احتفلت الأممالمتحدة في مقرها في فيينا بعد ظهر امس باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي اقامته لجنة الاممالمتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف، وذلك في مهرجان خطابي حضره الرئيس الأسبق للنمسا الدكتور كورت فالدهايم الأمين العام الأسبق للامم المتحدة ومندوبو الدول الاعضاء وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية النمساوية ورجال السلك الدبلوماسي العربي والاجنبي وحشد من كبار الموظفين العرب في المنظمات الدولية والرئيس النمساوي الأسبق والأمين العام السابق للأمم المتحدة كورت فالدهايم. ترأس الاحتفال بابالويس فول سفير كوبا الذي تترأس بلاده اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف المنبثقة عن الجمعية العامة للامم المتحدة والذي القى كلمة استهلالية استعرض فيها تطورات القضية الفلسطينية ونتائج المواجهات الدامية بين القوات الاسرائيلية والشعب الفلسطيني الاعزل.. ووصف الوضع في الاراضي المحتلة بانه مأساوي للغاية. واعرب السفير بابا لويس فول عن بالغ الحزن والأسى لتفاقم دوامة العنف بصورة مأساوية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ الزيارة المشؤومة التي قام بها آريل شارون رئيس الحكومة الاسرائيلية الى باحة المسجد الاقصى في 28 سبتمبر 2000 التي حصدت ارواح اكثر من الفي شخص غالبيتهم من الاطفال والنساء والشيوخ وآلاف الجرحى في صفوف المدنيين الفلسطينيين، مشيرا الى ان قوات الاحتلال الاسرائيلي تفرض على الشعب الفلسطيني اجراءات قمعية وقوانين جائرة عن نظيرها في التاريخ الحديث واكد السفير فول ان القوات الاسرائيلية وللعام الثالث على التوالي تواصل شن هجماتها المسلحة على الاحياء والمدن والقرى الفلسطينية بلا هوادة في الضفة الغربية وقطاع غزة اضافة الى استمرارها في تطبيق سياسة القتل الجماعي منتهكة بذلك جميع الاتفاقيات الدولية وخصوصا معاهدة جنيف الرابعة، وتدمير المنازل والمخيمات والبنية التحتية لمنشآت السلطة الفلسطينية ومصادرة الاراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات وفرض اجراءات الحصار واحكام اغلاق الطرق والمعابر، مشيرا الى خطورة مقتل احد موظفي وكالة الاونروا برصاص القوات الاسرائيلية في الأسبوع الماضي. وبعد ما اعرب السفير بابا لويس فول عن بالغ قلق لجنة الاممالمتحدة ازاء تصاعد موجة العنف وتفاقم الظروف المعيشية والبطالة والفقر، وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني والتنصل من الاتفاقات التي تم التوصل اليها بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، أكد على ضرورة ايجاد تسوية القضية الفلسطينية على اساس تطبيق قرارات الشرعية الدولية واقامة دولة فلسطينية مستقلة وانسحاب اسرائيل الى حدود يونيو 1967، واعتبر اقرار اللجنة الرباعية ما يسمى ب(خطة الطريق) نقلة نوعية وخطوة ايجابية نحو قيام دولة فلسطينية ولكنه استغرب تأخيرها لعام 2005 وشدد على ضرورة اقرار تسوية سلمية شاملة على اساس تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والنزاع العربي الاسرائيلي في الشرق الاوسط، وفي طليعتها قرارا مجلس الامن رقم 242 و338 ومعادلة الأرض مقابل السلام التي اقرها مؤتمر مدريد، ومبادرة السلام التي قدمها ولي العهد في المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود التي اقرها الزعماء العرب خلال مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في بيروت بنهاية شهر مارس 2002. ثم تحدث السيد باون ممثل مدير مكتب الاممالمتحدة في فيينا، واعرب عن اعتقاده بان ممارسة العنف والارهاب ضد المدنيين لا يمكن تبريرها من اي مصدر كان وعبر عن الاسف لسقوط مئات من الضحايا الأبرياء في صفوف الفلسطينيين والاسرائيليين، وشدد على ضرورة وقف العنف والعودة الى طاولة المفاوضات. ثم تلا رسالة كوفي عنان التي اعرب فيها عن الأسف لكون يوم التاسع والعشرين من نوفمبر اصبح يوما للحزن والحداد جراء الكوارث والمآسي التي حلت بالشعب الفلسطيني مما ادى الى تدهور الوضع الأمني بشكل خطير في المنطقة. واستنكر كوفي عنان استخدام اسرائيل المفرط للقوة العسكرية الأمر الذي أدى الى تأجيج روح الانتقام والثأر لدى الفلسطينيين. ولاحظ الأمين العام للأمم المتحدة ان الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام يتم في ظل ظروف بالغة الحساسية في الشرق الاوسط والعالم، حيث تتصاعد موجة العنف ويزداد سقوط الضحايا وخصوصا في صفوف الفلسطينيين والاسرائيليين، مشيرا الى ان الهجمات الانتحارية التي قام بها الفلسطينيون ادت الى سقوط الكثير من المدنيين الاسرائيليين واوضح كوفي عنان ان القوات الاسرائيلية اعادت احتلال مناطق ومدن كثيرة في الضفة الغربية، وضاعفت من اجراءات القمع والحصار والتدمير والاغلاق وفرضت حظر التجوال ودمرت البنية التحتية ومنشآت السلطة الفلسطينية، وحدت من قدرتها على العمل. واكد كوفي عنان على ضرورة وقف دوامة العنف والعودة الى طاولة المفاوضات وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والنزاع العربي الاسرائيلي، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني. وفي هذا السياق نوه عنان بالاتفاق الذي توصلت اليه اللجنة الرباعية القاضي باقامة دولة فلسطينية مستقلة خلال ثلاث سنوات (2005)، واشاد بمبادرة السلام التي طرحها ولي العهد السعودي الامير عبدالله التي تبناها مؤتمر القمة العربي الاخير في بيروت. واعرب عن اعتقاده بانه لا يمكن لاسرائيل ان تفرض الحل او السلام الذي تريده عن طريق القوة. واوضح كوفي عنان أن تفاقم الاوضاع بصورة مأساوية في الضفة الغربية وقطاع غزة ترك آثارا كارثية على الاقتصاد الفلسطيني لاسيما في ظل سياسة الاغلاق التي ادت الى تدهور خطير في الظروف المعيشية، حيث زاد عدد العاطلين عن العمل وارتفع معدل الفقر الامر الذي ادى بدوره الى تفاقم حالة الغضب والاحباط لدى الفلسطينيين، مشيدا بما قدمه ويقدمه المجتمع الدولي للشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية ومؤسساتها من دعم. وخلص كوفي عنان الى التأكيد انه سيواصل بدوره العمل مع كافة الاطراف حتى يتم اقرار سلام عادل وشامل للقضية الفلسطينية على اساس قراري مجلس الامن رقمي 242 و338 ومعادلة الارض مقابل السلام وبما يضمن ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف بما فيها حقه في اقامة دولته المستقلة فلسطين. ثم القى مندوب النمسا كلمة الحكومة النمساوية، فاستعرض بدوره تطورت القضية الفلسطينية منذ توقف المفاوضات على المسارين الاسرائيلي/ الفلسطيني، واستمرار تفاقم أعمال العنف والمواجهات الدامية في الأراضي المحتلة، وأشاد بمواقف الاتحاد الأوروبي ازاء مجمل هذه التطورات المأساوية والمشاركة الميدانية في الجهود الدولية المبذولة لوقف اطلاق النار والتمهيد الى استئناف مفاوضات السلام على جميع المسارات. وأعرب عن أسف بلاده البالغ لسقوط الضحايا الأبرياء في صفوف الفلسطينيين والاسرائيليين، مشيرا الى ما تمارسه القوات الاسرائيلية من بطش وقتل وتدمير ومصادرة الأراضي وتصعيد الحصار وتشديد دورة العنف أدى إلى نشوء أزمة انسانية تفاقمت خلالها مشكلة الفقر والبطالة بشكل خطير للغاية. واعتبر بناء المستوطنات عملا غير مشروع وباطل دوليا. ثم أكد استمرار دعم النمسا للشعب الفلسطيني في قضيته العادلةوحقوقه المشروعة، وذلك انطلاقا من علاقات الصداقة بين الشعبين. وأشاد مندوب النمسا بالجهود المتواصلة التي يبذلها الاتحاد الأوروبي من أجل عودة الأطراف المعنية في الشرق الأوسط الى استئناف مفاوضات السلام. وأشار في هذا السياق الى ان الاتحاد الأوروبي يؤيد بقوة وقف دورة العنف والعودة الى طاولة المفاوضات، واحياء التسوية السلمية على الرغم من المشاكل والعقبات الراهنة. وأكد التزام الاتحاد بمبادىء مؤتمر مدريد خصوصا مبدأ الأرض مقابل السلام، وتطبيق قراري مجلس الأمن رقم 242 و338، واحترام الاتفاقيات الموقعة بين كافة الأطراف. وبعد أن أشار المندوب النمساوي الى أن بلاده كانت أول بلد أوروبي بادر الى الاعتراف بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف منذ العام 1980، ودعا كافة الأطراف المعنية اذا أرادوا فعلا وقف اطلاق النار، إلى اعتبار قرار اللجنة الرباعية خطوة تاريخية نحو اقرار سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط من خلال اقرار قيام دولة فلسطينية مستقلة جنبا الى جنب مع اسرائيل. وخلص الى الاعراب عن أمله في أن تؤدي (خريطة الطريق) التي أقرتها اللجنة الرباعية في نهاية المطاف سلام دائم وشامل المدعوم بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله. ثم تلا السيد أيمن مسعود القائم بأعمال سفارة فلسطين لدى النمسا كلمة الرئيس ياسر عرفات اعتبر فيها مواظبة الأممالمتحدة على الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع شعب فلسطين منذ قرار التقسيم يجسد رؤية المجتمع الدولي بأهمية قيام دولة فلسطينية كركن أساسي من أركان الأمن والاستقرار الدوليين وكتعبير عن مصداقية قرارات الشرعية الدولية في الشرق الأوسط. وأكد الرئيس عرفات بأن الاحتفال التضامني هذا العام جاء في الوقت الذي يعيش فيه الشعب الفلسطيني ظروفا مأساوية صعبة وغير مسبوقة حيث أعادت اسرائيل احتلال معظم مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، الى جانب الغاء الاتفاقات، المبرمة مع الجانب الفلسطيني، وأصبحت المناطق الفلسطينية أشبه ب(باندوستانات) اذلالية منفصلة عن بعضهاالبعض. وأتهم الرئيس عرفات اسرائيل بمصادرةى 83 ألف دونم من الأراضي الخصبة أثناء بناء ما يسمى ب(السور الواقي) وبناء (حائط برلين الجديد) حول القدس بهدف منع الفلسطينيين من أداء الصلاة في الأماكن المقدسة المسيحية والاسلامية، مشيرا الى أن القوات الاسرائيلية لا تزال تستخدم مختلف الأسلحة المحرمة دوليا، بما فيها الدبابات والطائرات والمجنزرات والبوراج الحربية في محاولة لقهر ارادة الشعب الفلسطيني واعادة عقارب الساعة للوراء من خلال تدمير البنية التحتية في المدن والمخيمات الفلسطينية وتحويلها الى كانتونات محاصرة بهدف تقويض فرص (سلام الشجعان) الذي تم توقيعه مع اسحق رابين الذي اغتالته قوى التطرف الاسرائيلية. وأكد الرئيس عرفات بأن الاحتلال الاسرائيلي المترافق بعمليات التوغل والقصف والاغتيالات والتدمير