شهد تطور وسائل النقل العام لحجاج بيت الله الحرام نمواً متسارعاً على مدى السنوات الماضية؛ تمثّل في توسعة الشوارع والطرقات، وإقامة الجسور وشق الأنفاق، إضافة إلى دخول نظم نقل جديدة، كنظام النقل بالرحلات الترددية، وتوفير حافلات آمنة وسريعة لنقل الحجاج بين مدن الحج جدةمكةالمكرمةالمدينةالمنورة؛ غير أن الاستمرارية في زيادة الحافلات لم يكن الحل الأمثل لفك الاختناقات المرورية، خاصة في المشاعر المقدسة لمحدودية المكان وضيق المساحة. لذلك؛ استدعت الحاجة بروز أفكار جديدة تبقي مساحات المخيمات على ماهي عليه، وتوفير وسيلة نقل سريعة وآمنة؛ فبرزت فكرة مشروع قطار المشاعر المقدسة المعلق كحل جذري للعديد من المشكلات المرورية، ليبدأ في موسم حج هذا العام مرحلته الأولى؛ كخطوة تؤكد حرص قيادة المملكة على إيجاد الوسائل والطرق والأساليب المتطورة والعصرية لخدمة ضيوف الرحمن دون النظر إلى تكاليفها المالية. ومن خلال نظرة أولية لسنوات قلائل مضت نرى أن وسائل النقل سواء تمثلت في حافلات نقل الحجاج التابعة للنقابة العامة للسيارات، أو الطرق والجسور والأنفاق قد ارتفعت أعدادها وزادت مؤشراتها كتأكيد على أن لحجاج بيت الله الحرام مهما كانت أعدادهم، واختلفت لغاتهم، وتعددت أعراقهم فهم في نظر الدولة السعودية ضيوف قدموا لبيت الله ملبين نداء الحق تبارك وتعالى. المملكة أنفقت المليارات لراحة ضيوف الرحمن وليست بحاجة إلى دراسات «جدوى» أو «رسوم الخدمات» مشروعات عملاقة في البداية يشير "بياري" إلى أن تنفيذ مشروعات القطارات المعلقة والتي تندرج تحت مسمى وسائل النقل الخفيفة؛ تشكّل حلولاً جيدة لنقل الركاب في الكثير من المدن المزدحمة، فضلاً عن بعدها عن مناطق المشاة والمركبات. وقال:"إن المتابع للمشروعات الجاري تنفيذها وتلك التي تتم دراستها يلحظ أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله حريص على أن تكون آليات التطوير لخدمات الحجاج شاملة لكافة الجوانب والمحاور، سواء كانت إدارية تنظيمية أم مشاريع تطويرية، وهذا مبدأ واضح، من خلال توسعة ساحات الحرم المكي الشريف مروراً بشبكة النقل المتطور، والتي تربط بين مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، إضافة إلى دخول تنظيمات جديدة لحركة السير المعتمدة من قبل المرور، ولم تكن أي خطة مرورية تستهدف خلق الاختناقات لكنها تاتي بمرونة لإرضاء طرفين أساسين، هما: المركبات والمشاة، فالمركبات بحاجة الى شوارع لتسير عليها غير أن نزول المشاة إلى الشوارع يؤدي حتماً إلى تعطيل حركة السير". بياري: أي خطة مرورية يجب أن تراعي أوضاع «المركبات والمشاة» سرعة النقل الآمن ويرى "بياري" أن مساحة المشاعر المقدسة ومحدودية الزمن الذي ينبغي للحاج أن يكون متوجداً فيه، أو مغادراً منه؛ فإن الضرورة تقتضي سرعة النقل الآمن غير أن زيادة الحافلات وضيق الشوارع يحول دون ذلك، ومع تزايد أعداد الحجاج وعدم قدرة الطرق الدائرية لتقبل التزايد الدائم في أعداد المركبات جاءت فكرة قطار المشاعر والذي سيساهم في توفير حلول ناجحة للقضاء على ظاهرة الاختناقات المرورية؛ لذلك يمكننا القول بأن قطار المشاعر المقدسة وإن كان في نظر البعض ذا جدوى اقتصادية؛ فإنه في نظر الكثيرين ذو جدوى نفسية لحجاج بيت الله الحرام، فالجدوة الاقتصادية لا يتحدث عنها سوى الساعين للربح المادي، وهذا ما ترفضه قيادتنا الرشيدة في كل عمل ذي علاقة