زيادة القدرة على القيام بالنشاط الحركي اليومي. النشاط الحركي (الفيزيائي) اليومي هو الحركة التي يقوم بها الإنسان يوميا لأداء مختلف الأمور الحياتية من السير إلى العمل إلى الاعتناء بالذات إلى الترفيه وما شابه ذلك. بينما التمارين هي برنامج من الحركات الجسدية محكم البنية مخطط بدقة معتمد على التكرار. من أهداف التمارين زيادة لياقة وصحة العضلات لرفع مستوى الأداء عند القيام بالنشاط الحركي اليومي. فالشخص, بشكل عام. معاقا أم غير معاق, يقوم بالتمارين والتدريبات ليحافظ على ليونة عضلاته ومفاصله وليزيد من القوة العضلية لكي يستطيع القيام بنشاطات تتطلب جهدا فيزيائيا, إضافة إلى عمله لتحسين أداء أجهزة الجسد الداخلية (الجهاز التنفسي, الجهاز الهضمي, الدورة الدموية, سلامة القلب,....) لن ننسى بالتأكيد التأثير الإيجابي للتمارين على الصحة النفسية فهي, وباعتراف كل ممارسيها, تخفف من الكآبة والضغوطات. لا يختلف الأمر كثيرا عند التكلم عن مصابي الشلل! ولكن ما يجب الاعتماد عليه في بناء برنامج التمرين يجب أن يتركز على الخصوصيات الفيزيائية الحياتية لمصابي الشلل. فلا يوجد هنا معادلات عامة تنطبق على جميع المصابين. هذا ما نراه عادة في الأندية الرياضية حيث توجد معادلات صحية عامة تتبع بدون تمييز بين الأفراد للحصول على اللياقة البدينة المطلوبة. ولكن مع المصاب بشلل الأطفال فيجب أن تكون هناك جلسة خاصة بين المعالج الفيزيائي والشخص, يقوم فيها المعالج بدرس دقيق وإجراء تقييم لحال العضلات والمفاصل وتحديد ما الذي يعمل والذي لا يعمل. يعتمد المعالج لإجراء تقييمه هذا على فحص يدوي للعضلات والمفاصل وتحديد أماكن القوة والضعف. في البلاد الغربية تضاف تقنيات آلية ( تعمل بواسطة الآلات) للوصول إلى تحديد بمنتهى الدقة! بعد الانتهاء من التقييم الأولي يبني المعالج والمصاب سويا البرنامج التدريبي. سنركز هنا على اشتراك المصاب نفسه في عملية بناء خطة التدريب. سبق وذكرنا أن المعادلات الصحية ليست عامة بالنسبة لمصابي الشلل, وهي خاصة تبعا لخصوصية كل فرد وطريقة حياته ونشاطاته. من هنا أهمية التدخل المباشر للمصاب في عملية بناء برنامجه العلاجي. بعد البناء يجري التطبيق. يبدأ مصاب الشلل بتنفيذ التمارين بترو, يراقب خلالها ويلاحظ نقاط قوته وضعفه, ما حدود نشاطه وما يمكنه القيام به. بناء عليه تجري التعديلات التي تلائم المتغيرات التي طرأت عند التنفيذ ويستمر الشخص بتطبيق برنامجه. تقول الدراسات أن أفضل ما توصل إليه الباحثون العاملون في هذا المجال أن البرنامج التدريبي المعتمد على تمارين المد والتقوية وتمارين الحفاظ على سلامة عمل القلب والأوعية الدموية وهو الانجح في الحفاظ على النشاط الحركي اليومي (وفي بعض الأحيان على تقدمه) لمصابي الشلل. هدف تمارين المد هو الحفاظ على الأداء العام للشخص وتعزيزه. تركز التدريبات هنا علىمد العضلات والمفاصل للحفاظ على ليونتها وبالتالي على قدرة الشخص على تحريك أطرافه بسهولة وبدون ألم أكان ذلك للوصول لشيء ما أو للسير. أفضل التمارين التي تحافظ على سلامة القلب والأوعية الدموية هي السباحة. يجب أن تكون السباحة في مياه دافئة, فالماء البارد يضر العضلات بحيث يخفض حرارتها فتتقلص قدرتها على العمل. نادرا ما يحصل مصابو الشلل على هذه الرفاهية في منطقتنا ( أداء التمارين في أحواض مياه دافئة) ما يمكن الاستعاضة عنه للحصول على نتيجة مشابهة هو استمعال الدراجة الثابتة وآلة السير. ولكن يمكن لهاتين الآلتين أن تكونا غير مناسبتين لبعض المصابين, لذلك استشارة المعالج الفيزيائي واجبة. القاعدة هنا مارس الأشياء التي يمكنك القيام بها والتي تمدك بالأحساس الجيد وتشعرك بالتحسن. ثالث عنصر في برنامج التدريب هو تمارين التقوية. يختلف الباحثون والدارسون والمعالجون بجدوى اتباعها, فالبعض يحذر من أنها تعيد إلى الأذهان البرامج القديمة في التأهيل التي اعتمدت على مبدأ التقوية وأدت إلى ظهور المضاعفات والبعض الآخر يقر بضرورتها مع التشديد على أن يتبع نظام تدريجي في تقوية العضلات المهمة (أي التي يعتمد عليها الشخص في حياته للقيام بمختلف المهام) في الأداء العام للشخص. فعند تقوية العضلات يصبح من الأسهل حمل الأشياء والقيام ببعض المهام التي تتطلب قوة عضلية مثل السير وصعود السلالم. للحصول على نتائج أفضل في التدريب يمكن اتباع النقاط التالية (وهذه تبعا إلى الطبيب المختص لورو هالستد. الجدير ذكره أن الدكتور هالستد مصاب بالشلل والمضاعفات): @ توقع التقدم: حتى وإن لم يكن فيزيائيا كما تريد فلا تنسى الناحية النفسية. @ استمع إلى جسدك: تنبه إلى علامات الألم والإرهاق والضعف. هذه مؤشر على أن العضلات قد عملت فوق طاقتها. استرح أو عدل البرنامج تبعا لما تراه (أنت والمعالج مناسبا. @ وزع في السرعة: أي التناوب في السرعة عدم أداء التمارين بسرعة كبيرة مع أخذ فترات من الراحة. أظهرت هذه الطريقة نجاعتها في زيادة القوة العضلية لدى بعض الأشخاص. تتراوح فترات التدريب بين 2-5 دقائق للتمارين توازيها نفس الدقائق من الراحة. @ استعمل العضلات الجيدة: ابتعد قدر المستطاع عن العضلات المتأثرة كثيرا بالشلل وركز على العضلات الأكثر قوة وفعالية لأنها هي التي تقوم بمعظم العمل اليومي. @ استعد بالتحمي وانتهي بالتبريد: ابدأ فترة التمرين ببعض نشاطات التحمية التي ترفع درجة حرارة العضلات مثل السير ببطء دوران الساعد أو رفع الساقين لمدة 5 دقائق حتى تدفأ العضلات ويبدأ دوران الدم في الجسد . عند الانتهاء قم بالنشاطات بطيئة أيضا لتبطئ نبضات القلب وتبعد أي شعور بالدوخة, الذي يظهر عادة عند إيقاف التمارين بشكل مفاجئ. نقلا عن نشرة دعم مصابي الشلل