هروب كلما شعرت أنها نحلة تتوق للطيران وجمع الرحيق.. اخذتها النشوة بأن تتجول في الأنحاء، تصطاد بقايا الضوء المتساقط من بين فوهات الأشجار. ذات لحظة وهي تتفحص دائرة السكون.. هربت من شيء أرعبها، وحولها الى حالة فزع!! لم تكن حينذاك تعبأ بكل ما يصادفها من أعشاب مستلقية.. وأغصان متكئة على ظهر الأرض.. وحشرات فاغرة الأفواه تتضور جوعا وعطشا.كانت في مشيها الكثيف تنظر قبالة السماء.. وتقتحم مسافات الوحشة المتسللة خلسة من جميع الجهات. ركضت بعيدا عن أقنعة الخوف واستلقت على جسد هش من الأعشاب.. أحست بخيانة من تحت الأطراف حيث تقلصت الأعشاب الى الأسفل.. وتثاءبت الأرض بسرعة جنونية.. حاولت ان تتسلق بأي شيء أمامها او خلفها فلم يسعفها زمن اللحظة. نزهة كان يسكن في جحيم الفراغ والاضمحلال لكنه لا يستطيع محاولة الفرار منه وعندما سنحت له فرصة الالتقاء بروعة الحياة أخذ يتسلل خفية من بين أفراد أسرته القابعين على بساط العشب، وتحت الظلال ومن بين تلك الأغصان المثمرة والكثيفة عبر عالمه المحدود من أجل اكتشاف المزيد من الحقائق حول كل شيء يراه ويتحسسه. اخترق انحاء المكان.. وتوجه بثقة طفل يلتقط بقايا الجمال المنسدل من الأفق الفسيح، ومهرولا خلف الإعجاب والاستمتاع كفراشة تهوى الركض الى كل ما هو جذاب حتى اتعبه المسير فأخذت عيناه تعبث بمرئيات الحقائق.. وترسم في حينها عالما مجهولا من الحزن الصامت. أراد الرجوع الى أهله بعد ان اشتم رائحة السواد فلم تعد ذاكرته الصغيرة قادرة على اسعافه بالمشاهد التي تنقل خلالها عبر أرجاء الحقول فأصبح سائبا في فسحة الطبيعة حتى جن عليه الليل ومكث مستلقيا على وسادة خضراء ومغطى بلحاف متشح بالعتمة يحلم بلقاء آخر مع من تركهم دون علمهم! طاهر احمد الزارعي الاحساء من المحرر @ اؤكد ثانية على موهبتك ياطاهر فأنا أمام قاص ينطلق باجتهاد وحب لإبداعه واللافت هو محاولات التجريب المستمرة التي تقوم بها وتناولك هنا لشخوص مغايرة وعالم مغاير أمر جيد فما توحي به اقاصيصك وما ترمز له يجعل من القارىء مشاركا في عملية الإبداع يملأ فراغات الكتابة.. بقي التكثيف وهنات اللغة، وتنامي الخبرة.