إن كان بعض علماء النفس قد أشاروا الى أن الطفل في مراحل العمر الأولى خاصة في العامين الثاني والثالث من العمر يلجأ الى فعل أشياء للفت النظر اليه، وجذب الانتباه أو إثبات الوجود، كنوع من أنواع الاضطراب النفسي وعدم الاستقرار، ويشيرون في ذلك الى أن تجاهل ما يفعله الطفل تماما وإظهار عدم الانزعاج، ومحاولة جذب انتباه الطفل إلى أشياء أخرى هو العلاج المناسب لمثل هذه الحالات، فهل يمكن اعتبار هذه الحالات التي تعتري بعض طلاب الجامعات أو التعليم الثانوي عند اتباعهم مثل هذه السلوكات امتدادا لهذه المرحلة الطفولية؟ ولكن مما لاشك فيه أن الحل هنا ليس التجاهل، ولكن التوعية ضرورية لنبذ هذه السلوكيات الخاطئة، والبحث عن الأسباب والدوافع التي تدفع البعض إلى فعل مثل هذه الأفعال، لان من يقدم على فعل مثل هذه السلوكيات لا يجرؤ على فعلها في منزله، الذي يحافظ على نظافته، وهو أمر له دلالته في العلاج. ينبغي أن يعلم الطالب أن اختلافه في وجهة نظر ما مع أستاذه أو غيره لن تغضبهم، فله أن يعرض ماهو مقتنع به، ولأستاذه أن يقنعه أو يقتنع برأيه، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية كما يقال، ولا ينبغي أن يقف الطالب أمام أستاذه ناصحا مهما كان، فسن الأستاذ وخبرته ومستواه العلمي وأدب الحوار يجب أن يأخذها الطالب الجاد في الاعتبار وأن يعلم أن الأستاذ لا يتمنى إلا أن ينجح في بناء هذا الطالب بناء فكريا يستطيع معه أن يصمد أمام معارك الحياة وأنوائها، ولن يسعد الأستاذ بخيبة طلابه، فالأستاذ كالفلاح، يتمنى أن يجد زرعه يانعا، وضرعه منتجا... وهل هناك من يتمنى أن تبور أرضه أو أن تفسد زراعته؟!! لا يقف دور الجامعات والمؤسسات والمعاهد التعليمية على مجرد التدريس، وتلقين الطلاب علما، فمصادر المعرفة كثيرة ومتنوعة ومتيسرة، تبدأ من المكتبات العامة والخاصة ودور النشر والصحافة والإعلام المسموع والمرئي، ودوائر المعارف والإنترنت، بل إن دور هذه المؤسسات التعليمية ورسالتها أعظم بكثير، وهو جوهرها الذي يعتمد في الأساس على ترسيخ مفاهيم القيم الأخلاقية والعلاقات الإنسانية وأسلوب الحوار وطرق النقاش والإقناع أو الاقتناع، وهي مفاهيم نغرسها في نفوس طلابنا في هذه المرحلة المهمة والحرجة من عمرهم، حيث انهم في فورة شبابهم، وقوة طاقتهم يحاولون أن يثبتوا ذاتهم ويؤكدوا جدارتهم، ونحن في هذا نساعدهم بأسلوب حسن فنترك لهم مساحات كبيرة من التعبير عن آرائهم ونستمع الى معاناتهم، وبنظرة الأستاذ والخبير المحنك يمكننا أن نوجههم التوجيه الصحيح كأخوة لنا، كي لا ينزلق البعض منهم في هاوية التطرف، أو يقدم البعض منهم على فعل أشياء غير لائقة قد توقعهم تحت طائلة القانون. من الأمانة أن يراعي الطالب الذي يقدم على فعل هذه السلوكيات ربه في تصرفاته، وأن يعلم أن الله يراقبه في كل ما يفعل، وأن أثاث المدرسة والجامعة ينتفع به الجميع، والحفاظ على نظافته ورونقه خاليا مما يشوبه من عبارات جارحة أو رسومات مشينة، إنما يعكس سلوكا متحضرا، وقيما إنسانية يدعونا إليها ديننا الإسلامي الحنيف، الذي ينبغي أن نحرص على تنفيذ تعاليمه, وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا.