الكذب الوان هناك الابيض والاحمر، ولكن هناك ايضا كذب بدون لون، وحتى 11 سبتمبر الماضي كان الكذب شائعا باختلاف الوانه ولا يزال، ولكن ما حدث بعد ذلك التاريخ هو ان التسامح مع الكذب والكذابين هبط بدرجة كبيرة حتى ان التكنولوجيا تستخدم الآن للكشف عن الكذابين قبل وقوع عواقب كذبهم. لقد غير 11 سبتمبر صناعة التكنولوجيا تغييرا ملموسا هناك الآن آلات التصوير (الكاميرات) واجهزة الحاسب الآلي وبطاقات الهوية المحصنة واجهزة الانذار وماكينات التعرف على ملامح الوجه والصوت وطائفة عريضة من التكنولوجيا الحديثة التي برزت مع بروز الحاجة الى اجراءات امنية افضل في المطارات والطائرات والمباني والمجتمع بأسره . ومع التركيز على الامن زاد الاحساس الشخصي لدى الافراد والشركات بعواقب آفات لم تكن موضع اهتمام كبير في الماضي، منها آفة الكذب ورغم وجود جهاز معروف منذ فترة للكشف عن الكذب فإن نتائج الجهاز لا يعول عليها بدقة حتى الآن والدليل على ذلك هو ان المحاكم الاميركية لا تعتد بنتائج الجهاز كدليل قانوني ولا تسمح بها في القضايا المطروحة امامها. ولكن سلطات الأمن الاميركية لا تزال تلجأ الى استخدام اجهزة الكشف عن الكذب على اية حال رغم علمها ان المحاكم سوف ترفض نتائجها، وتستطيع سلطات الامن ان تتخذ من نتائج الجهاز مؤشرات على مدى مصداقية الاقوال المطروحة، ومن ثم تقوم بمتابعة التحريات والاستجوابات ولكن التكنولوجيا اليوم تقدمت خطوة جديدة في هذا الاتجاه. هناك الآن جهاز صغير يحمله الشخص في يده ويمكنه ان يدلل على ما اذا كان المتحدث معك صادقا او كاذبا. موظفة في شركة اعلانات مثلا ارادت ان تتحقق من صدق رجل جاءها بصفقة مزعومة بمليون دولار لتوفير وقتها وجهدها واموالها اشترت الموظفة جهازا بخمسة آلاف دولار واثناء محادثتها الهاتفية مع الرجل اعطاها الجهاز ضوءا احمر يعني ان الرجل كاذب وافاق وان كذبه من النوع الذي لا لون له اي انه كذب مقنع يتخف ويصعب رصده بشريا . ورغم ان صناعة التكنولوجيا سعيدة بلا شك بالطرفة التجارية والتكنولوجية التي جاء بها 11 سبتمبر، فان الحادي عشر جاء ايضا بطفرة من نوع آخر في العلاقات البشرية : لا تثق بجارك، لا تثق بالجالس في مقعد الطائرة بجانبك، لا تصدق الشرطة، لا تأتمن لمسئولي الحكومة، احترس ممن يدق باب بيتك. تفحص بطاقات الهوية والائتمان، لا تقرض صديقك عسى ان يستخدم القرض في جريمة، ولا تتبرع بنقود لمؤسسة خيرية عسى ان تكون مؤسسة شريرة، أبعد عن المساحيق البيضاء عسى ان تكون بكتيريا الانثراكس، لا تحكي الصدق ولا تحكي الكذب على السواء. اسكت الوطن العمانية