رأى احد الخبراء الاستراتيجيين الرئيسيين في وزارة الخارجية الامريكية ان السياسة الخارجية اكتسبت بعد اعتداءات 11 من سبتمبر اهمية كانت فقدتها في نظر الامريكيين، لكنه اوضح ان مكافحة الارهاب لا تمثل تحديا بحجم الحرب الباردة. وقال ريتشارد هاس مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الامريكية، ان المخاوف من تباعد بين الولاياتالمتحدة التي باتت في ذروة نفوذها وحلفائها الاوروبيون مبالغ فيها . وقال هاس مساعد وزير الخارجية كولن باول والقريب منه ان 11 من سبتمبر كان نهاية فترة اعتبرت خلالها السياسة الخارجية ثانوية الى حد ما بنظر الرأي العام الامريكي ، مشيرا الى انطباع ولد مع انتهاء الحرب الباردة بان العالم اكثر امانا . واضاف ان اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر وضعت حدا لهذه الحالة الذهنية . غير ان هاس احد المسؤولين السابقين في ادارات جيمي كارتر ورونالد ريغان وجورج بوش الاب قبل الانضمام الى ادارة الرئيس الحالي جورج بوش، لا يرى في الحرب ضد الارهاب تحديا بحجم الصراع الامريكي السوفياتي. وقال ان الحرب الباردة كانت مواجهة شاملة: عقائدية ودبلوماسية وعسكرية... اما الارهاب فلا يطرح تحديا عقائديا نتنافس معه في معظم مناطق العالم وليس تحديا اقتصاديا وينبثق من العدمية. انه تحد امني اضيق نطاقا من الحرب الباردة . وتابع ان مكافحة الشبكات الارهابية تمثل حاليا الاولوية ، غير انها لا يمكن ان تمثل عقيدة لسياستنا الخارجية برمتها ليس الارهاب سوى احد ابعاد العولمة، احد اوجهها القاتمة. واذا كانت مكافحتها تحتل اولوية فانها لا تمثل كامل سياستنا الخارجية . وعبر ريتشارد هاس ايضا عن رفضه للمخاوف من تزايد الهوة بين الولاياتالمتحدة واوروبا وان كان يقر بوجوب تكيف حلف شمال الاطلسي الذي تمثل ركيزة دفاعهما المشترك، مع معطيات الاوضاع الجديدة. واكد ان العديد من التحليلات حول تفاقم الخلافات بين الامريكيين والاوروبيين مبالغ فيها ، معتبرا ان الولاياتالمتحدة تتوجه في نهاية الامر حين تبحث عن شركاء، الى اوروبا . وتابع انه مهما كانت الخلافات بيننا، فان الدول الاوروبية هي التي تتمتع بالفكر الدولي بامتياز. وفي بعض الاحيان، تتمتع دول مثل بريطانيا وفرنسا بقدرات كبيرة على التدخل العسكري كما ان اوروبا بمجملها تمتلك قدرات كبيرة على التحرك باشكال اخرى دبلوماسية واقتصادية او في مجال الشرطة او غيرها . واكد ان بلاده لم تعمد الى ابعاد حلف الاطلسي بعد 11 من سبتمبر، مشيرا الى ان جميع الدول التي تنشر قوات في افغانستان حاليا من اعضاء الحلف. لكنه اكد ان حلف الاطلسي يجب ان يتكيف . ورأى ان عليه ان يعتمد توجهات عالمية اكثر وعلى الاوروبيين ان يضمنوا امتلاك قدرات يمكن استخدامها في اي مكان من العالم، وعلينا ان نتأكد ايضا من وجود اجماع في صفوف الحلف حول ما ينبغي القيام به . واشار الى التعاون الذي استؤنف بين الولاياتالمتحدة وكل من روسياوالصين في مجال مكافحة الارهاب، لكنه رأى ان ذلك ينبغي الا يخفي الاوجه الاخرى من العلاقات مع هذين البلدين. وشدد هاس على انه حين تكون العلاقات معقدة مثل علاقاتنا مع روسيا، علينا ان نتقبل وجود مواضيع خلاف ومجالات تعاون في آن واحد. والامر نفسه ينطبق على الصين .