سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السعودية تحتاج لاستثمار تريليون ريال سعودي لتلبية الطلب المتنامي على الماء والكهرباء ..ومصادر المياه الجوفيّة العميقة أوشكت على النضوب خلال السنوات الخمس عشرة القادمة
تُشير أكثر التقديرات تحفظاً إلى أنّ توسيع قطاع الماء والكهرباء السعودي بالوتيرة اللازمة لتمكينه من تلبية الطلب المتنامي عليه خلال العقد القادم، سيتطلّب استثمارات بمئات المليارات من الريالات. ففي الواقع، هناك حاجة ماسّة لاستثمار مبالغ ضخمة في البنى التحتية لقطاع الماء والكهرباء في هذا البلد الذي يتجاوز فيه معدّل نمو الطلب على الكهرباء، الذي يبلغ ذروته في فصل الصيف، معدّل نمو إمدادات الطاقة الكهربائية في العديد من مناطقه؛ وتُعتبر المملكة أيضاً من أفقر دول العالم بمصارد المياه الطبيعية المتجدّدة. ومع أنّ مشروعات المياه والكهرباء تمثّل أولوية قصوى بالنسبة للحكومة السعودية، إلا أننا نعتقد أنّ الاستثمارات العامّة والخاصّة في هذيْن القطاعيْن ظلّت غير كافية خلال العقد الماضي. لذا، لا بد من معالجة هذه المشكلة خلال السنوات القادمة لسبب بسيط، وهو: ضرورة تلبية الطلب المحلي على الكهرباء والمياه الذي ينمو بنحو 8% سنوياً. تُفيد تقديراتنا بأنّ المملكة تحتاج إلى استثمار تريليون ريال سعودي، على الأقل، في قطاع الماء والكهرباء خلال السنوات الخمس عشرة القادمة لكي تتمكّن من توسيع الطاقة الانتاجية، بالوتيرة اللازمة لتلبية احتياجات سكانها الذين تزايدوا مؤخراً بنحو 2.5% سنوياً؛ وقد يستمرون في التزايد بمعدّل سنوي يناهز الاثنين في المائة. كما أنّ الطلب على الكهرباء في المملكة يرتفع بفعل النمو المتسارع لقاعدتها الصناعية إذ نما حجم هذه القاعدة بأكثر من الخُمس منذ عام 2005. وبحلول نهاية عام 2008 ، 4,167 من المصانع العاملة في السعودية توظف 466.661 موظف ، بزيادة قدرها 7 ٪ عن العام السابق. ومع أنّ الحكومة السعوديّة تتمتع باحتياطيات مالية ضخمة بفضل أصولها الخارجية، إلا أنه لا ينبغي عليها أنْ تموّل بمفردها جميع مشروعات قطاع الماء والكهرباء؛ بل يتعيّن على شركائها في القطاع الخاصّ أنْ يضطلعوا بدور رئيسي في هذه العملية عبر بناء شراكات استراتيجية بين القطاعيْن العامّ والخاصّ. في ميزانية عام 2010، زادت المملكة الاعتمادات المالية لقطاعات المياه والزراعة والبنى التحتية بنسبة30%، فوصلت إلى ستة وأربعين مليار ريال سعودي أو ما يعادل 8.5% من إجمالي الميزانية العامّة. وأوضحت الحكومة السعودية أنّ هذه الاعتمادات ستُنفق على المشروعات الجديدة الرامية إلى تعزيز مصادر المياه وبناء السدود وحفر الآبار الارتوازية، بالإضافة إلى تحسين شبكات الصرف الصحي وتطوير وتحديث محطات تحلية مياه البحر.ومع أنّ هذه الخطوات جديرة بالثناء، إلا أنّ الحاجة الماسّة لتطوير أنظمة جديدة للصرف الصحي وتحسين أنظمة الصرف الصحي القائمة تجلّت للعيان في نوفمبر 2009، عندما أدت الفيضانات الجارفة وتسرُّبات مياه الصرف الصحي في مدينة جدّة المطلّة على البحر الأحمر، إلى وفاة أكثر من 120 شخصاً وتدمير آلاف المنازل والسيارات.خلال السنوات الخمس عشرة القادمة، تتوقّع وزارة المياه والكهرباء السعودية أنْ تستثمر 300 مليار ريال سعودي في توليد الكهرباء و200 مليار ريال سعودي في مشروعات تحلية مياه البحر، بالإضافة إلى استثمار 200 مليار ريال سعودي في قطاع الصرف الصحي. نحن نرى أنّ هذا التمويل البالغ 700 مليار ريال سعودي يُمثّل، بالتأكيد، خطوة مهمة في الاتجاه الصّحيح لكنْ ينبغي زيادة حجمه بنحو الثلث، على الأقل، لكي تتمكن المملكة من تلبية الطلب المحلي على الماء والكهرباء بارتياح.