بخدمات الحجاج اذا يمكننا القول بأن هذا المشروع يشكل جدوى نفسية راقية لضيوف الرحمن نظراً لسرعة التنقل بين المشاعر المقدسة. قافلة حجاج تنتقل من منى إلى عرفات في الأربعينات الميلادية تقريباً فك الاختناقات وأضاف: أن منطقة المشاعر المقدسة تشهد حالة من ازدحام المركبات والذي ينتج عنه بقاء الحاج داخل الحافلة فترة زمنية طويلة؛ تؤدي إلى خلق حالة من القلق النفسي لديه ودخول القطار مجال الخدمة، وإن كان سيؤدي لتقليص ساعات مكوث الحاج وسرعة وصله لمخيمه؛ فإنه سيسهم في إزالة القلق الذي ينتاب البعض من الحجاج، وسينعكس تلقائياً على عدد الحافلات المستخدمة في النقل، إضافة إلى تقليص نسبة التلوث البيئي الناتج من عوادم السيارات، وهو ما يعني أن هناك مرونة في حركة السير ستشهدها الشوارع والطرقات وفقا لمحورين، اولهما دخول القطار مرحلة الخدمة، وآخرهما تقليص عدد الحافلات المستخدمة في التنقل. سيف الدين: نجحنا في منع السيارات الصغيرة وتطبيق «نظام الترددية» خطة النقل وأكد "سيف الدين" أن الدولة -رعاها الله- وإن كانت قد تضع في كل عام خطة سير مختلفة عن سابقتها في الموسم الماضي؛ فإن الخطة حينما توضع تدرس محورين، هما: الايجابيات المحققة والسلبيات المسجلة؛ لذلك نرى أن الخطط المرورية تستهدف في كل عام تحسين الأداء ومرونة الحركة. وقال: "من خلال تقارير المشاركين في وضع الخطط المرورية نرى انهم يطالبون بتنفيذ مشروعات طرق جديدة، وتشييد كباريات، وشق أنفاق، وهم محقون في طلبهم إذ إن هدفهم أن تكون حركة السير مرة لكن العقبة الرئيسة التي تواجههم دوماً تكمن في محدودية المساحة وتزايد أعداد الحجاج في كل عام". وأضاف: لعل الكل يدرك تماماً كيف كانت عملية تصعيد الحجاج للمشاعر المقدسة خلال الفترة الماضية وكيف غدت اليوم، من خلال منع المركبات الصغيرة من دخول منطقة المشاعر المقدسة، وتطبيق نظام النقل بالرحلات الترددية؛ غير أن الاستمرارية في الاعتماد على الحافلات في النقل يستدعي توسعة أكثر للشوارع وشق للأنفاق وتشييد للكباري. معاجيني: وزارة الحج نجحت في التعريف بخدمة القطار ووسائل الإفادة منه في المشاعر وأشار إلى أنه حينما برزت فكرة قطار المشاعر المقدسة شكّلت منعطفاً جديداً للنقل، وحلاً قوياً للازدحام الذي تشهده المشاعر المقدسة، وسيدرك الجميع خلال موسم حج هذا العام مع تطبيق المرحلة الأولى من النقل بالقطار مدى جدواه على ضيوف الرحمن، سواء من الناحية النفسية وهي المعاناة الكبرى لدى الكثير من الحجاج الذين يمثل كبر سنهم أعلى معدلاته، أو من ناحية سرعة النقل والخروج من عرفات والوصول لمزدلفة والخروج منها في مواعيد يرون انهم لو تاخروا فيها لبطل حجهم وفقاً لروايات قد يسمعونها من البعض. قطار المشاعر جاهز لنقل مليوني راكب والاستغناء عن 1200 حافلة مشروعات النقل فيما يعتبر "قاري" أن تنفيذ المرحلة الأولى من قطار المشاعر المقدسة ستشكل خطوة أولى للقضاء على الاختناقات المرورية، التي تتسع مساحتها بكثرة أعداد المركبات، وبهذا يمكننا القول إن استخدام القطار في مرحلته الأولى سيشكل خطوة نحو تجاوز المسافات بأقل فترة زمنية، والقضاء على حالات الازدحام التي عرفت بالمشاعر المقدسة منذ عقود متعددة في زمن كانت الحافلات فيه منخفضة والطرق قليلة فارتفعت أعداد الطرق وفي مقابلها زاد عدد الحافلات مع تزايد أعداد الحجاج. قاري: الجميع يترقب تجربة «قطار المشاعر» لفك