بوصفه خبير رقعة الشطرنج السياسية في البلقان، أقدم ميلو ديوكانوفيتش على لعبة خطرة قبل خمس سنوات عندما غير موقفه وتحول ضد سلوبودان ميلوسيفيتش، معلمه السياسي السابق في بلجراد. والآن وبعد أن كسب اللعبة تحصن ديوكانوفيتش بالقلعة، فقد أعلن الاثنين الماضي أنه لن يسعى لاعادة انتخابه في الشهر المقبل ولكنه سيتخلى عن منصبه كرئيس للجمهورية في مونتنيجرو (جمهورية الجبل الاسود) ليصبح رئيسا للوزراء. وجاءت هذه الخطوة، التي يتجاهل فيها الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد أن اكتسح ائتلافه الانتخابات البرلمانية في الشهر الماضي. وقال حزب ديوكانوفيتش إن زعيمه أمامه أربع سنوات من "السلطة المطلقة .. والمسئولية المطلقة" لتنفيذ الاصلاحات. وينتظر ناخبو ديوكانوفيتش منه أن يضع مونتنيجرو بثبات على الطريق نحو الاستقلال بعيدا عن سيطرة الصرب في يوغسلافيا ونحو التكامل الاوروبي وتحسين مستوى المعيشة. ويريد الغرب أن يرى إصلاحات قوية تقود مونتنيجرو إلى نظام ملكية خاصة ذي شفافية وكفاءة ومؤسسات ديمقراطية قوية وخفض معدلات الجريمة بالاضافة إلى علاقات واضحة مع صربيا. ولكي يعمل كل هذا، ينبغي على ديوكانوفيتش- الذي يبلغ سن الواحد والاربعين في فبراير أن يتخلى عن صورة السياسي الذي يدير الامور على أساس يومي وأن يقود بلاده إلى الهدف بقدر أكبر من الصبر والتحكم والتسامح. وبوصفه سياسيا محترفا منذ تخرجه كخبير اقتصادي من جامعة بودجوريتشا، وباعتباره رجلا إصلاحيا على مدى الاثنى عشر عاما الماضية، فإن ديوكانوفيتش لم يتخذ أو لم يستطع أن يتخذ مثل هذه الخطوات من قبل. وشغل ديوكانوفيتش مناصب عليا في المنظمات الشيوعية في مونتنيجرو ويوغسلافيا عندما انضم إلى ميلوسيفيتش في النصف الاخير من الثمانينيات فيما وصف بالاصلاح الحزبي. غير أنه بعد أن سقط الستار الحديدي في شرق أوروبا، ظل ديوكانوفيتش مصرا على أن مونتنيجرو تستطيع أن تبقى كجزيرة للشيوعية. كما أن ديوكانوفيتش قاد مظاهرات احتجاج أدت حينذاك إلى الاطاحة بالحرس القديم في مونتنيجرو في عام 1989. وفاز ديوكانوفيتش بمقعد في برلمان مونتنيجرو في أواخر التسعينيات وفي عام 1991 وهو في سن التاسعة والعشرين أصبح أصغر رئيس للوزراء في أوروبا. وكان ديوكانوفيتش شيوعيا في بداية فترة ولايته ثم تحول إلى رأسمالي نفعي أو عملي في نهاية الفترة. وكان طوال فترة رئاسته للحكومة في توافق مع صديقه الحميم مومير بولانوفيتش، رئيس جمهورية مونتنيجرو السابق والمؤيد الرئيسي لميلوسيفيتش في بودجوريتشا. وفي عام 1997 دخل ديوكانوفيتش في مواجهة مع ميلوسيفيتش بشأن سياسته الداخلية. وفي نهاية العام فاز ديوكانوفيتش على بولاتوفيتش في الانتخابات الرئاسية وارتدى عباءة المصلح الاقتصادي. غير أن النقاد يقولون إن ديوكانوفيتش دأب منذ ذلك الحين على سوء استخدام احتكاره للسلطة في جمع ثروة شخصية حيث إن الاصلاحات فشلت في مد جذورها.