أكد محمد بن عبدالعزيز العجلان عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة التجارية بغرفة الرياض، أن المنافسة الشرسة التي كان يواجهها الشاب السعودي داخل قطاع الأعمال والمتمثلة في تضخم العمالة وقلة كلفتها أمام تكلفته عليهم باتت تشهد انفراجاً كبيرا مع حملة تصحيح العمالة، وقال انه ما لم ينظر في إعادة تنظيم أوقات الدوام لقطاع التجزئة «الذي يعد أحد أكبر القطاعات المشغلة للعمالة» وما لم تكن هناك برامج توعوية اقتصادية مكثفة لإحياء روح ثقافة العمل الحر، فستتلاشى فرص الاستفادة من الفراغ الذي يعيشه السوق عقب الحملة. وطالب العجلان كحل جذري لمشكلة التسرب الوظيفي والسعودة الوهمية ولخلق الأمان الوظيفي لدى السعوديين العاملين بالشركات، بإيجاد تصنيفات تربط بسنوات الخدمة واحتساب السعودي بوزن خاص يحفز الشركات لتوظيفه وفق أسس وظيفية مطمئنة بالنسبة له ومستقرة بالنسبة للشركات، مشيراً أن التوظيف الحاصل الآن يعني ب «الكم» دون «الكيف» ويخلق سعودة وهمية لا نوعية. محمد العجلان تحدث عن محاور عديدة وهامة حول الواقع التجاري تفاصيلها في حوار «الرياض» معه.. تصحيح سوق العمل الرياض: بداية كيف ترون تأثيرات تطبيق تصحيح سوق العمل على القطاع التجاري خصوصا بعد انتهاء الحملة؟ - نحن كقطاع تجاري وقطاع الأعمال نؤيد الحملة ونقف معها قلبا وقالبا، السوق السعودي استمر لعقود يشوبه الكثير من الفوضى وعدم التنظيم، والأسباب متعددة ومنها التنمية المهولة وحجم المملكة الجغرافي والاقتصادي والذي تطلب قدوم عمالة بأعداد كبيرة لتغطية امتدادات التنمية التي طالت كل جزء من المملكة، غير أن ذلك لا يمنع من القول ان هذه الحملة جاءت متأخرة جداً وفي وقت صعب - من وجهة نظر قطاع الأعمال -، لكن وفي كل الأحوال نحن بانتظار فوائدها الإيجابية من حيث محاربة التستر وخلق بيئة عمل أفضل للشباب السعودي الذي يطمح أن ينخرط في سوق العمل، باعتبار أن كثيرا من الشباب كان يصطدم بالواقع الشرس للعمالة وسيطرتها على الأعمال، وستتغير معادلة العرض والطلب لديهم والتي كانت تميل في السابق للوافد الذي ينافسهم في هامش ربح وستظهر فرص كبيرة على الشباب السعودي اقتناصها، والذي أراه أن الحملة نقلة في قطاع الأعمال، لكن في نفس الوقت لا بد أن يكون هناك توازن يمنع الضرر والإرباك أو توقف بعض الأعمال للسوق، وإن حصل فذلك ليس من صالح المستهلك أو الاقتصاد. ومن المهم أن يستمر السماح بالتصحيح لأصحاب الأعمال وللمقيمين الراغبين بالتصحيح، وأيضا للشركات التي صححت أوضاعها وضمت تحت مظلتها عددا من الوافدين وكانت نطاقاتهم جيدة، وهؤلاء أرجو من وزارة العمل منحهم التأشيرات التي تحتاجها تلك الشركات، وإلا سيكون هناك خلل في السوق. الرياض: لكن هل هيئ الشباب لاقتناص هذه الفرص، وكان هناك حملة للتصحيح لكن لم يصاحبها حملة أخرى لتوجيه الشباب لاقتناص هذه الفرص، وما رأيكم؟. - للأسف لم يكن هناك دور لذلك، لكن لا نريد تحميل وزارة العمل هذه المسؤولية لأن دورها ينحصر في تنظيم سوق العمالة وتوظيف السعوديين إلى آخره، بينما هناك برامج عديدة قد يوكل إليها بعض هذه الأعمال، وهي تنشط في ذلك رغم أننا نطمع بالمزيد، كبرنامج ريادة والغرف التجارية، رغم أن الأدوار يجب أن تكون ممنهجة بحكم الاختصاص كمخرجات التعليم والمعاهد المهنية والجامعات، وهؤلاء لهم دور في إعادة إحياء ثقافة العمل الحر، وهنا أشيد بتجربة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حيث لديها برنامج التدريب التعاوني وتشرفت بالانتساب لهذا البرنامج حينما كنت أحد طلابها حيث عملت ستة أشهر في منشأة خاصة وقد استفدت بدرجة كبيرة، لكن أؤكد أن الظروف الآن مهيأة للشباب السعودي وأدعوه لاقتناص هذه الفرص. نطاقات أفرز سعودة على الورق.. والحل في المسار الوظيفي خلق التوازن في قطاع التجزئة الرياض: برأيكم كيف يمكن خلق توازن مطلوب بين فتح الاستقدام خصوصا لقطاع التجارة والتجزئة بترشيد مدروس لكي لا تعود الفوضى على ماكانت عليه وبين تحقيق رغبات رجال الأعمال بإعطائهم تأشيرات متى ما طلبوها؟ - مع فترة التصحيح خلال الستة أشهر الماضية أصبح لدى وزارة العمل قاعدة بيانات أكثر دقة يمكن من خلالها معرفة من هم أصحاب الحاجة الحقيقيين، وأرى أن على وزارة العمل الآن فرز المنشآت التي كانت تتلاعب وتتستر وهي من يظفر بالتأشيرات وبالنهاية نراهم عمالة سائبة، وهناك نقطة مهمة تتعلق بالسعودة الوهمية أفرزتها نطاقات، نطاقات أصبح سيفا مسلطا وهو ما اضطر كثير من الشركات الكبيرة والصغيرة للزج بأسماء سعوديين إلى أن اصبح السعودي عملة نادرة، وأصبح البعض يصطادهم كأسماء للدخول بهم إلى النطاق الأخضر، وهي سعودة على الورق أفرزت أرقاما ليست حقيقية، وصرح بذلك محافظ مؤسسة التأمينات الاجتماعية السابق في حديث صحفي عن آثار السعودة الوهمية. واتفق مع ما صرح به معاليه حول السعودة الوهمية. السعودة الوهمية الرياض: وما هي برأيكم حلول القضاء على السعودة الوهمية؟ - أحد أهم الحلول لهذه المشكلة بأن يكون هناك تصنيفات ترتبط بالراتب وسنوات الخدمة، الآن السعودي الذي يتوظف حديثاً ويبلغ راتبه ثلاثة آلاف ريال، تصنيفه لا يختلف عن السعودي الذي يتقاضى عشرة آلاف ريال كأجر شهري وربما يكون قد أمضى سنوات طويلة في المنشأة.. وعندما تعطي وزارة العمل الأفضلية للشركات والمؤسسات لمن راتبه أعلى وعدد سنواته أقل تخلق الأمان الوظيفي للسعوديين بالقطاع الخاص وتجبر أصحاب هذا القطاع للتمسك بالسعودي في منشأته، لكن ما هو حاصل الآن الحصول على الكم دون الكيف.. بمعنى سواء كان لديك لديّ عشرة سعوديين أو مائة سعودي وأيا كانت شهادته وسواء عمل كمدير أو ككاتب أو كمعقب، جميع ذلك يوضع في ميزان واحد وهذا خطأ، ولو كان احتساب السعودي بوزن معين فسيكون ذلك مدعاة لحرص الشركات على توظيف السعودي وفق أسس وظيفية مطمئنة بالنسبة لهم وستحرص الشركات حينها على تأهيل وبناء مسار وظيفي لموظفيها من السعوديين وسيعزز ذلك من الأمان الوظيفي للباحث عن عمل مما سيجعله يستمر لفترات طويلة بالعمل، وبهذه الطريقة سيكون هناك سعودة نوعية وهو ما نبحث عنه، ولاسيما وأن لدى وزارة العمل الآن طرقا لمكافحة اختراق نظام السعودة الوهمية أو استغلالها، والوزارة التي أوجدت نطاقات ويشكرون على الجهد الجبار الذي بذلوه ليسوا بعاجزين على وضع آليات لسد ثغرات المتلاعبين، لأنه في كل نظام هناك فئة قليلة لا بد وأن تسعى للالتفاف على النظام. الرياض: كيف ترون وضع القطاع التجاري بعد التصحيح، ولاسيما وهو يعد من أكثر القطاعات التي تأثرت بالتستر، وما هي برأيكم الحلول لقفل الباب نهائياً على المتستر أو المتستر عليه؟ - التصحيح وخروج الكثير من غير النظاميين سوف يحد من التستر، لكن إذا لم يعط أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة التأشيرات اللازمة فلن يستطيعوا أن يواكبوا التنمية ومتطلبات الأسواق من انتشار وتوسع، بينما إذا أعطوا الفرصة سوف يتمكنوا من ضبط الأسواق وتغطية ما قد يؤثر عليها بعد الحملة من ارتفاع أسعار أو غيره، في السابق كانت تكاليف المخالفين والمتسترين أقل من تكاليف أصحاب التجارة المنضبطة والذين يدفعون تكلفة التأمين ولديهم نظام وإطار معين، وعليه فأؤكد أن الفوضى التي استمرت سنوات طويلة وأفرزت مشاهد تستر بحاجة لوقت لا يقل عن السنة لنلمس آثاره بشرط استمرار الحملة على ما هي عليه. الرياض: ما هي العوائق التي يمكن أن تفرزها الحملة الآن في السوق التجاري، وما هي الأعمال التي ترى أنها ستتأثر أو يرتفع سعرها؟ - مدينة الرياض – على سبيل المثال - مدينة كبيرة وتحتل جزءا لا يستهان به من الاقتصاد والعمالة، وما ينطبق على الرياض ينطبق إلى حد كبير على المدن الكبرى الأخرى، ألا وهو التضخم المهول في عدد المحلات التجارية والذي يعد من أعلى المعدلات العالمية، وهذا غير طبيعي وغير صحي وهو بسبب عمالة وافدة وغير محترفة بل ومخالفة أيضاً وتم الطلب عليها بسبب تدني سعرهم، ولهذا بتنا نراهم بكثرة وهم السبب في تضخم وتزايد أعداد المحلات، حيث يمكن أن ترى أكثر من عشر بقالات في مساحة ضيقة جداً.. فهل نحن بحاجة فعلاً لكل هذه البقالات ومن سمح لهم بالعمل؟ دور البلديات الرياض: هل ترى بأن على البلديات دور تدقيقي أو نظامي لوأد هذه المسالك؟ - البلديات وجهات أخرى تعتبر أننا في اقتصاد مفتوح وكل له الحق في العمل والمنافسة، لكن المشكلة في إعطاء رخص دون تطبيق الكثير من الضوابط المطلوبة، والآن اعتقد أن تلك المرحلة انتهت من خلال الأنظمة الجديدة بالترابط الذي نشأ بين جهات الشأن كالزكاة والبلديات ووزارة العمل التأمينات الاجتماعية، لكن نتمنى أن لا يتكرر ذلك، لكن على وزارة العمل أن تدقق لكي لا يجد المتلاعبون منافذ أخرى للتحايل. الرياض: قطاع التجزئة يحتل مساحة كبيرة بالنسبة للقطاع التجاري، وهناك أحاديث عن تعديلات على أوقات العمل في القطاع التجاري لجذب السعوديين، كيف ترون ذلك؟ - قطاع التجزئة من القطاعات المهمة التي تستوعب عددا كبيرا من العمالة والفرص التجارية، لكن إذا كان الحديث عن التوظيف فلا تزال هناك إشكالات تم مناقشتها لكن لم يكن لها نتيجة إيجابية، ألا وهي تنظيم ساعات العمل بصورة تتماشى مع الظروف الاجتماعية وإلا فلن يستطيع السعودي العمل بانضباط ما لم يتم تقليص ساعات الدوام، والمحلات الآن قد تستمر للعمل حتى الساعات الأولى من الصباح، وهذا الوضع لن يمكن السعودي من العمل ومنافسة الأجنبي الذي يملك المزايا التي تجعله يعمل دون حساب للوقت بهدف جمع ما يمكنه من المال قبل سفره لوطنه، وعليه فلا يمكن جعل قطاع التجزئة جذابا ما لم يتم إعادة تنظيم ساعات العمل وتقليص أوقات العمل، مع التذكير بالفوائد التي يمكن أن نجنيها عبر إغلاق المحلات في وقت مقبول بالنسبة للسعودي الذي يعمل في هذا القطاع، حيث ستقل تكاليف الكهرباء والمواصلات وهناك فوائد أخرى لا يتسع المجال لذكرها وأهمها تقليص التحاويل المالية.. وجميعنا يتذكر أن عمالة أسواقنا في الماضي البعيد كانت سعودية شبة 100%، لكن كانت تغلق عقب المغرب أو مع آذان العشاء، الآن تغير نمط الحياة والاستهلاك، وأنا لا أقصد أن نقوم بإغلاق جميع الخدمات في وقت مبكر، فقط القطاعات التي نراها مغرية للسعودي بشكل أكبر، وقد يكون هذا المطلب غير محبب للكثير من رجال الأعمال لكن أؤكد أن الكثير منهم يؤمنون بدورهم الوطني، مع العلم أن هذا المطلب بات مهماً دراسته مع وجود أعداد كبيرة من طالبي العمل. الرياض: التحاويل المالية للعمالة، برأيكم كم تتوقعون نسبة انخفاضها عقب الحملة التصحيحية؟ - حجم التحاويل سيكون طرديا مع الحملة التصحيحية، لكن أتوقع أن تتقلص بنسبة 25% على الأقل، بشرط استمرار الحملة والتصحيح.