الاختناقات المرورية وقال:"إن كان النقل بنظام الرحلات الترددية بين المشاعر المقدسة قد اثبت نجاحه خلال السنوات الماضية؛ فإن نجاحه شمل تقليص عدد الحافلات المستخدمة وسرعة التنقل، غير أن الاعتماد على الحافلات والاستمرار بها لسنوات قادمة قد يؤدي الى ايجاد اختناقات مرورية بنظام الرحلات الترددية؛ لذا فاننا نعتبر أن مشروع قطار المشاعر المقدسة -الذي يتم تنفيذه هذا العام ويدخل الخدمة في مرحلته الأولى- يستهدف أولاً توفير خدمة جيدة لضيوف الرحمن، فهل بعد هذه الخطوة جدوى أخرى؟. الجدوى الاقتصادية وأضاف "قاري": قد يتحدث البعض عن جدوى اقتصادية لمشروعات النقل، ولكن في المملكة ليس هناك أي نظرة تجاه جدوى اقتصادية لمشروعات خدمات الحجاج، فالجدوى الحقيقية متمثلة في مدى الفائدة التي سيجنيها ضيوف الرحمن من هذا المشروع. وأشار إلى أن أولى ثماره هي سرعة التنقل بالمشاعر المقدسة، ونقل أكبر عدد من الحجاج، ولذا فإن المتتبع لخطط النقل والتصعيد للمشاعر المقدسة يلحظ أن وسائل النقل شهدت خلال العقود الثلاث الأخيرة نقلة كبرى، بدءا من زيادة أعداد الحافلات، ومروراً بتحديثها؛ ليأتي الآن دور آخر تمثل في إنشاء خط حديدي بالمشاعر المقدسة، وهي خطوة يرى الكثير من المتابعين لنقل الحجاج أنها تشكل نقلة كبرى في عملية نقل الحجاج، لذلك لا يمكننا القول بأن لمشروع قطار المشاعر المقدسة جدوى اقتصادية تعود لصالح الدولة، لكننا نعتبر النقلة هي في سرعة النقل بالمشاعر المقدسة. العميد د. البنيان: بعض «مؤسسات الحج» لا تدرك أهمية الخطط وتنفيذها قرار المنع ويذهب "العميد د. البنيان" أن النقل في المشاعر المقدسة مر بالكثير من المصاعب، وأن هناك خططاً كثيرة يتم وضعها لتنظيم حركة السير، حيث كانت فكرة منع دخول السيارات الصغيرة للمشاعر المقدسة من أهم الأفكار التي لاقت الاستحسان، وقضت على نسبة من الازدحام الذي تشهده المشاعر المقدسة، غير أن هذا المنع وإن كان قد ساهم جذرياً في حل المشكلة، لكنه لم يساهم في الحل كلياً؛ فتزايد أعداد الحجاج أدى إلى تزايد أعداد الحافلات واستخدام الحجاج للشوارع دون الأرصفة أدى بشكل مباشر إلى تعطيل حركة السير ووجود الازدحام. القطار من الداخل مكيف وآمن سلبيات النقل بالحافلات وقال: "أصبح الاعتماد على الحافلات يشكل اعتماداً كلياً، لكنه في المقابل حقق ايجابيات وأوجد سلبيات فمن ايجابيات ذلك زيادة عدد الركاب وقلة السيارات المستخدمة، غير أن تزايد أعداد الحجاج استدعى زيادة عدد الحافلات المستخدمة؛ فبرزت مشكلة الازدحام المروري مجدداً بالطرق والشوارع المؤدية للمشاعر المقدسة وداخلها"، مشيراً إلى أن من السلبيات أيضاً عدم معرفة السائقين لمواقع مخيمات الحجاج الذين يقلونهم، وهو مايؤدي إلى عرقلة في حركة السير وتعطيل لها؛ لذلك تبقى مشكلة الاعتماد على الحافلات في النقل بالمشاعر المقدسة قائمة ومستمرة، إضافة إلى تعطل الحافلات بالشوارع، حيث تؤثر تلقائياً على الحركة، كما أن وقوفها بعرفات ومزدلفة بشكل عشوائي يؤدي أيضاً الى زيادة التحام المركبات. الهذلي: الاختناقات سوف تستمر على كافة الطرق بسبب كثافة المركبات ومحدودية المساحة الخطة المرورية وأضاف: "إن كنت قد اشرت إلى جهل بعض السائقين لمواقع مخيمات الحجاج، فإن البعض من هؤلاء السائقين يحاولون الدخول إلى شوارع قد تكون مخصصة للخروج؛ فإن سمح لهم بالدخول حدث عكس في حركة السير، مما ينتج