لا يخفى على أحد من المسلمين أهمية خطبة الجمعة ومكانتها وأثرها في نفوس المسلمين, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بالتبكير الى المسجد يوم الجمعة بعد الغسل ولبس أحسن ما عند الرجل من الملابس واستعمال الطيب والسواك, وكان له صلى الله عيله وسلم لباس خاص ليوم الجمعة واستقبال الوفود حتى يظهر امام الناس يوم الجمعة بمظهر حسن, ومما يدل على أهمية خطبة الجمعة نهيه صلى الله عليه وسلم عن الكلام في أثنائها والأمر بالانصات لخطبة الخطيب, وان من قال لأخيه: اسكت او مس الحصى فقد لغا, ومن لغا فليس له من جمعته تلك شيء, ولأهميتها كان الخلفاء والأمراء هم الذين يقومون بخطبة الجمعة قبل انقسام الدولة الإسلامية الموحدة الى دويلات. ونذكر فيما يلي ببعض الأفكار والمقترحات حول خطبة الجمعة حتى تؤدي دورها في اصلاح الأمة. 1 يجب على الخطيب قبل ان يأتي لالقاء الخطبة الاعداد التام والتحضير الجيد للخطبة. ومن المستحسن ان يكون الخطيب جهوري الصوت. 2 ان تشتمل الخطبة على آيات من القرآن الكريم وأحاديث من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم, وألا تخلو الخطبة من الاستناد الى الكتاب والسنة. 3 ان تكون من أهم عناصر الخطبة الحث على التوحيد والتقوى, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخطب إلا ويحث الناس على تقوى الله عز وجل ويخوفهم من العذاب على المعاصي. 4 ومما يشد انتباه المصلين التركيز على الموضوع مع الاستدلال بالكتاب والسنة ثم بأدلة.. عقلية, والمقارنة بين تعاليم الاسلام وأديان أخرى وإثبات بطلان هذه الأديان او نسخها. 5 ان يكون موضوع الخطبة مما له صلة بالمجتمع والأحداث المتجددة وبالمناسبات, وبعد اختيار الموضوع فلا بد وان يذكر أهميته في الاسلام وحكمه وواقع الناس تجاهه, وما يجب عليهم في ذلك, والحلول المناسبة العملية تجاه الأحداث المتجددة. 6 ان يركز في خطبته على الدعوة الى سبيل الله (ادع إلى سبيل ربك) وهو الإسلام وليس الى أفكاره الخاصة, ويدخل في ذلك الإيمان بكل ما أخبر الله به رسله وما أوجب الله من اقامة الصلاة وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, وحج البيت, والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ بما شرع الله في الطهارة والصلاة والمعاملات والنكاح والطلاق والجنايات والنفقات, ويدخل في ذلك مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنهي عن سيء الأعمال وسفاسف الأخلاق. (انظر: الدعوة الى الله وأخلاق الدعاة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله). 7 ان يختار في خطبة الجمعة جوامع الكلم بدون إطالة مملة, ففي صحيح مسلم ج 2 ص 594 قال أبو وائل: خطبنا عمار فأوجز وأبلغ فلما نزل قلنا: ياأبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت, فلو كنت تنفست فقال: اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ان طول صلاة الرجل وقصر خطبته منة من فقهه, فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة, وان من البيان سحرا. 8 ان يكون من أهداف الخطبة الدعوة الى الإسلام بكل مواضيعها بذكر محاسنها وتخويف الناس من عواقب سيئة في الدنيا والآخرة ان لم يعملوا بها. 9 مما ينبغي على الخطيب مراعاة الحال مكانا وزمانا وجماعة فيعمل بما يناسب والمكان صغرا وتزاحما, والزمان صيفا وشتاء, ويراعى وضع جماعة المسجد وما يحتاجونه من التعاليم الشرعية. 10 ومما ينبغي ايضا ان تشتمل الخطبة على الوعظ المحرك للقلوب البعيد عن المبالغات المستند للأدلة الصحيحة من القرآن والسنة النبوية. 11 ومما يعلم ان الخطبة تلقى على مجموعة كبيرة من المصلين فيحسن في النهاية ان يدعو للمسلمين وولاتهم وضعافهم ومرضاهم وغيرهم فلعل الله سبحانه وتعالى ان يستجيب دعاء هؤلاء المصلين. 12 ومن أهم ما يعتني به في الخطبة معالجة المشكلات الواقعية التي وقع فيها كثير من المسلمين المعالجة الواقعية البعيدة عن المثالية مع فتح أبواب الفأل للمسلمين تجاه تعاملهم مع مشاكلهم. وفي النهاية أوصي نفسي وإخواني الخطباء بالتذكير بأنهم على ثغر عظيم من ثغور البلاغ والبيان والدعوة, فليهتموا به غاية الاهتمام وان يولوه عنايتهم وحدهم واجتهادهم ليقوموا بالتكليف الذي تحملوه, وأسأل الله تعالى ان يجزيهم خير الجزاء, على ما قاموا به ووجهوا وأرشدوا وبينوا انه سميع قريب, وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله أجمعين. د. فالح بن محمد بن فالح الصغير الاستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض والخطيب بجامع الهريش حي جرير