يعيش العالم بأسره وليس اميركا وحدها, ذكرى أليمة على الانسانية حيث التعصب أعمى الافئدة فتسبب بكارثة 11 من سبتمبر 2001 ونظرا لجسامة الحدث فإنه أصبح تاريخا لرصد الاحداث حوله ويتم تعريفها بما قبله وما بعده, فلم تعد العلاقات الدولية خالية من الدليل الذي يرتبط ب+ 11 من سبتمبر. لا يعني ذلك ان البشرية لم تعرف, الارهاب والهجمات الارهابية التي اودت بحياة الملايين الا يوم 11 من سبتمبر ولكن ضخامة الجريمة وعدد الضحايا وكونها اصابت اميركا في عقر دارها هو بحد ذاته حدث فلم يتصور الاميركيون قط ان تنتقل الحرب الى ارضهم فعلى مدى عقود طويلة دائما الحروب على اراضي الآخرين ودائما الضرر والخوف والدمار يلحق بالآخرين فأميركا ارض آمنة لم يجرؤ احد بعد "بيرل هاربر" ان يوجه اية ضربة مباشرة لها في داخل اراضيها لذا فقد كانت الصدمة كبيرة, وبدأت تتصاعد تساؤلات من الادارة الاميركية والمثقف الاميركي والانسان العادي تبدأ جميعها بلماذا وتنتهي بكيف يمكن وقاية اميركا من حدث او احداث مشابهة?! وكانت الكارثة عنوانا جديدا وعريضا للسياسة الخارجية الاميركية ومبررا لاعادة النظر في السياسة الامنية الداخلية اما على المستوى الخارجي فتم تدشين الحرب على الارهاب كحرب مفتوحة وممتدة بدأت في افغانستان على القاعدة وحركة طالبان في نوفمبر من العام 2001 ومازالت الخريطة الدولية عليها نقاط كثيرة تنتظر المصير نفسه وصنف العالم كمعسكر للشر وآخر للخير. اما معسكر الشر, فعليه 3 مرشحين وفقا للرؤية الاميركية "العراق وايران و كوريا الشمالية" ولكن القائمة لا تنتهي ولن تنتهي فالكثير من الدول ومئات التنظيمات الاهلية وغيرها المنتشرة بطول الارض وعرضها تندرج تحت هذا العنوان الكبير ومرشحة لان تكون هدفا للحرب على الارهاب, الادارة الاميركية اخضعت جميع الدول العربية والاسلامية ودولا كثيرة نامية لفحص واختبار ارتباطها او حتى شبهة ارتباطها بالتنظيمات المصنفة ارهابية. كما ان جميع حركات التحرر والمقاومة هي منظمات ارهابية حتى تثبت العكس بمعنى انها لا تتناقض مع الرؤية الاميركية لمكافحة الارهاب وبناء على هذا فجميع المنظمات والتنظيمات الفلسطينية هي منظمات ارهابية, حزب الله هو تنظيم ارهابي لان برنامجهم جميعا يقوم على مقاومة الاحتلال الاسرائيلي والمقاومة بعد 11 من سبتمبر اصبحت تندرج تحت الارهاب بعكس ما يدعو له ميثاق الاممالمتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان وبروتوكول الحقوق المدنية والسياسية والكثير من الاتفاقيات الدولية المعنية بهذا الشأن. اما على المستوى الداخلي في السياسة الاميركية فالامر ليس اقل سوءا حيث ان جميع التحليلات اثبتت ان الضحية الاولى في المجتمع الاميركي الذي يقدس الحرية الشخصية هي الحريات الشخصية فالمؤسسات الامنية الاميركية وعلى رأسها "FBI" قد نشطت بشكل غير مسبوق منذ 11 من سبتمبر الى اليوم وسيستمر الامر بالاتجاه نفسه، فالحملة على الارهاب استهدفت الداخل الاميركي كما استهدفت المحيط الدولي، ولكن الفرد الاميركي الذي يؤمن بالحريات الفردية وكما نعرف جميعا ان المجتمع الاميركي يفتخر بأنه معقل اساسي من المعاقل التي يقوم عليها الفكر الليبرالي وما يتضمنه من تقديس لحرية الفرد. الوضع قد اختلف بعد 11 من سبتمبر وكان على الجميع ان يتقبل التغيير للصالح العام ولعودة الامن والشعور بالامان للفرد العادي, ولكن من الواضح ان من اعتاد على شيء يصعب عليه التخلي عنه لذا فالانسان الاميركي اصبح يتململ من اتساع نفوذ المؤسسات الامنية وسياسة دس انفها في كل صغيرة وكبيرة. فارتفعت نتيجة لذلك اصوات منظمات حقوق الانسان الاميركية تعرب عن جزعها وعدم ارتياحها من تمادي الدور الذي يلعبه الجهاز الامني الداخلي ويتروا التشبيهات بين تغلغل هذه الاجهزة في دول العالم الثالث وما يحدث في الولاياتالمتحدة واعداد متزايدة من الدول الاوروبية التي سرت اليها عدوى التحقيقات الامنية. اما الاجانب في هذه المجتمعات "الاوروبية والاميركية" والذين كانت لديهم هذه التجمعات بمثابة جنة الفردوس مقارنة بدولهم وهي في الغالب "دول عربية أو اسلامية" اصبحوا يعيشون شعور المتابعة والملاحقة ذاته وبأنهم تحت المجهر الامني وعليهم ان يثبتوا براءتهم من الشكوك التي تحوم حولهم خصوصا اذا كانت لهم مظاهر مميزة مثل اللحية والحجاب ولا انسى دخولي والاخت كوثر الجوعان مطار روما في ابريل من العام الماضي فكان خط فحص الامتعة يسير بيسر وامان حيث ان معظم القادمين من الاوروبيين وما ان اقترب دورنا حتى شعرنا بحركة غير عادية وازداد عدد رجال الامن والمفتشين حول جهاز الفحص وأعلنت حالة الطوارئ وفتحت شنطنا وفتشنا تفتيشاً شخصياً وبعثرت اغراضنا لا لشيء الا لأننا نحن الاثنتين نلبس الحجاب بالتأكيد اثار هذا التصرف عدم ارتياحنا وغضبنا الداخلي, ولكننا رسمنا ابتسامة هادئة على وجهينا ورددنا على اسئلتهم بهدوء لاننا نعلم علم اليقين بان مرور امثالنا على النقاط الحدودية والمطارات في الدول الاوروبية والولاياتالمتحدة بعد 11من سبتمبر 2001 قد اختلف كثيرا, عما كان الوضع عليه قبل ذلك. الرئيس الاميركي في فوره غضبه ولوعته على الاحداث الارهابية في 11 من سبتمبر قال بأنها ستكون حرباً طويلة ومفتوحة النهاية على الارهاب وندعو الله الا تكون حربا ضد التعقل وألا تنجرف الولاياتالمتحدة طويلا في حربها الانتقامية. وبمناسبة الذكرى الاليمة نتقدم مرة اخرى بتعازينا لكل من سقط له عزيز في اي من العمليات الارهابية سواء في الولاياتالمتحدة او في فلسطين او في الكويت او في أي مكان فالانسان بغض النظر عن انتمائه يستحق ان يعيش بأمان مع احتفاظه بحقه المشروع في الدفاع عن حريته. السياسه الكويتيه