عنه ارتباك للخطة وقد يؤدى إلى فشلها"، موضحاً أن الإدارة العامة للمرور تسعى في كل عام إلى شرح دقيق لخطط التصعيد والتنقل بالمشاعر المقدسة للمشاركين في النقل، سواء بمؤسسات الطوافة الأهلية أو مؤسسات حجاج الداخل، ولكن البعض منهم لا يدركون أهمية هذه الخطط، ولا يسعون إلى تطبيقها بشكلها الصحيح، وهو ما يؤدى بشكل آخر إلى حدوث الاختناقات المروية. وأشار إلى أن قطار المشاعر المقدسة يشكل حلاً أمثل للقضاء على الاختناقات المرورية، وايجاد بيئية نقية خالية من الملوثات بالمشاعر المقدسة، غير أن هذا لا يعنى تجاهلنا لوضع خطط مروية محكمة ومستفادة من الدروس السابقة لمحطات الوصول والمغادرة؛ اذ ستشهد الشوارع المؤدية والقادمة منها وجود أعداد كبيرة من المركبات الناقلة للحجاج. الاختناقات مستمرة وأوضح "الهذلي" أنه قبل بدء موسم الحج تكون كافة القطاعات الحكومية قد وضعت خططها وبرامجها، وتسعى الإدارة العامة للمرور من جانبها للمشاركة بخطط تتضمن الحد من الاختناقات المرورية في المشاعر المقدسة، عبر منع بعض المركبات من دخول المشاعر المقدسة، وتحديد مواعيد زمنية للمسموح لها بالدخول كخطوة للقضاء على الاختناقات المرورية. وقال:" ما يأمله المرور يظل بعيداً عن الواقع؛ فالاختناقات قائمة ومستمرة بكافة الطرق، نظراً لكثافة أعداد المركبات، ومحدودية مساحة الطرق والشوارع والتي يصعب التوسع فيها لضيق ومحدودية منطقة المشاعر المقدسة، خاصة في مشعر منى"، مشيراً إلى أن فكرة تنفيذ قطار المشاعر ستساهم في مرحلتها الأولى في الحد من حالات الازدحام ونقل الحجاج خلال فترة زمنية قصيرة، إلاّ أن ذلك يستدعي العمل على تنفيذ برامج توعوية وإرشادية، فما هي البرامج والخطط التي تم إعدادها لإيصال مفهوم جدوى استخدام قطار المشاعر؟. قطار المشاعر وأشار "معاجيني" إلى أن وزارة الحج نظمت من جانبها حملات تعريفية بمشروع قطار المشاعر، من خلال ورش عمل تستهدف إيصال المعلومة الكاملة عن المشروع لشركات ومؤسسات حجاج الداخل، والذين سيكونون معنيين خلال موسم حج هذا العام بنقل الحجاج عبر القطار بالمشاعر المقدسة، والهدف من هذه الورش نشر الوعي الكامل عن المشروع وكيفية استخدام مقطوراته والإجراءات المتبعة. وقال: "لقد حرصت وزارة الحج على أن يكون لها دور فاعل في نشر ثقافة المشروع لدى المتعاملين معه، فكانت ورش العمل التي تتناول الأهداف الرئيسة لقيام المشروع وتشغيله بشكل صحيح لتكون لدى المتعاملين مع الحجاج معلومات متكاملة عنه، إضافة إلى كيفية نقل الحجاج بشكل صحيح، خاصة أن المشروع نفذ للفصل بين حركة المركبات والمشاة وسيكون بمقدور الحاج التنقل خلال فترة زمنية قصيرة متى ما كان التنظيم من قبل مؤسسات وشركات حجاج الداخل يسير وفقا للخطط المعدة"، مشيراً إلى أن من مميزات قطار المشاعر البارزة والتي تعتبر ايجابية انه نفذ في مساحة محددة، ودون أحداث أي تاثيرات على المساحات المخصصة لمخيمات الحجاج فضلاً عن عدم تاثيرة على حركة المركبات او المشاة". نقلة كبيرة واعتبر "بياري" من جانبه أن المشروع وإن كان يعد نقلة كبرى في عملية نقل الحجاج بالمشاعر المقدسة؛ فإنه في مرحلته الأولى هذا العام يحتاج إلى تظافر الجهود، مشيراً إلى أن قيام وزارة الحج بتنظيم ورشة تعريفية لمؤسسات وشركات حجاج الداخل عن القطار أدى حتماً إلى إيصال رسالة جيدة، ونقل انطباع حسن لدى الحجاج، خاصة وأن القطار سينقل الحجاج