أكد خبراء ومختصون اقتصاديون على أهمية علاج ظاهرة «السعودة الوهمية» وأن على وزارة العمل إيجاد حلول حقيقية تجنب المنشآت اللجوء الى هذا الأمر, مؤكدين أن بعض سياسات الوزارة هي من عزز انتشار هذه الظاهرة التي تضرب الاقتصادي الوطني وتكبده خسائر كبيرة وتفاقم من مشكلة البطالة ولا تحلها بشكل صحيح ونهائي. من جانبها قالت وزارة العمل إن من الخطوات المهمة للقضاء على السعودة الوهمية هي ربط حسابات جميع الموظفين والعاملين في القطاع الخاص بحسابات بنكية، والذي سيفضي بطبيعة الحال إلى تقليص السعودة الوهمية في جميع المؤسسات والشركات، خاصة تلك التي ظلت تماطل في تحقيق نسب السعودة المطلوبة، وفق الانظمة واللوائح المعمول بها في المملكة، مشددة على ضرورة تطبيق الأنظمة بحق المخالفين بانتهاء المهلة المحدد بتاريخ 29 ذي الحجة . وقال مدير الإدارة العامة للتفتيش في وزارة العمل فيصل العتيبي إن وزارة العمل تبذل جهوداً حثيثة للحيلولة دون انتشار هذا الظاهرة, وأبرز هذه الحلول تتمثل في إيجاد برنامج «حماية الأجور» والذي سيكون سببًا رئيسيًا في تقليص السعودة الوهمية، مبينًا أن العمل ستعمل على تنفيذ العقوبات المتجددة ضد المخالفين للإقامة بعد الانتهاء من المهلة التصحيحية التي منحها المقام السامي للمخالفين. وأوضح أنه يحق للمنشآت بحسب نظام العمل الاشتراك في نظام حماية الأجور قد بدء بشكل تجريبي قبل تاريخ الإلزام الخاص بهم كما هو معروف ولن يترتب على هذه المشاركة التجريبية أي عقوبات أو ملاحظات، مشيرًا إلى أنها تشمل ضوابط برنامج حماية الأجور من ناحية فرق الرقابة والتفتيش. وأشار العتيبي إلى أنه في حال تأخر رفع الملف شهرًا أو تأخير الصرف عن الوقت المتفق عليه أو صرف الأجور بقيم تختلف عما هو متفق عليه ستتم جدولة زيارة تفتيشية للمنشأة والمخالفة حسب أنظمة الوزارة. ووفي نفس السياق قال الاقتصادي عبد الحميد العمري إن رواتب التوظيف الوهمي في القطاع الخاص بلغت المليارات، مبيناً أن هذه الشركات لا تعتبر هذه الرواتب خسارة، وقال: هذه الشركات تحمِّل هذا على المستهلك، وهذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، كما أنها تتخلَّص من صداع رقابة العمل على نسبة السعودة، وقال: لقد حذَّرتُ وزارة العمل منذ ثلاث سنوات من الإسراع في توطين الوظائف دون معالجة التشوهات التي يعاني منها سوق العمل، لافتاً إلى أنه سوق غير منتج. وانتقد «العمري» وزارة العمل لأنها لم ولن تملك القدرة على فهم تشوهات سوق العمل، ولم تعالجها من جذورها، وكذلك عدم فاعلية برامجها التي لم توظف المواطنين، بل أدَّت إلى الوقوع في فخِّ السعودة الوهمية، محذراً من تداعياتها، وقال: إنها تعمِّق من مشكلات سوق العمل، وستنتقل من مجرد تشوهات اقتصادية إلى أزمات لا يمكن حلُّها بطريقة تقليدية، وقد تهدد الاقتصاد السعودي خلال العامين القادمين. وأعرب عن قلقه من أن تصبح السعودة الوهمية خطراً يُهدد زعزعة الاستقرار في دخل الأفراد، وقد تنتقل آثارها المدمِّرة إلى الاقتصاد الوطني، محذراً من حدوث فجوة بين الطبقات في المجتمع، وهذا بدوره يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار الاجتماعي، وطالب في ختام حديثه مجلس الشورى برفع توصية لخادم الحرمين للمطالبة بتجميد وتعليق برامج وزارة العمل، وفتح تحقيق في أخطائها؛ لمعالجة آثار الخلل من جذوره. من جانبه لفت الخبير الاقتصادي الدكتور محمد بن دليم القحطاني أن هناك الكثير من الشباب يرون أن وزارة العمل لم تقم بدورها المطلوب في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وإعطائه الأجر المناسب، وقال: عدد الشركات والمؤسسات السعودية أكثر من مليون و300 ألف، وهناك 650 ألف شاب وفتاة معاقين يعملون بها، أي ما يقرب من 50% من إجمالي الشباب السعودي يعمل في الشركات، معتبراً إياهم قوة مهدرة داخل الشركات. كما أن هناك فجوةً كبيرةً بين متطلبات وزارة العمل وبين الشركات والمؤسسات السعودية ولكلٍّ استراتيجيته، مشيراً إلى أن وزارة العمل تواجه ضغطاً كبيراً في توظيف أكبر عدد من الشباب والشابات السعوديين؛ لتقليص نسب البطالة المرتفعة. من جهة أخرى تنظر الشركات السعودية لمصلحتها في المقام الأول، وترى أن الشاب السعودي غير مهيَّأ وظيفياً، حيث يمثل عبئاً مالياً وتنظيمياً وإنتاجياً عليهم عند مقارنته بالعامل الأجنبي، إلى جانب أنه ليس لديه ولاء وحب للعمل. وأضاف «القحطاني» أن من أبرز التأثيرات السلبية للسعودة الوهمية إهدار الشركات لرواتب شهرية تُقدر ب 585مليون ريال، بما يعادل 7 مليارات و20 مليون ريال سنوياً، دون أي عائد إنتاجي، محذراً تلك الشركات التي وقعت في فخ الأموال المهدرة، وما ستواجهه على مدى السنوات القريبة القادمة من قلة السيولة، وضعف الإنتاج. ولحل هذه المشكلة طالب الخبير الاقتصادي «العمل» بالإسراع في توثيق الصلة مع هذه الشركات وطالبي العمل، وأخذ مبلغ مقطوع (10%) من رواتب هذه الشركات تذهب لصالح شركة واحدة فقط تابعة لوزارة العمل؛ أسوة ببعض الدول الأوروبية؛ حتى تكون هي المسؤولة عن تحديد احتياجات سوق العمل وتدريب وتهيئة طالبي العمل، حتى يكون لها دور فاعل في تغذية سوق العمل بهؤلاء الشباب والشابات المدربين على أعلى المستويات، مقترحاً «جاهز» كمسمى للشركة وقال: فلننتقل من «حافز» ل»جاهز». الجدير بالذكر أن السوق السعودية تعاني من انتشار «السعودة الوهمية» بشكل كبير , فقد أكدت بعض الإحصاءات أن من القوى البشرية يحتاجهم سوق العمل ولا يعملون، في حين أن أكثر من سبعة ملايين ريال سعودي تصرف سنوياً لغير مستحقيها، يدفع ثمنها المستهلك، نتيجة للسعودة الوهمية المبطنة التي اعتمدت في توظيفها على الكم بعيدة كل البعد عن الكيف والكفاءة.