لا شك في ان تفكير الأنسان وآرائه وانفعالاته في مواقف النجاح والفشل تتأثر بما لديه من مناعة نفسية ضد الضغوط الحياتية والاحباطات المتراكمة, وغني عن القول انه اذا كانت مناعة الانسان النفسية قوية كان تفكيره في الضغوط والاحباطات منطقيا وحتى مشاعره تكون ايجابية وفيها صبر واحتساب وتفاؤل ورضا والعكس صحيح. كما تتأثر المناعة النفسية عند الإنسان بادراكه بمواقف النجاح والفشل و... نحوها فاذا كان تفكيره فيها منطقيا ومشاعره ايجايبة نشطت المناعة النفسية وقويت واذا كان تفكيره غلطا ومشاعره سلبية ثبطت المناعة النفسية وضعفت وظهرت ايضا الاضطرابات والانحرافات او ما يسميه علماء النفس (اعراض ما بعد الصدمة) فالعلاقة بين المناعة النفسية من ناحية والتفكير والمشاعر او الانفعالات من ناحية أخرى علاقة تأثير متبادل. وما يهمنا هنا هو ان نعرف ما هي تلك المناعة النفسية وكيف ننشطها وبخاصة في مواقف الضغوط والصدمات او مواقف الفشل والاحباط والحرمان. وباختصار نستطيع القول ان مفهوم المناعة النفسية كما يعرفها صاحب كتاب السعادة وتنمية الصحة النفسية.. هي مفهوم فرضي يقصد به قدرة الشخص على مواجهة الأزمات والكروب, وتحمل الصعوبات والمصائب, ومقاومة ما ينتج عنها من أفكار ومشاعر غضب وسخط وعداوة وانتقام, وأفكار ومشاعر يأس وعجز وانهزامية وتشاؤم. كما ان هذه المناعة النفسية تمد الجسم بمناعة اضافية تنشط أجهزة المناعة الجسمية, وهذا يجعل دراسة المناعة النفسية ومعرفة طبيعتها وعوامل تنشيطها ضرورية في تنمية الصحة النفسية والجسمية معا. ويمكن تقسيم المناعة النفسية الى ثلاثة انواع: أ مناعة نفسية طبيعية وهي مناعة ضد التأزم والقلق موجودة عند الانسان في طبيعة تكوينه النفسي الذي ينمو من التفاعل بين الوراثة والبيئة. ب مناعة نفسية مكتسبة طبيعيا يكتسبها الانسان من الخبرات والمهارات والمعارف التي يتعلمها من مواجهة الأزمات والصعوبات السابقة. ج مناعة نفسية مكتسبة صناعيا: وهي تشبه المناعة التي نكتسبها من حقن الجسم عمدا بالجرثومة المسببة للمرض بعد الحد من خطورتها, وتبقى مناعتها مدة طويلة وتسمى (مناعة مكتسبة فاعلة). وحينما نحاول تنشيط المناعة النفسية لدينا, فان ذلك يعتمد على ارادتنا وعزمنا على تصحيح طريقتنا في التفكير, وجهودنا في تنمية أفكار ومشاعر السعادة وطرد افكار ومشاعر الشقاء واليأس من خلال تجاوبنا مع جهاز الالهامات وعدم تجاوبنا مع جهاز الوساوس ومن الصعب حصر جميع عمليات تنشيط المناعة النفسية, فهي عمليات كثيرة متداخلة ومترابطة يتعذر الفصل بينها ولكننا نكتفي بأهمها وأكثرها شيوعا وهي: 1 الرضا وترك السخط والرضا بالمقصود هنا هو الرضا الواجب والمستحب والمباح وليس الرضا الحرام ومنه قبول الانسان لقدراته وامكاناته وصحته ولون بشرته وطوله ومظهره.. إلخ. 2 التفاؤل وترك التشاؤم ويقصد بالتفاؤل هنا توقع النجاح والفوز في المستقبل القريب والاستيشار به في المستقبل البعيد وأعلى مراتب التفاؤل توقع الشفاء عند المرضى والنجاح عند الفشل والنصر عند الهزيمة إلخ. 3 الصبر وترك الجزع. 4 الشكر وترك الجحود. 5 الحب وترك العداوة. 6 العفو وترك الانتقام. 7 الصدق وترك الكذب. 8 الذكر وترك الغفلة. التوكل على الله وترك التواكل ذلك ان التوكل عملية نفسية مرتبطة بالبعد الوجداني لدينا يتولد عنها أفكار ومشاعر الاستعانة بالله وتفويض الأمر اليه والرضا بما فرض وقدر. ونحن لا نريد الدخول في تفاصيل دقيقة حول هذا الموضوع ولكننا نؤكد على تلك الأمور ونذكر بها كي نصل الى مرحلة الصحة النفسية المرغوبة والمعقولة التي يتمناها كل شخص.