اذا ابتعدنا عن النخيل والثمار وحاولنا الولوج الى زوايا ما يفيض به الوجدان نجد الكثير من هذا المحاورات والمساجلات بين من جمعتهم الأصرة الأسرية والأخوة الأدبية. ومن طريف المطارحات ما دار بين الشيخ علي بن عبدالرحمن المبارك والشيخ عبدالعزيز بن حمد المبارك فقد ارسل الشيخ علي إلى الشيخ عبدالعزيز ابياتا شكا فيها من هجر الحبيب بسبب الملال.. فعرض شكواه بأسلوب حواري دار بينه وبين محبوبه الهاجر.. وختمها بالتماس العون والرأي من مخاطبه..يقول: ==1== إليك شكا صب لغيرك ما شكا==0== ==0==صدود الهوى حاز الحشا وتملكا رشا كلما صادفته صد معرضا==0== ==0==فقلت ألي ذنب؟ فقال حشا لك فقلت: فهل عذر به أفتل الأسى==0== ==0==فقال: محب بعد وصلك ملكا فقلت:فما لي عن هواك معوض==0== ==0==فقال: إذا ما كان ذا فلك البكا فعبدالعزيز لا لغيرك مقصدي==0== ==0==ولا مشتكى إلاك لي أنت مشتكى فقل استمع قولا لحل شافيا==0== ==0==يطيب به نفسا ويشكر بركا ==2== وقد اجابه الشيخ عبدالعزيز بقصيدة طريفة بدأها بتمني لقاء الحبيب وفداه بنفسه مما يشتكيه وابدى تعجبه من هذه الشكوى لصدورها من قوي فاتك مثله.. وشبه حال صاحبه في تظلمه من حبيبه بحال تظلم الضيغم من الظبي.. فهو حال يدعو للعجب فقال: ==1== لقا لك يا ابن الأكرمين لقا لكا==0== ==0==ونفسي مما تشتكيه فدا لكا أمن ظلم أحوى بارد الظلم تشتكي==0== ==0==كأن لم تكن من أسد بيشة أفتكا خليلي هل أبصرتما قط ضيغما==0== ==0==تظلم من ظبي الكناس او اشتكى ==2== ثم هنأه على هذا العشق الجديد وتساءل عن هذا المعشوق الآسر الذي اوقع صاحبه في حباله: ==1== ألا يا ابن عمي هل تعشقت بعدنا==0== ==0==ليهنك ذا العشق الجديد ليهنكا فياليت شعري اي ظبي علقته==0== ==0==واي شياه الحسن تيمن لبكا ==2== وابدى دهشته من توجيه شكايته اليه بعدما تنسك وتخطى عهد اللهو والصبا.. وعزا ذلك الى تعمد الشاكي اثارة حبه القديم الذي طواه النسيان: وناشده ان يرفق به.. فقد جدد وجده الدفين واصبح في شغل عن صاحبه بهواه الذي تسلط عليه من جديد: ==1== حنانيك قد ألهبت قلبي بالجوى==0== ==0==وحركت مني ساكنا متحركا وما كان اولاني بنصرك عاجلا==0== ==0==ولكن سلطان الهوى كان املكا ==2== وبعد شكوى الغرام تأتي شكوى الزمان حيث بعث لي الشاعر الشيخ احمد بن محمد الخليفة رسالة اخوية بتاريخ 25/2/1987م ذيلها بالأبيات التالية: ==1== يارفيق الشباب ان الكهولة==0== ==0==هل غزتنا من غابة مجهولة لست ادري يا صاحبي اليوم عنها==0== ==0==هل تراها شيطانة أم غولة قد كرهنا قدومها والليالي==0== ==0==شاهدات لها بكل فضيلة لو أصابت (شمشون) خارت قواه==0== ==0==ومشى خاضعا لأمر دليلة نحن قيثارة الجمال على الدنيا==0== ==0==ومغمازنا العيون الكحيلة إن سكتنا عن التغني بحسن ==0== ==0==الغيد يوما فإنها المسئولة ==2== وهناك في الشعر الاحسائي المعاصر الكثير من المساجلات والمقطعات التي تدور بين الإخوان من ذوي الأدب ومن لهم إلمام بالشعر,علما بأن أسلوب هذه الإخوانيات يرتكز على النظم واستعمال المحسنات اللفظية البديعية والبيانية والالتزام بعروض الشعر. وهذه الإخوانيات.. إن كانت تخلو من الإبداع الفني الا ان لها ميزتين: الاولى:انها لا تخلو في الغالب من روح النكتة والطرفة مما يدخل في باب الفكاهة المحببة الى النفوس. والثانية: ان هذه الاخوانيات تعرف القارىء في الغالب ببعض الاشخاص والاماكن والمواقف..وتحتوي صورا اجتماعية غير حاضرة الآن فيكون القارىء على المام بها. لقد لخص الدكتور محمد الملا دوافع تلك الحالات بقوله: (إن اخوانيات العتاب والشكوى والاعتذار عكست عصر الضيق الاقتصادي والقلق الاجتماعي والاضطراب السياسي حيث تضيق الصدور وتظلم القلوب ويظن بعض الناس ببعضهم الظنون كما صورت نفسياتهم وطبائعهم المتأرجحة بين الرقة والخشونة والحساسية والتحفظ. وإن إخوانيات الاستدعاء والفكاهة والالغاز دلت على ميل الشعراء للاجتماع والمؤانسة والمباسطة واللهو والترف وان اخوانيات الشكر والتوديع دلت على وفاء الشعراء لاصحابهم وتعلقهم بهم كما أن اخوانيات الهدية والتهنئة والتعزية انطوت على نمو الحس الحضري واهتمام الشعراء بالمناسبات الاجتماعية ومشاطرتهم أصحابهم في الأحزان والمسرات). والقارىء يدرك تمام الادراك انه بمجرد قراءة هذه المقطوعات الشعرية وما دار فيها من حوارات ومساجلات تفتح امامه آفاق جديدة من المعرفة وتمهد له سبيل الاطلاع للتزود مما يريد الالمام به. وقد تجمع لدي كم لا بأس به من الرسائل الشعرية والمساجلات والصور الفكاهية اضافة إلى مما حوته كتب الأدب مما شجعني على وضع بحث عن هذه الاخوانيات وتقديمها مرتبة مبوبة مع هوامش تحتوي على تراجم قائليها وبيان الأماكن التي يرد ذكرها مع ذكر المصادر. وإنني ارجو ممن لديه معلومة او ملاحظة.. او مقطوعة شعرية مما يدخل في هذا الباب ان يزودني بها وان يرشدني لمواطن الخطأ لأتمكن من المبادرة لتصحيحه والله ولي التوفيق.