اختتم في الأيام الماضية مؤتمر قمة الأرض للتنمية المستدامة الذي تم عقده في العاصمة الجنوب أفريقية جوهانسبيرغ، وأكد المؤتمر على ضرورة تضافر الجهود على جميع المستويات السياسية والصناعية والعلمية وتضامنها لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين وفي طليعتها الفقر والتلوث وانتشار الأمراض، وقد شاركت في المؤتمر اكثر من مائة وستين دولة بوفود رسمية رفيعة المستوى بالإضافة إلى مئات المؤسسات والتنظيمات غير الحكومية المعنية بالبيئة والصحة والتجارة والتي انقلبت على المؤتمر في النهاية بسبب تعرضها للخيانة، في هذا المؤتمر لم تكن الأجواء كما كانت عليه في المؤتمر السابق قبل عشر سنوات في ريو دي جانيرو بالبرازيل بسبب انعدام الثقة لدى كثيرين تجاه تعهدات ومبادرات ومآرب الدول الصناعية الكبرى وعدم تحقيق نتائج ملموسة على ارض الواقع منذ ذلك الوقت . على أية حال فقد خرج المؤتمر بتوصيات نظرية عديدة حول الاقتصاد والتجارة الدولية ومعدلات الفقر والصحة وتلوث المياه، وقد لا يكتب لكثير من هذه التوصيات التطبيق في ظل سياسات الدول العظمى التي تشارك في مثل هذه المؤتمرات ثم تعود لخرق اتفاقياتها بأساليب ملتوية . ما قصدته في هذا الموضوع هو إيضاح الدور المطلوب منا كمعنيين بصناعة البناء والتشييد للمساهمة مع الآخرين في عمارة الأرض من خلال تحقيق المفاهيم الإيجابية للتنمية المستدامة لشعوبنا ومجتمعاتنا، لا شك ان قطاع البناء والتشييد يعد أحد أهم واكبر القطاعات التنموية في جميع دول العالم وهو ما يجعله في طليعة القطاعات المطلوب منها المساهمة الفعالة، فصناعة البناء تعد احدى أهم الصناعات التي تستنزف الموارد الطبيعية كالمواد الأولية المستخدمة في صناعة الحديد والأسمنت والزجاج والألمنيوم والأخشاب والصخور الحجرية، وعلاوة على ذلك فان كمية المخلفات الناتجة عن أنشطة البناء والتشييد تتجاوز ثلث مجموع جميع المخلفات التي ينتجها العالم في جميع القطاعات، وهذه الأرض التي استخلفنا الله سبحانه لعمارتها أصبحت تئن تحت وطأة استنزاف مواردها بشكل جائر وإثقال كاهلها بكميات هائلة من المخلفات والنفايات التي تنطوي على نسب عالية من المخلفات السامة، من جهة أخرى فان صناعة البناء تستهلك كمية من الطاقة تقدر بنصف استهلاك الطاقة العالمي وكمية من المياه تصل إلى خمس استهلاك العالم، أضف إلى ذلك التغيرات التي تطرأ في أنظمة البيئة وجرف التربة والقضاء على البيئات الطبيعية كنتيجة للزحف العمراني السريع، يجب أن يبذل المعنيون في قطاع البناء والتشييد جهودا متواصلة لاستخدام مواد البناء المتجددة ومصادر الطاقة البديلة والحد من تلك الكميات الكبيرة من المخلفات والملوثات وعدم اقتحام البيئات الطبيعية بطريقة عشوائية، وهذا هو المفهوم الحقيقي لعمارة البيئة والحفاظ عليها لأجيالنا القادمة .