من مزدلفة إلى رمي الجمرات عبر ثلاث محطات، ولا علاقة له بسير المركبات وممرات المشاة، وهو خطوة حلول جديدة قادمة -بإذن الله-، فضلاً عن توفير الراحة والامان لمستخدمية وبعدة كلياً عن أي اثار بيئية أو صحية للحجاج. توعية الحجاج ويذهب "سيف الدين" إلى أن التوعية المسلكية لها برامجها الخاصة التي تنفذها مؤسسات الطوافة بالتعاون مع وزارة الحج، وهي برامج تشرح لضيوف الرحمن طرق وأساليب استخدام الوسائل والحفاظ على الصحة العامة، مؤكداً على أن تنفيذ برامج توعوية خاصة بمشروع قطار المشاعر يحتاج إلى تكثيف أكبر بحيث تصل المعلومة بشكل واضح وموجز لمستخدمي القطار وبلغات متعددة. وقال: "إن وزارة الحج عمدت من جانبها إلى تنفيذ ورش عمل خاصة بالمشروع شارك فيها متخصصون؛ لشرح كافة جوانب المشروع، من حيث استخدام الحجاج له والطرق السلمية والتي تكفل لهم التنقل به بصورة صحيحة وآمنه تنعكس على ارتفاع مستوى الأداء والعرض السامي لهذا المشروع العملاق"، مشيراً إلى أنه يبقى شرح عملية التنفيذ مرتبط بوسائل الإعلام التي ندعوها للمشاركة في بث التوعية والإرشاد، فالمشروع ليس مجرد عربات مرتبطة لكنه نقلة كبرى للنقل الخاص بالحجاج في المشاعر المقدسة. ويعتبر "قاري" أن التوعية والإرشاد وإن كانت تشكل الهدف الأول لأي مشروع ينبغي تنفيذه؛ ولذلك سعت وزارة الحج من جانبها إلى تنفيذ ورش عمل لشرح أهداف قطار المشاعر؛ بهدف إيصال معلومة متكاملة عن المشروع، وهنا لا بد من دعوة الجهات المستفيدة من القطار في مرحلته الأولى للمساهمة في تنفيذ برامج توعوية جيدة، خاصة وأن بين الحجاج من هم قادمون من مناطق بعيدة عن التطور الحضاري!، مشيراً إلى أن القضية ليست في التوعية وكيفية إيصال الحجاج لاستخدام القطار، بل لابد أيضاً من شرح الجهود التي تبذلها الدولة لراحة ضيوف الرحمن. تطور وسائل النقل في الحج..من الجمال إلى القطار! خلال الفترة الحالية التي يفد فيها ضيوف الرحمن صوب مكةالمكرمة تعود بنا الذاكرة إلى الوراء قليلاً؛ لتحكي قصصاً عن فترة مضت لم نرها، لكننا سمعنا عنها من آباء وأجداد، وقرأنا أحداثها عبر صفحات سجلت بكتب ومراجع تاريخية وسط أرفف المكتبات، حيث حكت بأسطرها الكثير من الألم والمشقة التي واجهها ضيوف الرحمن، حيث لم يكن هناك أمن مستتب ولا وسيلة نقل مريحة. ورغم كل تلك المعاناة التي عاشها حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فإن شرف أداء فريضة الحج ظل هو الغاية السامية التي يسعى اليها المسلمون. قافلة حجاج تنتقل من منى إلى عرفات في الأربعينات الميلادية تقريباً فالسفر ليلاً عبر طرق مظلمة لا يضيئها سوى ضوء القمر ونجومه لم يكن مقلقاً لكل من لبى النداء، وكذلك الحال نهاراً فرغم ضوء الشمس فإن حرارتها ولهيب الصحراء أضافت معاناة أخرى لضيوف الرحمن، فضلاً عن وسائل النقل على الدواب والتي شكلت في مجملها صوراً مؤلمة تدمي العين. وإن أردنا الحديث عن وسائل النقل الخاصة بالحجاج خلال الفترة الحالية، فإن ذكرياتنا عن تلك السابقة تحمل بدايات متواضعة لتطور بدأ مع توحيد الدولة السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله ، فقد أشارت المراجع التاريخية عن خدمات الحجاج أن أول سيارة دخلت الحجاز كانت في عام 1340ه، إلاّ أنها لم تستخدم في نقل الحجاج فقد منع استعمالها!. ومع دخول الملك عبد العزيز -رحمه الله- للحجاز أخذت السيارة في الظهور كوسيلة