يعكس بعض السلوكيات خللا أو مرضا اجتماعيا ينبغي التوقف عنده وعلاج أسبابه، ومن هذه السلوكيات إقدام بعض الطلاب والتلاميذ في المدارس والكليات على الكتابة على الحائط او المقاعد والأبواب بصورة تشوه الشكل العام لهذه المؤسسات التعليمية، البعض يكتب بالقلم والبعض يحفر على الخشب بخط بارز، والبعض يكتب عبارات للذكرى مذيلا بالاسم والتوقيع والتاريخ ومحل الإقامة، أو بعض الرسومات التي تشير الى شخصيات او افراد تأثر بهم، والبعض الآخر يعاني مشكلات وعقدا نفسية وسلوكا عدوانيا لا يخلو من إهانة أو سباب أو رسوم موحية بانعدام التربية والأخلاق مثلما يحدث في الكتابة على أبواب المراحيض. ولا يقف الأمر على ذلك بل يقدم بعض الطلاب على تمزيق الإعلانات المعلقة في لوحات الإعلان في الكثير من الكليات الجامعية سواء كانت هذه اللوحات الإعلانية للتنبيه عن موعد اختبار أو تغيير موعد محاضرة أو إعلان نتيجة، أو كانت هذه اللوحات تعرض بعض المعلومات المعرفية التي يمكن أن يستفيد منها الطلاب، وقد أصبحت ظاهرة تمزيق الأوراق من قبل الطلاب من الظواهر التي تستحق الدراسة فعلا. فهل من يقدم على مثل هذا الفعل يعترض على شيء ما؟، واذا كان ذلك هو المقصود فهل هذا الأسلوب هو الأسلوب الحضاري الأمثل واللائق الذي يمكن أن يعبر به طالب في مرحلة جامعية عن رأيه؟، لماذا لا يحاور من يقدم على هذا الفعل من يرى أنهم مختلفون معه في وجهة نظر ما، وإما أن يقنعهم بوجهة نظره أو يقتنع بوجهة نظرهم. قد يكون هذا التصرف وسيلة للتعبير عما يجيش في نفس البعض من وجهات نظر يجدون صعوبة في التعبير الصريح عنها أو الجهر بها فيتخذون هذا الشكل المتخفي لإظهار وجهة نظرهم، ولكن لولا شعورهم بأن وجهة نظرهم التي يعبرون عنها لا تصمد أمام الحجج والبراهين والمنطق والعقل، ما أقدموا على فعل ما يقدمون عليه، ولدافعوا عن هذه الوجهة دفاعا مستميتا طالما كانوا مقتنعين بها. الكثير من المشكلات التي تواجه الإنسان في حياته ترتبط بخلل تربوي في مرحلة الطفولة، فالطفولة السعيدة المستقرة التي لا يشوبها أو يعكر صفوها أي خلل نفسي تنشأ عنها شخصيات سوية لا تعاني العقد أو الميول العدوانية، بينما الأطفال الذين يعيشون في بيئات متوترة، لا يسودها الوئام والسلام الاجتماعي ينعكس هذا على سلوكياتهم في المستقبل، على شكل مشكلات نفسية، ولا يواجه الإنسان مشكلات يصعب عليه حلها أكثر من المشكلات التي تتعلق به شخصيا، فهي ميراث معقد من السلوكيات المتراكمة المرتبطة بالبيئة.