العنوان أعلاه هو عنوان رواية رومانسية كتبها نايف بن عوضة الغامدي وتقع في 119 صفحة من القطع المتوسط. على الرواية قرأت اسم المؤلف ولأول وهلة ما ظننت أن الرواية لصديقي نايف لأنه لم يخرج علينا من قبل لا برواية ولا بقصة قصيرة. ولكن الإهداء لي كان بخط نايف الذي لا أخطئه فقد درس نايف لديَّ (النحو والإملاء) وهو بالسنة الخامسة والسادسة الابتدائي. أعمارنا متقاربة .. ولذلك فأنا وإياه بالمدرسة أستاذ وتلميذ وفي خارجها أصدقاء طفولة نلعب مع بعض. قضيت يومين في ضيافة (اليتيمة) قراءة ونقداً خلته، وهو الكاتب، بطل القصة لولا أني أعرف أنه تزوج باكراً من إحدى بنات الوادي.. ولم يفاتحني، باعتباري صديقاً له، بأنه كان تحت تأثير الإغراء بأن يتزوج إحدى بنات المدن. ولكن كثيراً من طباع بطل الرواية مثل طباع نايف: حبُّ الناس، حبُّ القراءة، حبُّ الإطلاع. الطموح نحو مستقبل أفضل، مجالسة كبار السن وخاصة المثقفين، وظيفة مرموقة بمدينة جدة، البر بالوالدين وصلة الأرحام، التمسك بعادات وشيم أهل القرى وكلها تمجِّد الأمانة والصدق والكرم وطاعة الكبير. وبقدر ما أعجبت ببطل الرواية بقدر ما تصورت فيه صفات الكاتب. أحداث الرواية دارت قبل خمسين عاماً.. وتلك الفترة كانت فوَّاحة بالتوق نحو مستقبل ينقل المملكة من واقع المجتمع الزراعي في القرى، والرعوي في الصحاري، والمديني (من مدينة) على استحياء في العاصمة المقدسة وجدة والمدينة المنورة (طيبة) والرياض والدمام والخبر .. وكذلك الهفوف. الناس يتناقلون أخبار شباب عادوا من الخارج وتسلموا مناصب قيادية في مجلس الوزراء والقوات المسلحة وفي مجالات التجارة والصناعة. كنا عندما نرى مدخنة مصنع نردد عبارة: متى نرى سماءنا تتباهى بالمصانع. يعود الشباب الجامعيون ونتساءل متى تقوم لدينا جامعات.. وحقاً بدأت في تلك الفترة نهضة إعلامية وفنية. كان نايف قريباً بل يعيش في صميم هذه التطلعات فهو أصلاً درس فنيات الخواجة (مورس) في إرسال واستقبال البرقيات. وهذه الدراسة فتحت له آفاق مستقبل يرى نفسه فيه مساهماً في نهضة تقنية أدبية وإبداعية. بطل القصة شغوف بالقراءة، داعم للدارسين. يتغنى بنجاحات الأفراد والمجتمع. الزواج لديه هو بداية رحلة ماتعة ناجعة نحو بناء أسرة متعلمة، تَصِل الرحم وتكرم الأقارب وتعتز بالوطن. ولذلك فإن الزواج بكل مضامينه المعنوية والموضوعية أول ما تداعى إلى ذهن البطل عندما لمح (اليتيمة) تترجل من سيارة أهلها لتزور خالتها. يتقدم البطل لطلب يد اليتيمة من أمها ولكنه يتوارى – في تقدير للعادات – أمام رفض عمها اتمام الزواج .. ولكن شعلة الحب تتفجر في قلبه، فيدعو الله أن يحقق لها سعادة واطمئناناً مع ولد عمها . واليوم، وبعد مضي أكثر من نصف قرن، يعود إلينا – بل إليَّ شخصياً – نايف.. وهو مثقف يؤمن بالثوابت التي يتمسك بها طمعاً في سعادة أخروية. يعود وهو يقرأ لكبار الأدباء ويتابع انجازات أمهر الأطباء ويفتخر بصداقته لكثير من البارزين على مستوى الوطن. يعود متألقاً كاتب رواية اجتماعية تسبر أغوار مجتمع متحول إلى (مجتمع المعرفة) الذي يعتمد على الدين والعلم والمعلومات ... وهكذا يعود نايف برواية حلم اليتيمة فيحجز لنفسه مقعداً بارزاً في ساحة الأدب. كان نايف، في صباه، علامة استفهام بطموحه وشغفه بالمعرفة، وها هو من جديد يمثل نفس العلامة بانجازه الأدبي في عالم اليتيمة..