حديثة لنقل الحجاج، فأسست في عام 1344ه أول شركة خاصة بنقل الحجاج بين جدةومكةالمكرمة، ولم تكن تمتلك سوى خمس وعشرين سيارة. وفي عام 1345ه بدأت عملية تنظيم سيارات نقل الحجاج بصدور نظام تسيير السيارات والذي تضمن إحدى وثلاثين مادة، وصدر الأمر السامي بالمصادقة عليه في 18 جمادى الآخرة سنة 1346ه. وارتفع عدد سيارات نقل الحجاج ليصل في عام 1346ه إلى نحو 541 سيارة، ومع تزايد أعداد السيارات وبروز الشركات تم توحيد تلك الشركات في شركة مساهمة واحدة أطلق عليها "الشركة الحجازية السعودية لسير السيارات والمشاريع العمرانية". ومع تأسيس النقابة العامة للسيارات عام 1372ه كجهة حكومية تشرف على شركات نقل الحجاج، كان عدد شركات نقل الحجاج خمس شركات تمتلك نحو خمسة وثلاثين ألف مقعد. وفي عام 1373ه بدأت عملية نقل الحجاج عبر السيارات في التزايد، فاختفت الجمال كوسيلة نقل للحجاج وحلت الحافلات مكانها؛ ليأخذ عددها في الارتفاع عاماً تلو آخر، ويصل خلال موسم حج عام 1430ه الماضي الى (19501) حافلة وفرت نحو (900543) مقعداً. ومن حافلات بدائية إلى أخرى متطورة؛ تطورت وسائل نقل الحجاج بالمشاعر المقدسة لتدخل مرحلة جديدة تمثّلت في قطار يشكل مشروعاً حديث العهد يدخل مرحلة التنفيذ الأولى خلال موسم حج هذا العام 1431ه، ويستهدف الحد من استخدام الحافلات وسيتم مع بدء تشغيل المشروع في مرحلته الأولى التي تستهدف الاستغناء عن استخدام نحو 12000حافلة، ونقل مليوني راكب كما يمتاز القطار بقدرته على تجنب مناطق الازدحام الذي تعانيه مكةالمكرمة على مدى أكثر من عشرة عقود. وتبدأ المحطات الأولى للقطار داخل مكة، ثم يمر القطار بثلاث محطات في مشعر عرفات، ومثلها في مشعر مزدلفة، ثم أول مشعر منى ووسطه وتكون المحطة الأخيرة عند الدور الرابع بجسر الجمرات، ويتميز القطار بالسرعة والارتفاع عن الأرض، ويقوم على أعمدة أحادية وسط الشارع ويتميز أيضاً بقربه للمشاة والمحطة، بالإضافة أن المسار يتفادى تأثيره على المخيمات وتم مراعاة عدم تكدس الحجاج ومراعاة طبوغرافية الأرض لتقليل الارتفاعات والانخفاضات، وسيعمل بنسبة37% من طاقته وقدرته الاستيعابية خلال موسم حج هذا العام 1431ه، فيما سينتهي المشروع كاملاً خلال موسم حج عام 1432ه_2011م. حجاج على صعيد عرفات الطاهر العام الماضي واقع النقل في المشاعر يحيّر «خطط التنفيذ»! لم تكن الشوارع في المشاعر المقدسة ذات أعداد كبيرة كما هي عليه الآن؛ إذ كانت عرفات ترتبط بخطين أساسيين، هما: الطريق الدائري والخطوط الفرعية التي لا يتجاوز عددها التسعة طرق، من بينها طريق خاص بحجاج البر. ومع تزايد عدد المركبات، وارتفاع أعداد الحجاج كانت الدراسات منصبة حول إنشاء طرق وأنفاق جديدة تربط مكةالمكرمة بالمشاعر المقدسة؛ فارتفع عدد الطرق وضاقت المساحة لمخيمات الحجاج؛ لكن المشكلة بقيت كما هي من تزاحم في أعداد المركبات وضيق في الشوارع. وحينما دخلت فكرة الرحلات الترددية ونفذت لأول مرة داخل المشاعر المقدسة في عام 1416ه احتاجت إلى طريق خاص كلّف الدولة الكثير من الجهد والمال؛ اذ تم وضع مسار خاص به استلزم إنشاء طريق خاص فصل بين المشاة والمركبات. ووفق نظام الرحلات الترددية؛ فإن هناك منطقة خاصة بين عرفات ومزدلفة خصصت للحافلات المخصصة للنقل بالرحلات الترددية، والتي وإن تقلص عددها، غير أن تكالفيها ارتفعت؛ إذ استدعت إنشاء وتجهيز مواقع خاصة كمحطات للصعود