يرى العديد من اصحاب المنشآت اوالشركات الصغيرة الاكتفاء بالتخطيط من خلال التوقعات لفترات قصيرة، ورصد ميزانيات النفقات وأدوات التخطيط الاخرى على المدى القصير ولذلك يرفض هؤلاء فكرة التخطيط للمدى الطويل بقولهم ان ذلك يخص الشركات الكبيرة/. ولا شك ان هؤلاء الرجال مخطئون اذ اخذنا بعين الاعتبار التغييرات المتواصلة والسريعة في عالم اليوم، وكون طرق الانتاج الحالية يمكن ان تتصف بعدم ملاءمتها للتطبيق في العام القادم او الاعوام التي تليه، وانطلاقا من مبدأ ان خطوط الانتاج الحالية ربما تكون مستنفدة او انها تموت رويدا رويدا لاعوام قليلة قادمة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: اي المؤسسات الصغيرة يمكن ان تحظى بالفرصة الافضل لاستمرارية البقاء؟ اتلك التي يغفل اصحابهاعن التخطيط لانشغالهم بالأزمات والمشاكل في عالم اليوم؟ ام تلك المؤسسات التي يخطط اصحابها للمستقبل؟ ان المؤسسات الصغيرة في وضع تحتاج فيه للتخطيط الشامل اكثر من المؤسسات الكبيرة، وقليل من هذه المؤسسات يتوفر لديها موارد كافية للتغلب على المشاكل المستقبلية بامكانات مالية قوية، وقليل ايضا من هذه المؤسسات تقوى على التعهد بتحمل الخسائر التي يمكن ان تلحق بها نتجة لحدوث تغيرات غير متوقعة بسبب اعتمادها على منتوج واحد او على عدد قليل من الزبائن الرئيسيين. وهكذا، فان التخطيط للمدى الطويل هو عملية تفكير منظم وواع لمستقبل مؤسسة ما كوحدة متكاملة، ولذلك فان التخطيط ادأة هامة لتوفير القدرة على التنافس بكفاءة، ومحاولة الحد من الأزمات والاختناقات المستقبلية. فوائد التخطيط في المدى الطويل ان التخطيط المنظم لمستقبل مؤسسة ما يمكن مديرها من تحقيق العديد من الفوائد، مثل: 1 توفير الوقت الكافي للاجراء المناسب. 2 اتخاذ القرارات ذات التأثير في المدى الطويل. 3 الاستخدام الامثل للموارد. 4 تحسين الاعمال الحالية. وسنتحدث عن هذه الفوائد بشيء من التفصيل: توفير الوقت الكافي: ان معالجة الامور في العمل تحتاج الى وقت، ولابد للمدير ان يضع في اعتباره ليس فقط التغييرات التي يتطلب الوضع اجراؤها في العمل، وانما ايضا الوقت اللازم لاجراء هذه التغييرات. وعلى سبيل المثال، اذا توقعت بأن واحدا من منتوجاتك سوف يصبح غير مرغوب فيه، فليس من المنطق ان تفكر في محاولة انتاج نوع آخر وتسويقه في فترة ثلاثين يوما فقط.. ولابد ان تعرف بأن الاعداد لمشروع انتاج صنف جديد قد يحتاج الى عام او عامين او اكثر، ولذلك فلابد من البدء بالاعداد لانتاج المنتج البديل خلال الفترة التي لايزال فيها المنتج الحالي قابلا للتسويق، ولكن يتجه نحو حالة عدم الرغبة فيه. القرارات ذات التأثير على المدى الطويل: التخطيط يساعد في اتخاذ القرارات ذات التأثير على المدى الطويل، فالكثير من القرارات الادارية تضم في ثنياها استثمارات، وهي بحد ذاتها انفاق في الوقت او في الاموال حاليا بهدف جني فوائد على مدار عدد من السنوات في المستقبل.. وهنا لابد من الأخذ بعين الاعتبار ان الزيادة الآلية والميكانيكية في احوال العمل يواكبها زيادة في القرارات الاستثمارية، فاذا كانت الاموال