ما أسباب تفوق الإنسان سواءً في دراسته أو في عمله؟ هل هي أسباب جينية يتوارثها العباقرة أباً عن جد, أم أنها تبدأ من سن الطفولة حيث يتبنى والده بناء العبقرية فيه منذ نعومة أظافره فيخضع لجدول دقيق ينظم له عملية التعليم والتغذية, النوم والترفيه. لا توجد إلى وقتنا الحاضر طريقة واضحة تحدد أو حتى تتوقع كيفية الوصول إلى التفوق العلمي (الأكاديمي) أو العملي. أريد التطرق في هذا المقال لأسلوب كنت قد اطلعت عليه منذ سنوات قريبة, يعرف بتأثير "البغميليون" Pygmalion Effect . يعتقد الباحثون أن من أهم الأمور التي يجب على الرئيس في العمل منحها للمرؤوس هو الإيمان بقدراته ومهاراته والدأب على احساسه بأنه الأفضل والأنسب للقيام بالدور الذي أختير من أجله. وكذلك طالب العلم في جميع المراحل التعليمية وفي كل التخصصات بعد قبوله في صرح تعليمي معين يجب على المعلم مساعدته بمنحه الثقة في النفس بكلمات بسيطة تحمسه من الداخل فيحملها معه أينما سار. من ضمن هذه الكلمات عبارات التهنئة والتبريك عند حصوله على القبول سواءً في الجامعة أو العمل أو حتى عند انتقاله من مرحلة دراسية إلى أخرى, والإستمرار في وصفه واقرانه بأنهم الأفضل. والإبتعاد كل البعد عن استخدام الكلمات المحبطة بأنواعها أياً كانت ومهما كانت الظروف. لقد نظر الباحثون في عدة دراسات ميدانية أجريت لفهم التأثير الواقعي لهذا الأسلوب عند تطبيقه بشكل صحيح. من ضمن الدراسات التي أجريت هي تجربة أختير فيها فريقا عمل كلاهما يُعرف بتواضع شديد في الأداء الوظيفي. وأختير رئيسان لتولي قيادة الفريقين كل على حدة. قيل للأول ان الفريق الذي يرأسه هو من أفضل الفرق الموجودة في الشركة وأن أفراده قد حصلوا على مكافآت كبيرة في الماضي بسبب أدائهم المتميز, بينما قيل للرئيس الثاني ان فريقه متواضع الأداء ولا يتوقع منهم الكثير. كانت النتيجة لهذه التجربة في نهاية السنة مدهشة للغاية. فما كان من الفريق الأول إلا أن امتاز امتيازاً باهراً في نهاية تلك السنة وتفوق تفوقاً ملحوظاً ليس على الفريق الثاني فحسب بل وعلى باقي الفرق الموجودة في الشركة. بينما حافظ الفريق الثاني على مستواه المتواضع المعهود. من الواضح الآن كيفية بناء أفراد ومجموعات ناجحة الأداء في أي قطاع كان, سواء ميدانيا (عمليا) أو أكاديميا (علميا - أدبيا) . فرفع المعنويات لدى الطالب, العامل أو الموظف هي التي ستدفع بعجلة التقدم في الأداء لدى الجميع. وأن يكون ذلك مدعوماً بالإبتعاد عن أسلوب الذم والإحباط الذي قد يمارسه الرئيس في العمل على مرؤوسه. وأن يُستبدل ذلك بأسلوب إيجابي يبعث بروح الثقة في نفس المرؤوس فيتحسن أداؤه الوظيفي لينافس اقرانه المعروفين بحسن الأداء على المقدمة. وختاماً التفوق والتوفيق هما بيد الله عز وجل, قال تعالى: {وما توفيقي إلا بالله}.