بعرفات، وأخرى بمزدلفة، وثالثة بمنى، ووضع أسلاك تفصل بين المشاة والحافلات. وعلى الرغم من ذلك، إلاّ أن البعض من الحجاج يتركون مساراتهم ويتحولون للشوارع للسير بها، وهو مازاد من أعباء وزارة النقل تجاه هذا المشروع الذي ساهمت فيه وزارة الحج، من خلال لجنة النقل العليا، حيث تم تشكيل فرق ميدانية لمتابعة عمليات النفرة من عرفات ومزدلفة. ومع نجاح التجربة الأولى للنقل بالرحلات الترددية بمؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوربا وأمريكا وأستراليا تم تطبيق النظام بمؤسسة مطوفي حجاج دول جنوب شرق آسيا، وسيتم تطبيقه هذه العام بمؤسسة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية. ومع تنفيذ هذه المشروعات التنظمية الثلاثة على مدى الثلاث سنوات الماضية يبرز دور وزارة النقل في التنظيم والتحسين والتطوير للطرق؛ فكانت الأنفاق والجسور هي الحل الأمثل؛ كجسر الملك فيصل والذي يربط مكةالمكرمة بالمشاعر المقدسة؛ اذ بإمكان مستخدمه التوجه إلى عرفات عبر مسار خاص به، وإن رغب في النزول إلى مزدلفة أو منى فلكل منهما مساره المحدد، ومن رغب في الخروج من منطقة المشاعر المقدسة باتجاه آخر نحو العزيزية فبإمكانه أن يسلك الطريق المؤدية إليها. كثافة أعداد الحجاج وضيق المساحة أبرز تحديات النقل في المشاعر ورغم قيام وزارة النقل بإنشاء جسري الملك عبدالعزيز والملك خالد لربط مكةالمكرمة بمشعر منى لسرعة الوصول إليها، إلاّ أن هذه الجسور لم تكن حلاً كلياً أو جذرياً لسهولة الحركة؛ نظراً لافتراش بعض الحجاج لأرصفة الجسر، واضطرار المشاة للسير بالإماكن الخاصة بالسيارات. كما أن نفق المعيصم المرتبط بجسر الملك عبدالعزيز -الذي يمتص نسبة من الحركة المرورية لسالكه ويخرج المركبات الى منطقة الشرائع- يعاني من مشكلة وقوف السيارات، وهو ما جعل الإدارة العامة للمرور متضمنة فتح المداخل والمخارج وعدم السماح للسيارات بالوقوف في هذه الأماكن. غير أن الاستجابة لمتطلبات الخطة من قبل قائدي المركبات لم يصل إلى الدرجة التي ترضي الجميع، وقد يكون لهم عذرهم، فالبعض منهم يرغب في الوصول إلى الجمرات سيراً على الأقدام وترك مركبته، فيما يفضّل الآخرون التوجه نحو المجزرة لتقديم الهدي والأضاحي وكلاهما لا ينظران للأضرار التي تؤدي الى وفوقهم العشوائي. وبعيداً عن جهود وزارة النقل وخطط السير المعتمدة؛ فإن نجاح مشروع قطار المشاعر المقدسة يحتاج إلى ضبط محكم من قبل كافة الجهات، وما نخشاه أن تتحول محطات المغادرة والوصول إلى أسواق يفترشها الباعة الجائلون فيصعب على الركاب الوصول إلى العربات أو مغادرتها الذين يؤثرون سلباً على خطط المرور. عقبات تشغيل القطار! لكل مشروع يحمل بين طياته ايجابيات محققة، وسلبيات قد تظهر مع التشغيل، ومشروع قطار المشاعر المقدسة قد يواجه عدة عقبات كما يوضح ذلك "قاري" بقوله: إن القادمين لأداء فريضة الحج يمثلون جميع دول العالم، وبينهم دول متقدمة وأخرى من العالم الثالث، وبين هذه وتلك هناك فئات من الحجاج من سكان القرى والمدن الصغيرة التي لا يستخدم سكانها السيارات في تنقلاتهم، فكيف بهم يستخدمون قطاراً؟