المخصص صرفها علي آلة معينة لا بد ان تستمر فعاليتها لمدة خمس سنوات مثلا، فانه من الضروري التفكير بمرئيات العمل خلال السنوات الخمس المشار اليها للتأكد من ان عملية شراء الآلة مقنعة، ولأن حدوث اخطاء في سياسة الاستثمار هو في الحقيقة ظاهرة مكلفة ومن الصعب تصحيحها. استغلال الموارد بشكل كفء: يساعد التخطيط في توفير الاستغلال الاتمثل لموارد المؤسسة وتبدو اهميته واضحة عندما تكون هذه الموارد نادرة وشحيحة، ففي حال محدودية الاموال او العاملين او المرافق، فلابد من توخي الحرص في كيفية استخدامها. وهنا يتعين طرح اختيارات فيما يجب عمله، ومتى سيتم ذلك؟ ويتعين ايضا الأخذ بالحسبان البدائل وتقييم تأثيرها على ازدهار المؤسسة، ولذلك فالتخطيط ظاهرة ضرورية اذا اردنا اتباع افضل الخيارات. وعندما ننظر للتخطيط على المدى الطويل كواقعة اختيارات فانه بهذه النظرة يكون امتدادا لنشاط عادي مثل جدولة الانتاج اليومي.. وعندها لابد ان تقرر اي الاجراءات تأتي اولا، وبالمثل فمن اجل التخطيط للعام القادم والذي يليه.. الخ، فلا بدان تقرر اي النشاطات هي الأهم، وعندئذ يتعين جدولة هذه النشاطات بالطريقة التي يمكن بها تحقيق افضل النتائج الممكنة في انفاق كل ريال. تحسين الأعمال: هناك فائدة اخرى يمكن ان نجنيها من التخطيط وهي تحسين الاعمال الحالية، ونظرا لان التخطيط في الغالب يشتمل على تقييم دوري لوضع الشركة برمته فانه بذلك يحدد مواقع العمل التي يحتاج وضعها الى تحسين وعلى سبيل المثال يمكن ان تكتشف ان البائعين لديك يقضون وقتا طويلا جدا لبيع منتوج بتحقيق الحد الأدنى من الربح، او يمكن ان تجد بأن تخفيضا خفيفا في تكاليف المواد الخام يمكن ان يزيد الارباح اكثر مما يمكن تحقيقه، او يمكن باستخدام رجل مبيعات آخر. عوائق التخطيط: بالرغم من ادراك فوائد التخطيط على المدى الطويل، الا ان العديدمن رجال الاعمال يفشلون في تحقيقه فالعديد من هؤلاء يغفلون عن النظر للمستقبل بعين فاحصة وبتفصيل كاف لأي فترة قادمة، ومن العوائق التي تعرقل المحاولات للتخطيط على المدى الطويل الخوف. وعدم الدقة، والتقلبات والتغيرات وعدم توفر الوقت المناسب والمكان المناسب، وقلة المعرفة بالتخطيط. التغلب على العوائق: ان معرفة ان هذه العوائق موجودة هي بحد ذاتها خطوة مهمة في سبيل التغلب عليها، ومن ثم التحرك نحو التخطيط على المدى الطويل مع الأخذ بعين الاعتبار ان عائقا واحدا من بين هذه العوائق الخمسة قد يعتبر كافيا لعرقلة التخطيط في مؤسسة صغيرة، فربما كان العائق الذي يعرقل تخطيط احدى المؤسسات هو عدم الدقة في توقع ما سيحدث خلال عامين، بينما في مؤسسة اخرى يعرقل التخطيط الخوف من المستقبل. الخوف: بالرغم من ان غالبية الناس نادرا ما يتحدثون عن الخوف، الا انه في الحقيقة هوالعائق لكثير من الانشطة وهو بشكل خاص عقبة في طريق التخطيط، كما يمكن ان يخالق اكبر العقبات امام رجال الاعمال. ان الخوف رد فعل طبيعي وادراك هذه الحقيقة مهم للتغلب على الخوف كعقبة في طريق التخطيط، فالاحداث والمشاكل والفرص المستقبلية لا يمكن معالجتها بالأمر الفوري بل لابد من مواجهتها، والخوف