قرأنا في (اليوم) وفي غيرها من الصحف عن المناقصات والعطاءات وغيرها والمشاكل الناتجة عن بعض الممارسات. أضحت لغة المصالح تحكمنا .. فهذا هو منطق ( البيزنس ) وقليل جدا من يتمسك بمبدأ آخر عند تخليص أعماله خاصة في المناقصات والعطاءات .. أنه عالم مليء بالتناقضات .. شركة أو مؤسسة أو مقاول يحاولون الفوز بمناقصة فيعملون جاهدين على إخراج الغير , وشركة أو مؤسسة أو مقاول آخر يديرون اتصالاتهم بالجهة المختصة للفوز بالعطاء وغيرها من الأساليب التي يلجأ اليها بعض التجار او الشركات أو رجال الأعمال او المقاولون بحجة ان هذه هو نظام ( البيزنس)! ورغم أن القوانين والأنظمة بشأن المناقصات والمزايدات والعطاءات واضحة وصريحة , الا أن البعض يحاولون التحايل عليها والتلاعب في مناقصات القطاعين والعام والخاص !! هناك قواعد ومبادئ ثابتة لا تتغير في التعاملات بين الشركات والجهات المختصة بالمناقصات او المزايدات , لكن يجب أن نفترض دائما سوء النية عندما تغرب جهة معينة في ان ترسي العطاء على شركة يعينها فقد تشعر تلك الجهة بأن شركة ما هي القادرة على أداء الأعمال على أحسن وجه ,ولكن القانون يلزمها بعمل مناقصة , فتلجأ الى التحايل وذلك بأن تطلب من الشركة المتفق معها بأن تحضر عددا من الشركات الأخرى لتغطيتها بحيث تعطي هذه الشركات أسعارا أعلى حتى تفوز تلك الشركة بالمناقصة.؟ بالإضافة الى انه قد يكون هناك عند دخول المناقصة تضارب في المصالح وهذا يعني أن يدخل أحد (المستفيدين) مثلا في المناقصة بصفته استشاريا وفي نفس الوقت صاحب شركة معينة دون علم أحد بذلك , فعندئذ يختار الشركة التي يملكها ليرسو عليها العطاء وهنا تكون المصلحة الشخصية قد غلبت , وكثيرا ما تحدث هذه اللعبة أو المسألة دون أن يكتشفها أحد. ومما لا شك فيه أن التشريع ضروري في المجتمع ولكن ليس به فقط يمكن تنظيم حركة العمل في قطاع ما .. بل يجب ان يكون هناك بجانب التشريع سياسة واستراتيجية كاملة بحيث يتحقق الغرض الذي أراده المشرع من خلال سياسات متوازنة مالية واقتصادية , لكننا بسبب عدم وجود تلك السياسة , نجد البعض يتحايل على القانون فعلى سبيل المثال فإن هناك نوعين من المناقصة ( عامة ومحدودة) , والمناقصة محدودة بسبب قيام بعض الشركات المتخصصة في نوع معين من الأعمال دون غيرها , وبناء على ذلك يتم اختيارها حسب التأهيل الفني لكي تتم ترسية الأعمال سواء عامة أو تخصصية على شركة بعينها دون أخرى , أما ما يحدث في المناقصة المحدودة فهو حقا شيء غريب , فقد تدخل شركة ما وتغطيها شركات أخرى حتى يرسو عليها العطاء في النهاية كما يحدث ان تقوم جهات البيت الفنية سواء كانت من الاستشاريين او إدارات هندسية بالتنسيق مع الشركة المتفق معها قبل الطرح في بعض الأمور مما قد يؤدي الى فوز هذه الشركة في النهاية كما يمثل التلاعب الكميات والأسعار فقد يتم اضافة بنود في كراسة العطاء لن يتم تنفيذها ووضع كميات تقديرية مبالغ فيها للبنود التي لن يتم تنفيذها وكذلك وضع كميات قليلة للبنود التي سيتم تنفيذها. وبالنسبة للأسعار قد نجد بعض المغامرين يضعون أسعارا ضئيلة أقل من