كانت دوان يينج في الثانية عشرة من عمرها عندما تركت بيت الاسرة في أيار "مايو" من العام الماضي إثر مشاجرة حادة مع والدتها. وبعد يوم واحد من هروبها، اختطفها رجل وباعها مقابل 500 يوان فقط (60 دولارا) أي برخص التراب. وسال لعاب زوجان مغرمان بتجارة السلعة الآدمية الرخيصة حيث يديران ماخورا أو وكرا لبائعات الهوى في فندق صغير بمدينة يويانج مسقط رأس دوان، بإقليم هوان جنوبيالصين. وتم إعدام رجلين في العاشر من حزيران "يونيو" الماضي لقيامهما بخطف دوان وإجبارها على ممارسة البغاء، ولقد أثارت تغطية وسائل الاعلام لمحنتها التي استمرت ثلاثة أشهر غضب الرأي العام، وسلطت الاضواء على محنة الالاف من النساء والاطفال الصينيين الذين يشترون ويباعون كل عام. والواقع أن التقارير المتكررة عن نساء وأطفال تم إنقاذهم تعكس فقط جزءا صغيرا من أعداد المختطفين، وأغلبهم لا يتم العثور عليه إلا بعد عام، إذا تم العثور عليه أو عليها أصلا. والعديد من القضايا لا يتم الابلاغ عنها لان المهاجرين الفقراء من المناطق الريفية يخشون إبلاغ الشرطة. والمسئولون المحليون أيضا يغضون الطرف عن عمليات تهريب البشر في بعض المناطق حيث يشتهر الناس ببيع النساء والاطفال . ومنذ تسعة أعوام، كانت يو خيو تعمل في محجر قريب من مدينتها لوفينج، بإقليم هونان . وتم خداعها بعرض عمل وهمي بإقليم جواندونج الجنوبي المزدهر، وحينئذ تم خطفها وبيعها كعروس مقابل 1000 يوان (120 دولارا) . ولقد استطاعت الشرطة أخيرا إنقاذ خيو، البالغة من العمر الان 35 عاما ولديها طفل، من زوجها القهري. ولكن وربما للمفاجأة، قررت البقاء في جواندونج وساقت لذلك مبررات اقتصادية. وتقول هوان شومي، مدير الاتحاد النسائي بجواندونج إن كل النساء اللائي قررن البقاء خضن صراعا مع الذات بشأن هذا القرار مضيفة ان أولئك اللواتي بقين من أجل الاطفال. وبغض النظر عن اختيارهن، فان قلوبهن قد تحطمت . يقول صندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة (يونيسيف) إن حوالي 88000 حالة خطف وتهريب تم تسجيلها في الصين بين عامي 1991-2001. وتقول اليونيسيف إن التهريب في الصين مركز بشكل رئيسي في المناطق الفقيرة والمزدحمة في وسط وجنوب غربي الصين، حيث الفقر، والخجل والخوف يجعل الكثيرين من الذين شهدوا أو عانوا من الخطف يلزمون الصمت المهين. ويحث الصندوق حكومة بكين على دعم الانفتاح والمرونة لتشجيع أسر الضحايا على الابلاغ عن عمليات الخطف ودعم المصارحة في المجتمعات حيث يعتبر الخطف والتهريب وشراء النساء والاطفال أمرا شائعا. وقال المقرر الدولي الخاص المعني بمسألة العنف ضد النساء في تقرير سابق إن قلة النساء، والنظرة التقليدية بشأن الحفاظ على نسل الذكور للاسرة وحتى ارتفاع تكاليف الزواج، كل ذلك روج لتجارة النساء. ويتردد أن والدي العروس الريفية يطلبون من أسرة العريس 30000 يوان (700،3 دولارا)، وهو مبلغ يأخذ من المزارع العادي ما بين خمس إلى عشر سنوات لتحويشه. ويقول تقرير دولي آخر في الصين، تزايدت حوادث خطف وبيع النساء في المناطق الريفية منذ منتصف الثمانينيات، لذلك فانه في بعض المقاطعات والقرى، فانه ما بين 30 و 90 في المائة من الزيجات ناجمة عن التهريب . والمهربون يعبرون الحدود أيضا إلى ميانمار، ويجبرون النساء المختطفات على العمل في صناعة الجنس في تايلاند. وبعض النساء الفيتناميات الريفيات يتم بيعهن كعرائس في الصين. كما أن عدم توازن بين أعداد الذكور والاناث منذ فترة طويلة في الصين، التي تسجل أكثر من 120 حالة ميلاد ذكور مقابل كل 100 حالة ميلاد إناث في العديد من المناطق الريفية، من العوامل الرئيسية التي تشجع على خطف النساء والاطفال عبر الصين. وأغلب الاطفال المختطفين من الذكور الرضع، ويتم اختطافهم لاشباع الرغبة التقليدية لدى الاسر الصينية في أن يكون لها وريث ذكر. ولم تؤد سياسة الطفل الواحد التي تطبق في الصين منذ أواخر السبعينيات إلا إلى زيادة المشكلة سوءا، حيث يسعى العديد من الازواج إلى أن يكون لديهما طفل ذكر وذلك بإجهاض الاجنة الاناث، والتخلي عن الاطفال الرضع من الاناث، أو في الحالات المتطرفة التخلص من الطفلة الوليدة بقتلها. وذكرت وسائل الاعلام الصينية مؤخرا أنه تم اعتقال 13 شخصا بتهمة خطف سبعة أطفال أعمارهم دون العامين في إقليم هينان بوسط البلاد. فهناك عصابة من راكبي الدراجات بالمناطق المنعزلة ينتزعون الصغار من أيدي أمهاتهم الوحيدات ويبيعون الذكور مقابل ما يتراوح بين 10000 إلى 13000 يوان (1.200-1.600 دولارا) في المناطق الحضرية. وفي قضية أخرى، تم إصدار حكم الاعدام ضد عشرة أشخاص بإقليم هيبي شمالي البلاد لاختطافهم 16 طفلا، توفي أحدهم، من حضانة أطفال ملحقة بمنجم صغير للفحم. وبينما تتواصل عمليات الخطف في العديد من المناطق بالصين خاصة الريفية منها، فان الشرطة غالبا ما تواجه الاتهام بالتقصير. تقول وكالة الانباء الصينية انه في حي يونيان بمدينة جوييانج جنوب غربي البلاد وهو حي غالبيته من المهاجرين، قدمت 224 من أسر الاطفال المفقودين مؤخرا عرائض للشرطة المحلية. ولم تتوصل الشرطة إلا إلى 20 في المائة فقط من الاطفال الذين اختفوا بين عامي 1993-2001 في منطقة يونيان، حيث فقد 40 طفلا في عام 2000 وحدها.