عند ذكرى الوطن تتداعى على الخاطر أجمل المعاني وأحلاها وفي حضرة الوطن يتنامى الاطمئنان والسلام كما يتنامى الانتماء والوفاء. فالوطن ليس مساحة جغرافية، ولكنه مساحات من المشاعر والاحاسيس تضرب جذورها في اعماق النفس وتتوغل ايحاءاتها في مسارب القلب وتزف الى الوجدان اسمى المشاعر ليحلق الفؤاد في آفاق البهجة ويبقى الوطن شامخا على الدنى. الوطن ليس ارضا ولكنه كل ماعلى هذه الارض من علاقات لا تنفصم عراها مع الناس والذكريات والحقائق والموجودات وغيرها من تلك الوشائج الظاهرة والمستترة التي تحيط بالانسان وتملك عليه مشاعره وأحاسيسه لانه يتنفسها.. يعيشها.. يعايشها.. ان زفته الى اعلى درجات المجد او هبطت به الى ادنى مستويات الحضيض ففي كل الحالات لا ملجأ له الا اليها. والوطن الذي يمنح الامان والانتماء يتجذر حبه ويتكاثف عشقه بقدر ما يمنح مواطنيه من ذلك الامان وبقدر مايحرص مواطنوه على ترجمة ذلك الانتماء الى عمل مخلص فاذا التلاحم بين الوطن والمواطن اكثر توثقا وقوة ومتانة واذا الصلات اكثر تجذرا وعمقا ورسوخا وفي وطن القداسات يكون للانتماء معانيه الكبيرة فليست كل الاوطان له مثيلة ولا كل البقاع له قرينة انه وطن المجد والسؤدد والشموخ وارض البطولات والفتوحات الكبرى انه مهبط الوحي ومسرى الرسالة وجذوة النور التي شعت على الدنيا بالخير والسلام. ولان ذكر الوطن مقترن بكل شيء جميل وان اكفهرت اجواؤه وتلبدت مناخاته بالغيوم فقد رأى الشاعر ان البعد عن الوطن يهيج المشاعر ويحرض الاشواق فقال عمر بن ابي ربيعة: ==1== قد هاج قلبك بعد السلوة الوطن==0== ==0==والشوق يحدثه للنازح الشجن ==2== ومهما بعد الرحيل فالحنين الى الوطن لا مفر منه وفي هذا يقول الشريف الرضي: ==1== فالمرء يسرح في الآفاق مضطربا==0== ==0==ونفسه تهفو أبدا الى الوطن ==2== وقال ابو تمام: ==1== فما وجدت على الاحشاء أوقد من==0== ==0==دمع على وطن لي في سوى وطني ==2== وليس ابلغ من التعبير عن حب الوطن.. من ان يتغنى بحبه الجميع.. انشودة على الشفاه، ولحنا يعزف على اوتار القلوب.. وصوتا مدويا ضد الجهل والتخلف والانهزام. فهنيئا لهذا الوطن في يومه المجيد.