يجيب عن هذه الفتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في المملكة: لايجوز السكوت عن المنكر @ هل اذا ذهب المرء الى المسجد ووجد اناسا عند المسجد ودخل المسجد ولم يقل لهم: صلوا, هل عليه اثم ام لا؟ يجب على المسلم ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب استطاعته إما باليد وإما باللسان واما بالقلب. ولا يجوز للمسلم ترك انكار المنكر, فاذا رأى اناسا لا يصلون فانه يأمرهم بالصلاة فان امتثلوا والا فان كان له سلطة الزمهم وادبهم وان لم يكن له سلطة فانه يبلغ اهل السلطة عن وضعهم ولا يجوز له السكوت على المنكر واقراره لقوله صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فان لم يستطع فبلسانه, فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان) رواه مسلم. مجالسة أصحاب المنكر غير جائزة الآن @ هل يجوز لي ان اجالس واشارك في المأكل والمشرب تارك الصلاة المصر على تركها؟ لا يوجوز لك ان تجالسه وتشاركه في المأكل والمشرب الا اذا كنت تقوم بنصيحته والانكار عليه وترجو ان يهديه الله علي يديك فاذا كنت تقوم بهذا معه وجب عليك ان تقوم به معه لان هذا من انكار المنكر والدعوة الى الله تعالى لعل الله يهديه على يديك.اما اذا كنت تشاركه وتجالسه وتأكل وتشرب معه من غير انكار وهو مقيم على ترك الصلاة او مقيم على شيء من الكبائر فانه لا يجوز لك ان تخالطه وقد لعن الله بني اسرائيل على مثل هذا قال تعالى: (لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون - كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) المائدة (78 - 79) وجاء في تفسير الآية ان احدهم كان يرى الآخر على المعصية فينهاه عن ذلك ثم يلقاه في اليوم الآخر وهو مقيم على معصيته فلا ينهاه ويخالطه ويكون اكيله وشريبه وقعيده فلما رأى الله منهم ذلك ضرب قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان انبيائهم.وحذرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من ان نفعل مثل هذا الفعل لئلا يصيبنا ما اصابهم من العقوبة والله اعلم. على المرء أن ينظر إلى عيوبه @ هل يجوز للانسان ان ينصب نفسه حكما على غيره في كل المواقف؟ ومتى يسوغ شرعا للشخص ان يقول: هذا خبيث وهذا غير ذلك؟ لا يصلح للانسان ان ينصب نفسه حكما على الناس وينسى نفسه.. بل على الانسان ان ينظر الى عيوب نفسه اولا قبل ان ينظر الى عيوب غيره.. لكن ان نصب المسلم نفسه ناصحا لاخوانه آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر فهذا شيء طيب ولا يقال: انه نصب نفسه حكما على الناس يقول تعالى: (انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم) الحجرات (132) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) ويقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) المائدة (21) ويقول صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة) قالوا: لمن يارسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم ويقول صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه مايحب لنفسه) رواه البخاري. وعلى الانسان ان يصلح نفسه اولا ثم يحاول اصلاح الآخرين من باب محبة الخير لهم والنصيحة اليهم وليس من باب تنقيص الآخرين او التماس عيوبهم فان هذا نهى عنه الاسلام وانما في حب الخير لهم.وبالنسبة لقول الانسان: هذا خبيث وهذا غير ذلك.. فالانسان المسلم لا يسوغ له شرعا ان يقول ذلك في حق أخيه المسلم الا اذا كان معروفا بالانحراف ومعروفا بالمقاصد السيئة من يعرف حاله يجب عليه ان يقول ما يعلم عن خبثه وانحرافه اذا كان ذلك يترتب عليه مصلحة دينية بان يحذر الناس منه حتى يمكنهم مقاومة خطره اما اذا قال ذلك لمجرد النيل منه او لمجرد الذم فهذا لا يجوز لان هذا يصبح تعرضا شخصيا لا مصلحة فيه.ولا شك ان الحكم على الناس يحتاج الى روية وتثبت فالانسان لا يعتمد على ظنه والله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا).كذلك يجب على الانسان الا يعتمد في هذا الموضوع على خبر فاسق.. فالله تعالى يقول: (يا أيها آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين) ولهذا على المرء ان يتجنب الظنون السيئة ولا يحكم لمجرد ظنونه وعليه الا يقبل الاخبار ممن جاء بها بدون تمحيص وبدون تثبت ولا يحكم على الناس الا بموجب العلم الشرعي فاذا كان عنده علم شرعي فانه يحكم بموجب ماثبت لديه اما اذا كان جاهلا بالاحكام الشرعية فلا يجوز له الحكم على تصرفات الناس. وعلى المرء الا يخوض في هذه المجالات التي ليس له بها علم يقول تعالى: (ولا تقف ماليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا) وقال تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون). فالذي ليس عنده علم لا يصدر الاحكام بمجرد ظنه او مجرد رأيه او ما تمليه عليه نفسه بل عليه ان يتوقف لان الامر خطير جدا ومن رمى مؤمنا بما ليس فيه او وصفه بصفة لا تنطبق عليه فان ذلك يرجع وباله عليه كما جاء في الحديث ان الانسان اذا لعن من لا يستحق اللعنة فان اللعنة ترجع على من قالها وكذلك لا يجوز للمسلم ان يقول لاخيه يافاسق او ياكافر او ياخبيث او ماشابه ذلك من الالقاب السيئة يقول الله تعالى: (ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان). فالمسلم يجب عليه ان يتحفظ من هذه المجالات وان يكون عنده علم وبصيرة يستطيع الحكم بهما على نفسه اولا وعلى الناس ثانيا كما انه يجب ان تكون عنده تؤدة وتثبت وبعد نظر وعدم تسرع في الامور.