وارتكاب المذابح بحق المدنيين في جنين ورفح ونابلس وطولكرم وخان يونس والخليل وغزة وقلقيلية أدى إلى احداث دمار شامل للبنية التحتية، وتعطيل عمل مؤسسات السلطة الفلسطينية والخدمات الانسانية واطبية، والتي كان آخرها اعادة احتلال بيت لحم وبيتجالا وبيت ساحور. وأعرب عرفات عن اعتقاده بأن هذا الاحتلال الجديد خلق وضعا انسانيا بالغ الخطورة حسب الهيئات الدولية نتيجة تدمير الاقتصاد الفلسطيني وزيادة معدلات الفقر والبطالة الى نسب مرتفعة وخطيرة، وصلت في قطاع غزة الى 70% والى حوالي 55% في الضفة الغربية، في الوقت الذي تواصل فيه اسرائيل حجز عائدات الضرائب الفلسطينية منذ أكثر من 27 شهرا، حيث وصل الأمر الى حد تعطيل عمل المؤسسات الدولية واطلاق النار على أفرادها، مما أدى الى مقتل أحد موظفي وكالة الغوث الدولية. ووصف الرئيس عرفات الحرب التي تشنها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني منذ أكثر من عامين بأنها حرب مسعورة، وينبغي أن تدفع المجتمع الدولي للتحرك الى ما هو أبعد من بيانات الشجب والأسف والتنديد، والانتقال الى مرحلة ممارسة الضغط الفعال على اسرائيل لوقف عدوانها وانهاء احتلالها والعودة الى طاولة المفاوضات من أجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. واتهم عرفات الحكومة الاسرائيلية برئاسة آرييل شارون بالاصرار على افشال جميع جهود التهدئة وعرقلة عملية السلام. وأعرب عن اعتقاده بأن المعادلة لحل وإنهاء الصراع أصبحت واضحة للجميع، ولاسيما للقوى المعنية بنجاح السلام في الشرق الأوسط، مشيرا الى ان تحقيق سلام الشجعان وايجاد حل نهائي عادل ومقبول لابد ان يؤدي الى انهاء الاحتلال والاستيطان الاسرائيليين في جميع الأراضي العربية والفلسطينيةالمحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس الشريف وحل قضية اللاجئين حلا عادلا وفق قرارات الشرعية الدولية، بحيث يتمكن الشعب الفلسطيني من تجسيد سيادته الوطنية واقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين طبقا لقرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 1435 والذي تتهرب اسرائيل من تنفيذه، والاتفاقات الموقعة، خاصة جهود واقتراحات اللجنة الرباعية، جنبا الى جنب مبادرة السلام التي أعلنها سمو ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وتبنتها القمة العربية بالاجماع في بيروت، وجهود الصين واليابان ودول عدم الانحياز ودول أمريكا اللاتينية والأفريقية والاسلامية. وجدد الرئيس عرفات تأكيد تمسك الشعب الفلسطيني والأمة العربية بطريق السلام كخيار استراتيجي، وهو الذي كرسته قرارات قمة بيروت الأخيرة، وقال: ومع اصرارنا على نيل حقوقنا الوطنية غير القابلة للتصرف، فإننا ندعو المجتمع الدولي الى التدخل الفوري لوقف العدوان، وإنهاء آخر احتلال في العالم وهو الاحتلال الاسرائيلي، وتمكين السلطة الفلسطينية من ممارسة أعمالها وواجباتها ومسؤولياتها، والاستئناف الفوري للمفاوضات من أجل تنفيذ الاتفاقات الموقعة والانطلاق نحو سلام نهائي يقوم على أساس تنفيذ قرارات الشرعية الدولية نصا وروحا، وانتداب مراقبين دوليين. وشدد على القول ان السلام وحده هو الكفيل بتوفير الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة ودولها. وخلص الرئيس عرفات الى القول: الواقع يثبت كل يوم أن مفتاح السلام والاستقرار في المنطقة يوجد في فلسطين، أرض السلام والأرض المقدسة للمؤمنين في العالم.