، لذلك فإن أول خطوة ينبغي الإشارة اليها هي نشر ثقافة النقل بالقطار عبر شاشات بلغات متعددة وتوزيع بروشورات ونشرات توعوية توضح للحاج كيفية الصعود والهبوط والتنقل بالقطار. غير أن "معاجيني" وإن اتفق معه في ذلك؛ لكنه يرى أن المشروع في بداياته الأولى وكغيره من المشروعات سيواجه بعقبات متمثلة في كيفية الاستخدام، والدور هنا لا ينبغي أن يلقى على عاتق جهة دون أخرى، ولابد من تضافر الجهود من قبل الجميع. وهو ما أكده "الهذلي"، بقوله: "إن هناك عقبات ستواجه المشروع قد يتمثل أبرزها في غياب الثقافة الخدمية لدى المستفيدين منه، ولا يمكن مطالبة مؤسسات الطوافة أو مؤسسات حجاج الداخل بتنفيذ برامج توعوية للمشروع؛ اذ لابد من مشاركة جميع القطاعات الحكومية والاهلية ذات العلاقة بخدمات الحجاج في نشر برامج التوعوية". غير أن "العميد د. البنيان" وان اتفق مع المشاركين حول هذه العقبات إلى انه يرى - بحكم خبرته المرورية - أن من أبرز العقبات التي ستواجه المشروع هي كيفية وصول الحافلات المقلة للحجاج إلى محطات المغادرة، ومن ثم نقله من محطات الوصول؛ لذلك قد تحدث ازدحامات بالطرق المؤدية إلى هذه المحطات نتيجة لرغبة البعض للمرور من هذه الطرق دون حاجته لإنزال الحجاج بها أو تصعيد آخرين منها. وقال: "قد يعتبر بعض السائقين أن هذه الطرق قصيرة وتمكّنهم من الوصول لمبتغاهم بأقل فترة زمنية؛ لذلك ينبغي أن تكون هناك ضوابط خاصة بالحافلات المستخدمة لهذه الطرق حتى لا يحدث ما لا ينبغي أن يحدث من تكدس للحافلات وازدحام بالشوارع ولا يستفاد من القطار بالشكل الذي أُريد منه". مقترحات وتوصيات خلص المشاركون في الندوة أن وجهات النظر التي تنادي بالعمل على توسعة الطرقات، وإنشاء الكباري، وشق الأنفاق سيعني بقاء مشكلة الازدحام، أما تلك التي تنادي بعمل قطارات تحت الأرض قد يؤدي إلى حدوث صدام بطبيعة مكةالمكرمة الجغرافية، حيث طبيعتها الجبلية؛ لذلك فإن من الأفضل هو العمل على ايجاد القطارات المعلقة والذي بدأت بوادره تظهر الآن بالمشاعر المقدسة. كما أكدوا أن التوعية لا تعتمد على توزيع بروشورات أو وضع لوحات، فلابد من وضع برامج خاصة يشارك فيها المشاركون في خدمات الحجاج، وأخرى خاصة بالحجاج، حتى لا تحدث مشكلة أخرى كتلك التي تحدث في عملية التصعيد والتنقل بالحافلات، فلا بد أن يدرك جميع المشاركين أن الخطة التي يتم وضعها لا بد وأن تنفذ بشكل جيد ولم يكن وضعها مبنياً بشكل عشوائي، بل جاء بدراسة متكاملة ووافية. وأشاروا إلى أن دخول مشروع قطار المشاعر يستدعي دخول برامج توعوية توجه للجميع، فالمشروع وإن كان ضخماً في حجمه وقيمته؛ فإن قيمته المعنوية تفوق كثيراً قيمته المادية. واتفق الجميع على أن قطار المشاعر له دور جيد في تسهيل عملية نقل الحجاج بالمشاعر المقدسة، وبحاجة إلى برامج توعوية جيدة تبرز مهامه وتوضح اجراءاته؛ فإن للشباب السعودي مكاسب أخرى متمثلة في توفير وظائف جيدة ومناسبة وبمرتبات يعتبرها البعض مرتفعة، خاصة وأن المشروع لا يعمل سوى أيام قلائل. المشاركون في الندوة فائق بياري رئيس الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف رئيس مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية عبدالواحد برهان سيف الدين رئيس مجلس ادارة مؤسسة مطوفي حجاج الدول الافريقية غير العربية عادل رشاد قاري عضو مجلس ادارة مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وامريكا واستراليا- رئيس قطاع النقل والتصعيد محمد معاجيني عضو مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية العميد متقاعد د.محمد علي البنيان خبير مروري عبدالله السويهري الهذلي خبير في خدمات حجاج الداخل