صحيحٌ أنّ المملكة وسّعت قطاع الماء والكهرباء خلال السنوات الأخيرة لكنّ وتيرة نمو الطلب المحلي على الماء والكهرباء، فاقت وتيرة توسيع شقّيّ هذا القطاع. ففي الوقت الذي قفز فيه الطلب الأقصى على الكهرباء بنحو 85% بين عاميّ 1998 و2008، نمت قدرة المملكة على توليد الكهرباء بنسبة 70% فقط، خلال نفس الفترة. كما أنّ مصادر المياه تعرّضت لضغوط متزايدة خلال العقد الماضي حيث انخفض نصيب الفرد من إجمالي مخزون المياه بنحو 25%، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في معدّلات استهلاك الفرد والزراعة والصناعة للمياه.لكنّ تحويل قطاع الماء والكهرباء السعودي لا يتطلب تمويل مشروعات ضخمة لتوسيع القدرات الانتاجية وحسب، بل يتطلّب أيضاً إصلاحاً شاملاً. إذ تستهلك الزراعة وحدها 88% من إجمالي استهلاك المملكة من المياه، طبقاً للتقرير السنوي الأخير الذي نشرته مؤسسة النقد العربي السعودي. وهذه السياسة، تحديداً، هي التي استنفذت مصادر المياه الجوفيّة غير المتجدّدة في الثمانينيات.ويمكن أيضاً مراجعة التعريفات لدعم استهلاك الموارد بقدْر أكبر من المسؤولية. فقد أدّت تعريفات الكهرباء والماء المنخفضة وبعض الحوافز المشوّهة، إلى تشجيع الأفراد والشركات على الافراط في استهلاك وهدر الطاقة الكهربائية والموارد المائيّة. لذا، لا بدّ من تغيير هذا الواقع عبر الاسراع في اتخاذ الاجراءات اللازمة لترشيد استهلاك الكهرباء والماء.ولا يمكن للمملكة أن تتطلّع إلى تحقيق التوازن الحصيف بين العرض والطلب على الكهرباء والمياه إلا من خلال تطبيق مقاربة شاملة، تشتمل على إقامة شراكات استراتيجية بين القطاعيْن العامّ والخاصّ. لكنّ مشاركة القطاع الخاصّ لا تزال محدودة بسبب الأزمة المالية العالمية التي حرمته من الحصول على القروض المصرفية، ووضعت عراقيل كبيرة أمام تفعيل نموذج التمويل العامّ والخاصّ المشترك. ومع أننا نعتبر هذا التطور ظاهرةً مؤقتة، لا يسعنا إلا أنْ نشيد بالجهود التي بذلتها وتبذلها الحكومة السعوديّة لسدّ الفجوة التمويلية، التي خلّفتها هذه الظاهرة.ومع أنّ برنامج الانفاق السخي الذي أطلقته الحكومة السعودية عوّض جزءاً كبيراً من الزخم الذي فقده القطاع الخاصّ، إلا أنه ينبغي على الشركات الخاصّة أنْ تستعيد دورها الفاعل عبر توسيع مشاركتها في تمويل وإنجاز المشروعات. إذ لا ينبغي النظر إلى الفوائض المالية للمملكة كمصدر أبدي لا ينضب. المشكلة: تضاؤل الموارد إنّ حاجة قطاعيّ الماء والكهرباء السعودييْن لتحسينات ملحّة وإصلاحات جوهرية حقيقةٌ لا يرقى إليها شك. فقد تراجع نصيب الفرد السعودي من إجمالي مخزون المياه المتجدّدة بوتيرة متسارعة خلال العقديْن الماضييْن نتيجةً لمعدّلات النمو السكاني المرتفعة، والضغط المتزايد لقطاعيّ الصناعة والزراعة على مصادر المياه المحلية. فبين عاميّ 1980 و2006، تضاعف ثلاث مرات حجمُ استهلاك المملكة من مياه الري بسبب مسعاها لتطوير الزراعة في المناطق الصحراوية. وبلغ استهلاك المملكة من مياه الري خلال تلك الفترة حوالي واحدٍ وعشرين كيلومتر مكعّب، طبقاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو). وعلى الرغم من شحّ مصادرها من المياه المتجدّدة، حوّلت المملكة العربية السعودية نفسها، للمفارقة، إلى مُصدِّر عالمي للحنطة والحليب والألبان، وهو ما مثّل عملياً تصديراً مكثفاً لمواردها المائية. في المقابل، يعتمد مصدّرو الحنطة العالميون الآخرون على مياه الأمطار لريّ محاصيلهم، وليس على المياه الجوفيّة غير القابلة للتجدُّد. لكنّ هذه السياسة غير الحكيمة انطوت على تداعيات خطيرة. فقد انخفض نصيب الفرد السعودي من إجمالي مصادر المياه المحلية بحوالي الثلث بين عاميّ 1992 و2008، طبقاً لبيانات منظّمة الفاو. وأشارت هذه المنظمة أيضاً إلى أنّ حجم استهلاك المياه السطحية والجوفيّة وصل إلى 936% من إجمالي مصادر المياه المتجدّدة في عام 2006. ويمثّل مستوى استهلاك المياه مؤشراً للضغط المفروض على مصادر المياه المتجدّدة كما يشير إلى مدى قدرة أي بلد على الاعتماد على مصادره المائية المتجدّدة. تركي الحقيل وترى منظّمة الفاو أنّ استهلاك 25% من مصادر المياه المتجدّدة يُمثّل معدّلاً مرتفعاً كما تقترح اللجوء إلى مصادر مائية غير تقليدية عندما يزيد الاستهلاك عن نسبة 100% من مصادر المياه المحلية المتجدّدة. وعلى سبيل المقارنة، نشير إلى أنّ كندا الغنية بالمياه تستهلك 1.58% من مصادرها المائية المتجدّدة، بينما تبلغ هذه النسبة مستوى عالياً جدّاً قدره 1867% في الإمارات العربية المتحدة الجدباء، طبقاً لبيانات منظّمة الفاو. وحتى بالمعايير الاقليمية، تُعدّ المملكة العربية السعودية وجاراتها الخليجية المصدّرة للنفط من أفقر دول المنطقة بمصادر المياه المتجدّدة. إذ يبلغ نصيب الفرد السعودي السنوي من المياه المتجدّدة حوالي 95.23 متر مكعّب فقط، أي أقل من سُبع نصيب الفرد المصري وحوالي عشر نصيب الفرد اللبناني من هذه المياه. وبسبب النمو السكاني المتسارع، قد تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انخافضاً حادّاً قدره 50% في نصيب الفرد من المياه بحلول عام 2050، طبقاً لتقديرات البنك الدولي، وهو ما سيؤدّي إلى تكرار حالات الجفاف في مختلف أنحاء المنطقة. وتوشك مصادر المياه الجوفيّة العميقة التي تمتلكها المملكة حالياً على النضوب؛ إذ تشير بعض التقديرات إلى أنّها لن تدوم لأكثر من خمس وعشرين سنة. وطبقاً لدراسة نشرتها اللجنة الاقتصادية السعودية الأمريكية في أكتوبر من العام الماضي، فإنّ المياه الجوفية تمثّل 80% من إمدادات المياه في المملكة، بينما تمثّل المياه السطحية المتجدّدة 14% من هذه الامدادات وتمثل تحلية مياه البحر نسبة 6% منها. وتُظهر قاعدة البيانات المائية لمنظّمة الفاو أنّ الاحتياطيات المائية المؤكّدة للمملكة العربية السعودية تبلغ 338 كيلومتر مكعّب، بالإضافة احتياطيات ثانوية محتملة تُقدّر بنحو 500 كيلومتر مكعّب. وتقول منظمة الفاو أنّ مصادر المياه الجوفيّة السعودية تتركّز في الآبار الارتوازية القديمة التي تقع في الأجزاء الشرقية والوسطى للمملكة وتبلغ قدرتها الطبيعية على التجدّد، حوالي 3.5 مليون متر مكعّب يومياً فقط. وتجلى للعيان حجم الضغط المفروض على شبكة الطاقة الكهربائية السعودية نتيجةً لمعدلات النمو الاقتصادي المرتفعة التي سجّلتها المملكة خلال العقد الماضي. ففي عام 2008، وصلت الحمولة القصوى الممكنة لنظام الكهرباء في المملكة إلى 37152 ميغا واط، ما جعله أكبر نظام من نوعه في العالم العربي. وتحتكر شركة الكهرباء السعودية حالياً عملية توزيع الكهرباء على المستهلكين. وفي عام 2008، زوّدت هذه الشركة المستهلكين المحليّين بما مجموعه 181089 غيغا واط ساعي من الطاقة الكهربائية، أي بزيادة نسبية قدرها 6.7% بالمقارنة مع السنة السابقة. وفي عام 2008، ارتفع عدد المستهلكين بنسبة 4.6% ووصل إلى 5.42 مليون مستهلك بعدما قفز بنحو 61% بين عاميّ 1999 و2008. ومن المتوقع أنْ ينمو هذا العدد بنسبة 20% مع نهاية عام 2012. كما ازدادت مبيعات الطاقة خلال نفس الفترة بنسبة 66% ووصلت إلى 181098 غيغا واط ساعي، بينما ارتفع مستوى