كان لعلماء العرب والمسلمين مكان مرموق في اكتشاف العديد من المركبات الكيميائية الجديدة التي لم يسبقهم اليها احد.. وهذا بدون ادنى شك نتيجة اهتمامهم الملحوظ في بدراسة الكتب الكيميائية القديمة التي حصلوا عليها من الحضارات السابقة لهم. ويقول حميد موراني في كتابه (تاريخ العلوم عند العرب) لقد وفق العرب الى تحقيق اكتشافات حقيقية علمية في علم الكيمياء. واكتشاف تركيبات كيميائية جديدة، بالرغم من محاولتهم الخالدة كشف الاكسير الذي يهب الحياة ويعيد الشباب.. ولمعرفة حجر الفلسفة الذي يحول المعادن الى ذهب. وتوصل العرب الى استحضار حامض الطرطير (النطرون)، وحامض الكبريتيك، وحامض النتريتيك، والماء الملكي (حامض النتروهيد وكلوريك). وبدلوا الطرق البدائية في صهر المعادن، كما تمكنوا من استحضار عدد كبيرمن المركبات الكيميائية، كماء الذهب، والصودا الكاوية، وكربونات البوتاسيوم، وكربونات الصوديوم، والزرنيخ، والاثمد، والقلويات والنشادر، ونترات الفضة والراسب الاحمر وغيرها. ولقد قدم علماء العرب والمسلمين في ميدان علم الكيمياء دراسات دقيقة جدا حول الفروق بين الحوامض والقلويات. وكذلك تحدثوا بوضوح تام عن النتائج العلمية التي تتم اثناء التجارب العلمية التي يقوم بها الباحثون في المعامل.. وهذا يعطي القارئ اللبيب انهم صححوا الاخطاء الشنيعة التي وقع فيها علماء الحضارات القديمة. واضاف حميد موراني في كتابة آنف الذكر قائلا: وفرق علماء العرب بين الحوامض والقلويات، وراقبوا ازدياد المعادن وزنا في عمليات التأكسد وعرفوا ان النار تنطفئ بانعدام الهواء، وطوروا عمليات اساسية في الكيمياء كالتصعيد، والترشيح، والتذويب، والتبلور، والتسامي، والتكليس، والتقطير، وميزوا بين التقطير المباشر والتقطير بواسطة الحمام المائي او بواسطة الحمام الرملي. ومن علماء العرب والمسلمين الذين تميزوا في كثير من فروع المعرفة ابو الريحان البيروني، فهو من الرواد للعلم الذين اهتموا اهتماما عظيما بالتفاعلات الكيميائية، وهو من الذين عارضوا كثيرا من افكار علماء اليونان وغيرهم الفلسفية، واصر على ان علم الكيمياء يجب ان يعتمد اعتمادا كليا على التجربة المخبرية. ولو تمعنا فيما وصل اليه علماء العرب والمسلمين في مجال علم الكيمياء لوجب على العلماء في العالم اجمع ان ينسبوا علم الكيمياء الى العلوم العربية والاسلامية من حيث نشأته وتأصيله، حيث ان الدور الذي لعبه علماء الاسلام في هذا الميدان عظيم لولاه لتأخرت الحضارة المعاصرة اعواما عديدة. فمثلا البيروني يعتبر بحق عالما متميزا في كل من الفيزياء، والفلك، والرياضيات، والجغرافيا، والتاريخ، ولكن علم الكيمياء، يحتل بالنسبة له مكان الدرجة الثانية، وعلى الرغم من ذلك له افكار اصيلة بهذا المجال الحيوي.