في الأسابيع التي تلت 11 أيلول/سبتمبر فيما كان زعماء العالم يخططون لشن حرب ضد الإرهاب، أوضح رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن الحرب ضد الإرهاب العالمي يجب أن تتزامن مع معركة ضد الفقر. وقال بلير في نهاية الأمر كان معسكر موحش عند سفوح جبال أفغانستان هو الذي تمخض عن الهجوم القاتل على قلب المركز المالي البراق في نيويورك. وأشار رئيس الوزراء البريطاني إلى أن أفقر دول العالم يمكن أن تصبح أرضا لتنشئة العنف واليأس، ويتعين على الدول الغنية مساعدتهم من منطلق التعاطف ومن منطق المصلحة الذاتية المجردة أيضا. وكرر هذه الفكرة زعماء الأممالمتحدة ومؤسسات الإقراض الدولية الرئيسية وغيرهم من زعماء العالم، ولكنها أثارت كذلك جدلا شديدا. وذكر منتقدو الفكرة أن الإسلام المتطرف، وليس الفقر، هو الذي أدي إلى وقوع أحداث 11 أيلول /سبتمبر ، وأشاروا إلى أن مختطفي الطائرات الانتحاريين التسعة عشر كانوا في أغلبهم أشخاصا متعلمين ينتمون إلى الطبقة الوسطى ، ولكن روبرت بارو أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد قال من السذاجة الاعتقاد أن زيادة الدخل والتعليم وحدهما سوف يحدان من الإرهاب الدولي. غير أن الاعتقاد بوجود علاقة سببية غير مباشرة بأن الفقر يساعد على تغذية مشاعر الكراهية والعنف التي تتجاوز حدود الدول قد اكتسب قدرا متزايدا من المصداقية. لقد أثبتت أحداث 11 أيلول/سبتمبر بالنسبة لرئيس البنك الدولي جيمس وولفنسون أنه في الوقت الحالي لا يوجد جدار لحماية الدول الغنية من تأثير الصراعات التي تحدث في مناطق بعيدة في عالم يتسم بالعولمة. وقال وولفنسون 68 سنة في حديث مع صحيفة بريطانية إن الكثيرين من أبناء جيلي نشأوا في دول متقدمة وهم يعتقدون أن العالم منقسم إلى شطرين وأن هناك جدارا يحيط بالعالم المتقدم. وأضاف رئيس البنك الدولي وكانوا يظنون أن الفقراء ليس لهم علاقة بنا. وما حدث يوم 11 أيلول/سبتمبر هو أن جميع من كانوا يعتقدون أن هناك جدارا باتوا يعرفون الآن أن مثل هذا الجدار لا وجود له. فالظروف التي تجري في أحد بقاع الأرض يمكن أن تؤثر علينا نحن في العالم الموجود خلف هذا الجدار الوهمي. ويمكن لأفغانستان أن تهبط على نيويورك أو على مبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون). وكان الأمن يمثل مفهوما مشتركا خلال قمة لمساعدات التنمية عقدت في آذار/مارس في المكسيك، حيث حثت الأممالمتحدة الدول الغنية على تحرير التجارة وزيادة المساعدات للحد بمقدار النصف من الفقر المدقع في مختلف أنحاء العالم بحلول عام 2015 . وقال سكرتير عام الأممالمتحدة كوفي عنان ليس بإمكان أحد في هذا العالم أن ينعم بالراحة أو الأمن بينما يعاني كثيرون ويشعرون بالحرمان. كما أعرب رئيس منظمة التجارة العالمية مايكل موور عن اعتقاده أن الفقر في جميع أشكاله يعد الخطر الأكبر على الإطلاق الذي يتهدد السلام والأمن والديموقراطية وحقوق الإنسان والبيئة. ووافق الرئيس الأمريكي جورج دبليو. بوش، الذي كان في الماضي يهزأ من فكرة بناء الأمم، أن الدول المنهارة تتزايد بها احتمالات توافر الظروف التي يمكن أن يستغلها الإرهابيون ويحاولون تحويلها إلى صالحهم. وتعهد رئيس الولاياتالمتحدة بزيادة المساعدات الخارجية بنسبة خمسين بالمائة على مدار ثلاثة أعوام اعتبارا من .2004 وعلى الرغم من كثرة الحديث، فإن الدول الصناعية ما زالت بعيدة كثيرا عن الوفاء بالالتزام الذي قطعته في المكسيك والذي يتمثل في تقديم 7.0 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لديها في صورة مساعدات. ولم تحقق أي من الدول الغنية هذا الهدف. وتأتي الولاياتالمتحدة في ذيل القائمة حيث تقدم 1.0 بالمائة فقط من إجمالي الناتج المحلي لديها كمساعدات لدول أخرى. ويقول وولفنسون أنه في الوقت الحالي عشرون بالمائة من سكان العالم يملكون ثمانين بالمائة من الثروة. وأضاف رئيس البنك الدولي إذا كان هذا الوضع يؤدي لعدم الاستقرار، فإن هذه الحالة من عدم الاستقرار سوف تعبر عن نفسها من خلال الهجرة والحروب بين الدول ومن خلال الجريمة والإرهاب.