هل الكذب صفة متأصلة أم مكتسبة؟.. بمعنى هل يولد الكذاب كذاباً مثل الشاعر والرسام والموسيقي الذي يولد بذلك الإحساس وتلك النزعة في دمه لا فكاك منها.. أم هو يتربى على ذلك؟.. وهل يملك الكذاب القدرة على الإقلاع عن الكذب والتوقف عنه.. أم يحتاج إلى علاج كما يحتاج إليه مدمن الكحول أو المخدرات؟ هل الكذابون طبقات وأنواع؟.. وهل الكذب متصل مستمر أم وقتي؟.. وهل الدافع إليه المصلحة أم مجرد الرغبة في الكذب؟.. وهل يجب أن يكون الموقف من الكذب متدرجاً يبدأ بالقبول وينتهي بالرفض؟.. وهل هو ملة واحدة أم ملل متعددة؟.. وهل هناك كذب مفيد وآخر ضار؟. الكذب في المفهوم العام أنواع.. منه: الكذب الحميد وهو إخفاء بعض الحقائق بهدف عدم المساس بمشاعر الآخرين أو إصلاح ذات البين.. وكذب التُقْية بدافع الخوف.. وكذب التحوط خشية إثارة المشاكل.. وكذب التجني بقصد أذية الناس.. وكذب الادعاء لتجميل النفس.. وكذب التفكُّه مثل كذبة إبريل.. وكذب التحايل لجلب مصلحة شخصية.. والكذب على الله ورسوله وهذا صاحبه سوف يتبوأ مقعده من النار. أما دوافع الكذب فهي متعددة.. بعضها نشأ كجزء من مشكلة أكبر دفعت إلى الكذب لتغطيتها.. أو الكذب على النفس.. وهناك الكذب القهري نتيجة مرض نفسي .. والكذب بدافع السرقة والسطو على حقوق الغير.. والكذب نتيجة الغفلة وذلك بترديد الإشاعات الكاذبة. كما أن للكذب وسائل.. منها قول نصف الحقيقة.. أو السكوت تماماً عنها.. ومنها تجميل أو تقبيح الحقيقة.. ومنها إدعاء الحقيقة أو إنكارها. أما نتائج الكذب فهي في الأغلب وخيمة.. فهي تُسْقط احترام الكاذب.. وتهز ثقته بنفسه.. وتُفْقِده تعاطف الآخرين.. ويتحول إلى مادة للسخرية بين الجميع في المجالس. ودرجات الكذب متعددة.. منها العفوي ومنها المقصود.. منها المخطط له ومنها المرتَجَل.. منها ما هو نتيجة خطأ في زاوية الرؤية.. ومنها ما كان نتيجة تضارب في المصلحة.. منها الُمحْكَم الموزون ومنها المهلهل المبالغ فيه. وأخيراً هل هناك حالات يجوز الكذب فيها؟.. روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الكذب كله على ابن آدم حرام إلا في ثلاث خصال: رجل كذب على امرأته ليرضيها، ورجل كذب في الحرب فإن الحرب خُدْعة، ورجل كذب بين مُسْلِمَيْن ليصلح بينهما».