الطلب الأقصى على الكهرباء بأكثر من 70% ليبلغ 37152 غيغا واط في عام 2008، طبقاً لبيانات هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج؛ وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم صناعتيّ توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر في المملكة. سيواصل الطلب على الكهرباء نموه المتسارع خلال العقد القادم لأنّ طلب الصناعات والمنازل على الكهرباء سيزداد. وفي عام 2008، بلغ نصيب المنازل من إجمالي استهلاك الكهرباء 53.4% تلاها قطاع الصناعة بنسبة 17.9%، ثم المرافق الحكومية بنسبة 13.4% فالقطاع التجاري بنسبة 11.6%، طبقاً لهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج. هذا، ونتوقّع أنْ يصل عدد سكان المملكة إلى حوالي اثنين وثلاثين مليون نسمة بحلول عام 2020، ما سيفرض ضغوطاً إضافية على شبكة الكهرباء السعودية. تركيز الاهتمام على إمدادات المياه نظراً إلى النمو الصافي المتوقع في مستوى الطلب على المياه خلال العقد القادم، يبدو من الطبيعي أنْ تركّز الحكومة السعودية منذ الآن على سبل تعزيز إمدادات المياه، بالإضافة إلى الاهتمام بتحديث البنى التحتية المائية القائمة. ففي إطار خطتها الخمسية الراهنة التي تمتدّ من عام 2009 إلى عام 2013، التزمت الحكومة السعودية بالابقاء على مستويات مرتفعة من الانفاق العام لتطوير البنى التحتية، في المقام الأول. إذ فاقت اعتمادات ميزانية عام 2010، للمياه والزراعة والبنى التحتية ضعف ما خُصص لها في ميزانية عام 2005، كما ارتفعت نسبة هذه الاعتمادات من مجمل الميزانية العامة من 6.9% إلى 8.5% خلال نفس الفترة. وبرزت الحاجة الماسّة إلى تطوير أنظمة جديدة للصرف الصحي وتحسين الأنظمة القائمة بعد الفيضانات التي شهدتها مدينة جدة في نوفمبر، لأنها أظهرت مدى ضرورة تحسين هذه البنى التحتية. فقد تبين أنّ افتقار جدّة إلى نظام فعّال للصرف الصحي كان السبب الرئيس للخسائر البشرية والمادية التي تكبدتها تلك المدينة في نوفمبر. لذا، أمر الملك عبد الله بإجراء دراسة شاملة حول سبل إدارة نظام الصرف الصحي لمدينة جدة، بينما طالب البعض ببناء ثلاثة سدود لاستعياب مياه الأمطار التي تتدفق عبر القنوات التي تسبب الفيضانات في الأجزاء الشرقية من المدينة. من الصعب تقدير الأموال اللازمة لمعالجة مشكلة نظام الصرف الصحي لمدينة جدة. لكنْ قبل الفيضانات، وفي العام 2009، تحديداً، أعلنت جدّة التي تُعدُّ ثاني أكبر المدن السعودية عن خطة تنموية بتكلفة إجمالية قدرها 170 مليار ريال سعودي، لتحديث نفسها والتحوّل إلى مركز سياحي وتجاري. وفي العام الماضي أيضاً، حصلت مدينة جدة على حوالي 73% من استثمارات شركة المياه الوطنية في المشروعات المتعلّقة بالمياه. كما أُطلقت مشروعات لإنتاج المياه بقيمة إجمالية قدرها 18.8 مليار ريال سعودي في عام 2009، طبقاً لبيانات شركة المياه الوطنية، واشتملت تلك المشروعات المائية على ثلاثين مشروعاً في جدة و115 مشروعاً في الرياض. وتَركّز حوالي 70% من هذه المشروعات على معالجة مياه الصرف الصحي حيث أُطلق تسعون مشروعاً بتكلفة إجمالية قدرها 13.2 مليار ريال سعودي. وتتوقع الشركة المياه الوطنية إطلاق عدد إضافي من مشروعات إنتاج المياه في عام 2010، بتكلفة إجمالية قدرها سبعة مليارات ريال سعودي. في أواخر ديسمبر، أعلنت شركة المياه الوطنية عن رغبتها في إبرام عقود لإدارة وتشغيل منشآت تابعة لقطاع المياه والصرف الصحي في مدن مكة المكرّمة والطائف والمدينة المنوّرة والدمام، وسينتهي تلقي العروض المتعلّقة بهذه العقود العامّة الخاصّة مع نهاية