الفعلي الذي يجدر برجال الاعمال ان يشعروابه حقا هو مواجهة المستقبل بدون تخطيط، وبدون مجموعة من البدائل عند وقوع واحد من الاحداث غير المتوقعة. عدم الدقة: تعتبر صفة عدم الدقة عائقا آخر لعملية التخطيط وعادة يكون رد فعل رجل الاعمال الصغير على هذه المشكلة قوله: يبلغ التخطيط من عدم الدقة درجة تجعله غير مجد ولا يهم كم اكون حريصا في تخطيطي وتوقعاتي. فالامور دائما تجري على غير ما يتوقع لها. ولاشك في ان فيما يقوله بعض الصحة. فان ما يخطط له لايمكن تأكيده، نظرا لان المستقبل بالاضافة الى عوامل اخرى يتصف بعدم التأكد. وباي حال، من المهم جدا ادراك ان العمل في عالم التأكيد فيه شيء مستحيل، ولكن الاحتمالية فيه تكفي ليحتكم اليها في اجراء العمل. وان المطلوب هو اتخاذ افضل اجراء ممكن قبل سلسلة من الاحداث غير المؤكدة، وليس بعدها. والجانب الاهم في وقائع التخطيط على المدى الطويل هو ان تتعلم كيف تحقق تنبؤات اكثر حول عملائك ومتى يكونون بحاجة الى منتجاتك، وهل ذلك سيكون بعد سنتين او عشر سنوات من الآن. قابلية التغيير (التقلبات): يشكو غالبية رجال الاعمال الصغار من كون الخطط والاهداف تتغير باستمرار مما يؤثر على جدوى التخطيط هكذا يقول بعض هؤلاء: لا اكاد اضع خطة حتى يحدث ما يضطرني الى تعديلها، او حتى الى وضع خطة جديدة كاملة. ففي الاعمال الصغيرة، يتطلب الوضع بالنسبة لاحداثها النظر في المستقبل لمدة عام او عامين. فمن النادر في عالم الصناعة الايحدث تغير مهم في فترة عام او عامين. كما انه من الصعب ان توجد مؤسسة لاتتطلب بعض مشاريعها الضرورية عاما او اكثر لانجازها. والمرونة جزء من عملية التغلب على عائق قابلية التغير. فلتكن خططك مرنة ولا تخطط لحيز ضيق من الاحداث الممكنة، كما يجب ان تأخذ في الاعتبار كيف يمكن لك تغيير الخطط اذا لزم التغيير فعلي سبيل المثال، عند التفكير في بناء مصنع جديد لا بد ان تفكر كذلك فيما ياتي: 1 ماذا يمكن ان اعمل اذا تبين ان الطلب على منتوجاته اقل بكثير مما توقعته؟ 2 وماذا يمكن ان اعمل اذا كان الطلب على تلك المنتوجات اكبر بكثير مما تتبأت؟ عدم توفر الزمان والمكان. العديد من رجال الاعمال الصغار يقولون بان عدم توفر الوقت والمكان المناسبين هو عقبة في سبيل التخطيط. وفي اغلب الحالات، فان هذا القول يكون فقط لتحاشي القيام بمهمة لايرغبون فعلا في القيام بها. كما ان العديد لايمكنهم التفرغ من اعمالهم اليومية. والازمات المتوالية. كما انهم يميلون الى عدم ملاحظة ان اداء المصانع والمعامل يتم بنجاح حتى حينما يغيبون عن موقع العمل لعدة ايام ومثل الجوانب الهامة الاخرى للادارة، يتعين على اصحاب الاعمال بذل جهود كافية لايجاد الوقت والمكان من اجل التخطيط، وفي ظل الظروف العادية لشؤون العمل، فان الوقت للتخطيط لايتوفر بشكل تلقائي. لذلك، فان وضع جدول زمني للتخطيط يمثل احدى الطرق للمساعدة في اعداد التخطيط. فمثلا، يمكن لك ان تخصص ساعة واحدة في مساء كل يوم سبت لاغراض التخطيط. او ربما تفضل الانفراد في صباح ثاني ثلاثاء من كل شهر للتفكير في مستقبل مؤسستك. عدم المعرفة بالتخطيط يمكن اعتبار نقص المعرفة اكثر العوائق بروزا في وجه التخطيط وحتى في حال توفر الوقت والمكان المناسبين لدى رجل الاعمال فلا بد له وان يلم بشيء عن كيفية اجراء التخطيط حتى يتمكن من اجرائه بكفاءة. والاتجاه العام في التخطيط يتبلور في ثلاث خطوات: 1 وضع الاهداف. 