يقدر احتياطي المملكة من الغاز الطبيعي بنحو 220 ترليون قدم مكعبة، ليحل في المرتبة الرابعة عالميا بعد روسيا وايران وقطر، وتشمل المرحلة الأولى من مبادرة الغاز استثمارات مباشرة تقدر بنحو 25 مليار دولار. ومنذ نهاية العام الماضي والتسريبات عن صعوبات في التوصل لاتفاق نهائي تتردد، ودون التخفيف من تعقيد المفاوضات، غير ان المبادرة وليدة الاحتياجات المحلية.. مما يعني ان اتمامها ضرورة.. وان اتمامها عبر الشركات العالمية المرشحة حاليا هو بديل، لعله الأول لكنه يبقى أحد خيارات عدة، فتدفق الاستثمارات لتوفير المزيد من الغاز والماء والكهرباء أمر لا غنى عنه، وبتعبير آخر، فان عدم التوصل لاتفاق يعني فشل المفاوضات مع الشركات الثماني التي وقعت قبل نحو 14 شهرا مضى اتفاقات مبدئية مع الحكومة.. اما المبادرة فتنفيذ مشاريعها أساسي.. هذا مع ادراك الأهمية الحرجة والتأثير الواضح للشركات الثماني على سوق الطاقة العالمية، ولعل من المناسب التذكير ان الشهر القادم سيشهد انقضاء اربع سنوات بالتمام على لقاء سمو ولي العهد بكبار تنفيذيي صناعة النفط إبان زيارته الولاياتالمتحدة وهذا هو الاسبوع الأول لانتهاء المهلة للوصول لاتفاق نهائي مع شركات الطاقة العالمية حول المشاريع المتكاملة الثلاثة التي شملتها المبادرة. ورغم اصرار الشركات على التبحر والتفكر والتعمق في جهد لمحاصرة الذات ووضعها في صندوق، فالمبادرة السعودية قامت لأسباب موضوعية تزاوج بين الحاجة لتطوير احتياطات الغاز والحاجة لتوفير المزيد من السعة ليرتكز الاقتصاد عليها في نموه، والمزاوجة هي الملمح الأكثر بروزا في المبادرة فقد سكت صيغة مبتكرة تقوم على ما يعرف الآن بالمشاريع التكاملية، لتستمر حلقات اضافة القيمة محليا عبر توظيف الغاز لتوليد الكهرباء وتحلية المياه وتغذية صناعة البتروكيماويات وسواها باللقيم والطاقة.. بل والاستثمار في أصول تستهلك الغاز لتوليد القيمة محليا. وهذا يعني اصابة هدفين بالتزامن: الاستجابة للطلب المتزايد على المياه المحلاة والكهرباء والغاز، وتحسين فرص نمو الناتج المحلي الاجمالي، وفيما يخص الهدف الأول، فحاجة البلاد لاستثمارات تتضح في ان قطاع الكهرباء بمفرده بحاجة لاستثمارات تتجاوز 5.4 مليار دولار سنويا للعشرين سنة القادمة. اما الهدف الثاني فقد تكفي الاشارة الى ان متوسط نمو النا تج المحلي الاجمالي خلال العقد المنصرم بلغ 6.1 بالمائة سنويا، اي ما يقل عن نصف النمو المتوقع، وان قطاع "الماء والكهرباء والغاز" يساهم هامشيا في الناتج المحلي الاجمالي، بما يقل عن 5 بالالف، وان تحقق المبادرة سيضيف لتكوين رأس المال الثابت (الاستثمار في الأصول الثابتة) نحو 10 بالمائة للسنوات العشر القادمة، وهي زيادة قد تؤدي بمفردها لضمان نمو في الناتج المحلي الاجمالي يتجاوز 1 بالمائة على اكثر التصورات تحفظا.