سعرها الحقيقي لمجرد الفوز بالمناقصة ثم يقومون بعد ذلك بالحصول على دفعات وتسهيلات من البنوك وبالرغم من كل ذلك يحدث تعثر في تنفيذ المشروع وبسبب عدم وجود دراسات اقتصادية جادة , أصبح هناك كثير من المشروعات القائمة بأسعار مخالفة للواقع , ويتعثر أصحابها في تنفيذها فيدفعهم ذلك الى الاستدانة من البنوك ومن هنا تتراكم الديون المصرفية كما قد تلجأ بعض الشركات الى بيع أصولها في النهاية. أما الفرق في التعامل مع القطاع العام والخاص فإن شركات القطاع الخاص قد تقوم بعمل مناقصة ثم تحولها بعد ذلك الى ممارسة بمعنى ان تفاوض الشركة بعد أن يرسو عليها العطاء حتى تخفض من أسعارها , وكثيرا ما يحدث تلاعب في المناقصات فقد يتقدم أحد المقاولين أو التجار أو رجال الأعمال للدخول في مناقصة ويتم رفضه فنيا لأسباب غير منطقية وبعد ذلك يكتشف أن الجهة القائمة بالمناقصة كان لها غرض في إرساء العطاء على شركة أخرى. أما القطاع العام فربما يكون اكثر التزاما من القطاع الخاص فعلى الأقل تتم الإجراءات بطريقة سليمة , ولكن قد يحدث مثلا تسريب معلومات لشركة معينة حتى تفوز بالمناقصة دون غيرها كما يحدث استبعاد شركات أخرى عند النظر في العرض الفني دون وجه حق , كما تطلب الجهة بالمناقصة اشتراطات فنية معينة لا تتوافر الا في شركة معينة هي التي تريد اختيارها , إذن فنسبة التلاعب هنا أكبر حيث يتم أحيانا تفضيل شركة عن أخرى حسب الأهواء الشخصية ولايمكننا القول ان هذا خطأ في أسلوب المناقصات فهذا نظام متعارف عليه بين الجهات المعنية بعملية المناقصة. وما دام المقاول أو التاجر او رجل الأعمال قد قبل منذ البداية بالدخول في لعبة المناقصات هذه يجب عليه إذن أن يتقبل الأساليب المتبعة فيها. ان هذا الأمر يستدعي تدخل جهات عالية المستوى كوزارة المالية ووزارة التجارة والغرف التجارية الصناعية في جميع مناطق المملكة ولجان وهيئات عامة وحكومية أخرى وأن تتولى كل إدارة للمشتريات او القسم المختص بفرز عينات كل صنف وقيدها بالسجل الخاص بالعينات , ويجب ان يبين بهذا السجل تاريخ المناقصة ونوعها وعلى مدير إدارة المشتريات أو رئيس القسم أن يرسل فورا وفي خلال اليومين التاليين على الأكثر لتاريخ فتح المظاريف الفنية الى الجهة الفنية المختصة ما يناسب عملها حتى يتسنى إجراء الفحص الفني المطلوب على وجه السرعة , وعند ورود التقارير الخاصة بها تدون جميع البيانات بالسجل ليعرض على لجنة مستقلة للبت في ذلك. كما يستدعي الأمر وجود لجان في وزارة المالية يتمثل دورها في البت في المناقصات والممارسات والمزايدات وشراء واستئجار العقارات داخل نطاق المدن الكبرى للتحقق من سلامة إجراءات البت والترسية. كما يستوجب الأمر وجود هيئة عامة في وزارة التجارة يتمثل دورها في منع أي تلاعب في إرساء المناقصات والعطاءات والمزايدات وكذلك قيام هيئة الرقابة والتحقيق بالتفتيش الدوري على وحدات الجهاز الإداري بالدولة والشركات الكبرى للتحقق من صحة نزاهة المناقصات والظروف المختومة , واتخاذ اللازم في حالة وجود مخالفة صريحة لأحكام ولائحة النظام. مشعل بن سحمي الفهري الظهران