2 اعداد الخطط لتحقيق الاهداف. 3 تقييم التقدم نحو الاهداف. ومع ذلك فلا يزال هذا الاتجاه يسبب الحيرة لرجال الاعمال الذين لم يحاولوا سابقا القيام بالتخطيط. البدء بالتخطيط: اذا لم يكن قد سبق لك ان وضعت خططا، فابدأ بتكوين صورة كاملة عن اعمالك، وربما تعرف بعض التفاصيل بمفردك، ولكن الاحتمال كبير في ان تحتاج الى المزيد من المعلومات لكي تكون الصورة الكاملة. خمسة بيانات مكتوبة: ان التخطيط يحتاج الى دقة وفيما يلي نماذج من المعلومات التي تحتاج اليها في بلورة افكارك في مجال التخطيط: 1 وصف موجز للاعمال التي تمارسها حاليا مؤسستك في كافة المجالات الهامة مثل الانتاج، والشراء، والتخزين، ومراقبة النوعية، وعلاقات العمال، والتدريب، وترويج المبيعات، والاعلانات والابحاث والتطوير. 2 وصف موجز للاجراءات الادارية الحالية في مؤسستك (متضمنا وصفا غير رسمي للوظائف مع خريطة تنظيمية). 3 قائمة بالعوامل الرئيسية ذات التأثير على مؤسستك من خارجها، مع الاخذ بالاعتبار العوامل المتصلة بالجهات الحكومية والاقتصاد الوطني والمنافسة والسكان حيثما تمارس مؤسستك اعمالها، والتطورات العلمية والاسواق العالمية. 4 قائمة بالتغييرات التي تتوقع حدوثها في اي من هذه العوامل خلال الاعوام القليلة القادمة. 5 قائمة بالجوانب الرئيسية لمناطق القوة ومناطق الضعف في اعمالك الحالية (استنادا الى النقاط الاربع السابقة). ومن المهم كذلك ان تدون افكارك لسببين: 1 ان تدوين الافكار على الورق يوجهها نحو لب الموضوع في التخطيط الرسمي. 2 ان نقل الافكار من رأسك الى الورق يوضحها، كما أن الخطط المكتوبة تساعد ايضا في نقل افكارك الى الاخرين الذين سيكون لهم دور في تنفيذها. الاطار الصحيح للتفكير: في محاولة البدء بالعمل، تذكر ان الاطار الصحيح للتفكير امر هام، وان اغلب عوائق التخطيط تنشأ من موقف اساسي واحد، هو ان التخطيط يمثل نموذجا يختلف كثيرا عن النشاط اليومي في العمل ومما تخططه لمؤسستك يوميا بيوم. ونظرا لان التخطيط على المدى الطويل يختلف كثيرا عن التعامل مع المشاكل اليومية، فان رجل الاعمال بحاجة الى بذل جهد مضن للتخطيط على اساس رسمي، وخلافا لذلك، لايمكن انجاز التخطيط المناسب. ان موقفك في العمل كمدير للمؤسسة هو الجانب المهم، فمن خلاله يمكنك ان تجعل التخطيط ناجحا او فاشلا. وفي سبيل تخطيط جيد، يتعين على موقفك ان يكون من لايخشى اكتشاف الوضع الحقيقي لمؤسسته، وان لايخاف من محاولة التعرف على خبايا المستقبل. ان اتباع مثل هذا الاتجاه يساعد في التعرف على المشاكل وكذلك الحلول المناسبة لها.. وبعد وضع الحلول الممكنة، تصبح متطلبات ما بعدها اجراءات ادارية في عمل ما هو لازم في الوقت المناسب. وتذكر دائما بان الجانب المهم جدا في اعداد الخطط يكمن في مراجعة الانجاز طبقا للخطط الموضوعة بصفة دورية.