بلغت جهود حكومة المملكة في خدمة الحرمين الشريفين جهودا قياسية في تطوير المشاعر المقدسة وتوفير سبل الراحة فيها لأداء المناسك بيسر وسهولة، وذلك في تقديري لم يتوفر لأي مشروعات خدمية على مستوى العالم، حيث تخضع المشاعر إلى تطورات سنوية ومرحلية عبر السنوات، والحصيلة الإجمالية لذلك ستضعنا بلا شك أمام حقائق مذهلة فيما تم في سبيل العناية بالمقدسات وتوسعتها والإنفاق عليها لخدمة ديننا وأمتنا. أن الخطة ستوفر لأهالي مكة فرصا تجارية و100 ألف وظيفة في مجالات الاستضافة والحركة والتغذية، كما سيتم استخدام أنظمة حركة صديقة للبيئة للتخفيف من التلوث البيئي الصادر من عوادم نحو 25 ألف حافلة. وآخر تلك التحديثات هي خطة تطوير المشاعر المقدسة «منى ومزدلفة وعرفات» والتي وافقت عليها هيئة كبار العلماء وفق المخطط الشامل الذي أقره مجلس الوزراء أخيرا، لتستوعب بذلك سبعة ملايين حاج مستقبلا ، فيما لا تزيد القدرة الاستيعابية الحالية لمشعر منى على 1.3 مليون حاج، وتبلغ تكاليف المرحلة الأولى من المشروع 100 مليار ريال، فيما تقدر كامل التكلفة نحو 200 مليار ريال، وذلك يؤكد أننا أمام معطيات قطعية لعناية حكومتنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين بالمشاعر والسخاء في تطويرها من أجل ملايين الوفود السنوية للمسلمين من شتى أنحاء العالم، وفي ذلك أداء لأمانة ثقيلة يعين الله على أدائها قيادة وشعب المملكة على أفضل الوجوه. وتتضمن خطة التطوير ست مناطق لكل منها خدمات نقل وتغذية وسلامة ونظافة منفصلة، وكل منطقة من هذه المناطق ترتبط بخطة تطوير عبر مسارات خاصة توصل حجاجها لأدوار منشأة الجمرات وإلى الحرم المكي، وكل منطقة تخدمها وسائل حركة خاصة بها ومتعددة كالقطارات والحافلات ونقل معلق ومشاة، وهذه الخدمات تنقلنا إلى تلك المنافع التي يشهدها موسم الحج إذ أن الخطة ستوفر لأهالي مكة فرصا تجارية و100 ألف وظيفة في مجالات الاستضافة والحركة والتغذية، كما سيتم استخدام أنظمة حركة صديقة للبيئة للتخفيف من التلوث البيئي الصادر من عوادم نحو 25 ألف حافلة. هذا الواقع ينتهي بنا إلى تأكيد حاسم على قدرة المملكة وقيادتها لخدمة ضيوف الرحمن على أحسن الوجوه، والأمر ليس منّة وإنما شرف نكتسبه ونعمل على القيام به بكل كفاءة فالمسلمون يضعون ثقتهم فينا، وها هي أساريرهم تكشف عن سعادة بما يجدونه من خدمات ويسر في أداء شعائرهم لا يشغلهم شاغل أو يصرفهم عن عبادتهم صارف، فهم يأتون قربى لله ويطمعون في الأجر والعفو والرضا، وحين نساعدهم في ذلك فإننا نؤجر بأكثر مما نطمح إليه، وكما لهذه المشروعات من مكاسب على صعيد الحجاج والمعتمرين بتعبدهم في بيئة إيمانية رحبة وسهلة، فإن لها مكاسبها الكثيرة لنا ماديا وإيمانيا ومعنويا، فشرف خدمة ضيوف الرحمن كسب إنساني وديني عميق، ويجعلنا نتماس في ألفة وحسن خلق معهم فنطبع في أنفسهم أحسن الصور عنا ويطبعون في أنفسنا أفضل الصور لسلوك المسلم وما ينبغي أن نكون عليه من حسن قربى وبذل معروف. أما المكاسب والمنافع الدنيوية فهي مما أقرته النصوص ويصدقه الواقع، فالمخطط الشامل لتطوير المشاعر يقدم رؤية تنموية شاملة لمدة 30 عاما، تواكب التطور السكاني ويقدم فرصا مهمة للكسب الموسمي والمستمر لأن العمرة لا تتوقف والسياحة الدينية تستمر ويمكن أن تكون إضافة أكثر قيمة حينما تكتمل مثل هذه الخطط والمشروعات العملاقة، وإنه لشرف يدعونا للفخر به، وأمانة يعيننا الله على أدائها لدينه وأمته.