لقد قضى علماء العرب والمسلمين فترة طويلة من الزمن في البحث والتدقيق عن سر الحصول على الذهب والفضة من عنصري الزئبق والكبريت النقيين لذا انكبوا وبكل جدية على ترجمة مؤلفات علماء اليونان التي تحتوي على افكار الحضارات السابقة لهم حول هذا الموضوع وبعد جهد بلور علماء العرب والمسلمين حركة التأليف في ميدان علم الكيمياء بين علمائهم ونتيجة لذلك حضروا في معاملهم العدد الكبير من المركبات الكيميائية التي لا تزال تستعمل في هذه الايام والجدير بالذكر ان فكرة تحويل المعادن البخسة الى ثمينة ادت الى استحضار عدد كبير من المركبات الضرورية. واضاف عز الدين فراج في كتابه فضل علماء المسلمين على الحضارة الاوروبية قائلا: كان للعرب منذ القرون التي اتت بعد الاسلام اليد الطولى في البحث عن سر الكيمياء والالمام ببعض عملياتها المختلفة وكان علم الكيمياء يعرف بأسماء كثيرة منها السر الاعظم والسر المكتوم والصنعة الالهية والحجر المكرم والحجر الفيلسوفي نسبة الى الصعوبة التي كان يلقاها الباحث في الاستقصاء عن تفهم سر الكيمياء وكان غرضهم من مزاولة الكيمياء وتحضير المعادن النفيسة من المعادن التي دونها مرتبة او تحضير دواء يشفي الاسقام والعلل او لاسباب اخرى. لقد تفوق علماء العرب والمسلمين على الحضارات الاخرى بالصناعات المختلفة حيث عملوا اجهزة وادوات للقيام بتجاربهم الكيميائية وهذه نتيجة معرفتهم التامة بأن علم الكيمياء يهتم اهتماما بالغا بدراسة المادة ومايمر عليها من تغير في الجوهر وايضا في الطاقة الكامنة وهذا كله ورثه علماء الغرب (اوروبا) فوجدوه لقمة سائغة ومن الاسف الشديد ان معظم علماء الغرب ينسبون الالات المتقدمة والافكار العلمية التي اكتشفها علماء العرب والمسلمين لانفسهم. ويقول محمود الحاج قاسم محمد في كتابة الموجز لما اضافه العرب في الطب والعلوم المتعلقة به: ان الانجازات العظيمة التي حققها العرب في علم الكيمياء كان لابد ان يسبقها تجارب عديدة وبحوث طويلة ولاجراء هذه التجارب كان لابد من وجود اجهزة وادوات تسهل القيام بها بصورة عملية دقيقة لذلك نرى ان كتبهم حافلة بشروح مسهبة للاجهزة التي كانوا يستعملونها كما نجد ذكرا كثيرا لشروط العمليات التي كانوا يقومون بها ومايحيط بها من ظروف التفاعل ومما يدعو للعجب ان الغربيين قد اخذوا عنهم هذه الاجهزة التي هي من ابتكارات العرب ونسبوها الى انفسهم مع العلم بأن قسما من هذه الاجهزة لايزال يعرف عندهم بأسمائها العربية. وباستخدام الاجهزة المتقدمة تمكن علماء العرب والمسلمين من جعل التجربة المخبرية والملاحظة والاستنتاج العلمي قاعدة متينة لعلم الكيمياء والجدير ذكره ان معظم مؤلفات علماء العرب والمسلمين في هذا المجال الحيوي تحتوي على عدد كبير من الاجهزة المتقدمة الموصوفة وصفا علميا في غاية الدقة واكد هذه الحقيقة جورج شحاته قنواني في كتابة تاريخ الصيدلة والعقاقير حيث قال: ان كتاب سر الاسرار لابي بكر الرازي كمثال يحتوي على اكثر من خمسة وثلاثين جهازا سبق ان استعملها في المختبرات الكيميائية.