ظهرت في الجزيرة العربية مجموعة من الحرف توارثها الآباء عن الاجداد، واختصت كثير من العوائل بحرفة معينة، بل ان بعض هذه العوائل اخذت أسماءها من المهن التي كانت تمارسها كالصاغة، والنحاسين، والنجارين، والحدادين، والندافين. ولم يتبق من الممارسين للحرف الشعبية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية قبل النفط سوى مجموعة محدودة من الافراد الذين تقدم بهم السن لكنهم غير حريصين على ان يعلموا ابناءهم هذه الحرف، لعدم جدواها في العصر الحديث وليس هناك اي جهة رسمية تتبناها مما يهدد هذه المهن بالاندثار! وساهم المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الحفاظ على بقايا هذه الحرف، مع الابقاء على بعض مظاهر الالعاب الشعبية التي اختفت هي الاخرى في عصر الكمبيوتر، والاتاري، وانواع الرياضات الاخرى!! وهناك مجموعة من الحرفيين في الاحساء الذين تخصصوا في بعض الحرف الشعبية، ولايزالون يؤدون عملهم، محتفظين لهذه الحرف بعهدها القديم، ولقد كان للمهرجان الوطني للتراث والثقافة دور كبير في احياء الحرف الشعبية، باشراف مباشر من الرئاسة العامة للحرس الوطني، حيث اوجد هذا المهرجان تنافسا قويا بين جميع الحرفيين على مستوى المملكة، ولا يشارك في هذا المهرجان الا من كان مبدعا في حرفته، حيث ان كل مشارك من اصحاب الحرف الشعبية يحصل على مكافأة كاجرة له مقابل مشاركته في هذا المهرجان، وهذه المكافأة تدخل البهجة والسرور في نفوس الحرفيين، فلذلك يحرصون على ممارستها وعدم الانقطاع عنها، فاصحاب الحرف الشعبية يتصببون عرقا من اجل تأمين لقمة العيش لهم ولاسرهم، فكم تسعدهم الفرحة عندما يقابلهم اي شخص حيث يقابلونه بالابتسامة، ربما هذه الابتسامة تلقى عطفا وحنانا تدر عليهم بعض الريالات، فالحرفي يبدي لك الابتسامة كعربون محبة وصداقة، لعل وعسى ان يتفضل هذا الزبون بشراء ما صنعته يدا الحرفي! لذا فان الحرف الشعبية في الاحساء كثيرة منها ما يمارس في محلات، او دكاكين، او في البيوت، ومنها ما يمارس في الهواءالطلق، فالحرفي ينتقل بعدته وآلاته من سوق شعبي الى آخر يضعها في خيشة، او سحارة ويحملها على ظهره او يستقل وسيلة نقل للانتقال من موقع الى موقع. وعندما نريد التعمق في دراسة نفسيات هؤلاء الحرفيين نجد ان بعضهم يمارسها من اجل تأمين قوت يومه، رغم ما يعانيه من الحصول على المواد الخام، فبعض الحرفيين قادرون على شراء مستلزمات العمل والبعض الآخر غير قادر على مواصلة العمل في هذه الحرفة، الا في موسم محدد، وبناء على طلب جهة رسمية معينة، والتي تمده بكل مستلزمات الحرفة، نتمنى ان تكون هناك جهة رسمية تتبنى رعاية اصحاب الحرف الشعبية ليس على مستوى الاحساء فقط، بل على مستوى المملكة، ونتمنى ان تتفضل الهيئة العليا للسياحة بان تضيف الى مسماها (مصطلح التراث) ليصبح مسماها (الهيئة العليا للتراث والسياحة) باعتبار التراث من المأثورات الشعبية التي تعتز بها الشعوب في انحاء العالم. لذلك يجب استقلال اصحاب الحرف الشعبية، باعتبار هذه الحرفة ثروة وطنية تدر ربحا كبيرا، ورافداً من روافد تعزيز الاقتصاد الوطني.