الربع الأول. وهنا، سيُشرف الشريك التابع للقطاع الخاصّ على تطوير وإدارة وتشغيل وصيانة أنظمة محدّدة لإنتاج المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى تطوير الخدمات وجمع العائدات والحدّ من تسرّب المياه وتدريب العاملين. ويشتمل جدول الأعمال أيضاً على مشروعيْن لتخزين المياه في مدينة جدة التي تعاني من الانقطاع المتكرّر للتيار الكهربائي في فصل الصيف جرّاء الاستخدام المكثّف لمكيّفات الهواء. وطبقاً لوثائق شركة المياه الوطنية، سيُعزّز هذان المشروعان قدرة مدينة جدّة على تخزين المياه بنحو ستّة ملايين متر مكعّب في موقعيْن. وتشتمل المشروعات الأخرى التي لا تزال قيد الانجاز على توسيع منشأتيّ تنقية المياه في البويْب وسلبوخ الواقعتيْن شماليّ وشرقيّ مدينة الرياض، على التوالي. وتموّل شركة الكهرباء السعودية حالياً معظم عمليات توسيع قطاع الكهرباء الذي يُتوقّع أنْ تنمو قدرته الانتاجية بأكثر من ثلاثين ألف ميغا واط بحلول عام 2016، وذلك بفضل المشروعات التي تنفذّها هذه الشركة بمفردها أو بالتعاون من شركاء من القطاع الخاص. قد يزداد إنتاج الكهرباء بنسبة 83.1% بحلول عام 2020، قياساً إلى مستواه في عام 2009، ليصل إلى 75.155 ميغا واط، وذلك طبقاً لتوقعات التقرير السنوي الذي نشرته شركة الكهرباء السعودية في عام 2008. وتشير تقديرات هيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج إلى أنّ الطلب الأقصى على الكهرباء قد يفوق التسعة وخمسين غيغا واط في عام 2022، ما يعني أنه سيقفز بنحو 59% من المستوى الذي سجّله في عام 2008. ويعني هذا الرقم أيضاً أنّ المستوى الأقصى للطلب على الكهرباء تضاعف ثلاث مرّات خلال ربع القرن الذي سينتهي في عام 2022. وتتوقّع هيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج أنْ يزيد عن 338 مليار ريال سعودي حجم التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات الجديدة، لتعزيز القدرة الانتاجية للكهرباء ونقلها وتوزيعها حتى عام 2020. لكنّ هذا الانفاق قد لا يكون كافياً. فحتى بعد كلّ هذه الاستثمارات، يبدو من المستبعد أنْ يتعزز الهامش الاحتياطي للقدرة الانتاجية للكهرباء بشكل كبير. ويمثّل هذا الهامش كمية الكهرباء الفائضة عن حاجة أي نظام لتوليد الكهرباء للنهوض بحمله الأقصى، ويُمكن تحديد هذا الهامش بالميغا واط أو كنسبة مئوية من الحمل الأقصى. ولو استخدمنا توقعات الحمولة القصوى لشركة الكهرباء السعودية وهيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج، لوجدنا أنّ الهامش الاحتياطي للقدرة الانتاجية للكهرباء في المملكة سيرتفع بحلول عام 2022، إلى 26.8% فقط بالمقارنة مع 23.2% في عام 2008. وهذا دليل واضح على أنّ الاستثمارات الضخمة في تعزيز قدرة المملكة على إنتاج الكهرباء لا تكفي، عملياً، إلا لمواكبة نمو الطلب المحلي على التيار الكهربائي. هذا، وتطوّر المملكة حالياً أول وحدة لتحلية مياه البحر تعمل بالطاقة الشمسية كجزء من خططها الرامية إلى استغلال الطاقة الشمسية. لكنّ هذه الجهود لن تُحدث أيّ تغيير ملموس في واقع المملكة التي ستواصل اعتمادها الكبير على احتياطياتها الضخمة من الوقود الأحفوري، في إنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر. ويتطلب نجاح أيّ برنامج للطاقة المتجدّدة توفير الحوافز الكافية للمستهلكين. فقد تبنّى العديد من الدول، مثلاً، سياسة التعرفة الخاصّة بتزويد الشبكة بالطاقة الكهربائية المتجدّدة حيث تدفع شركات الكهرباء للمواطنين تكلفة ما تنتجه الخلايا الشمسية التي يركّبونها في منازلهم. ونظراً إلى سطوع الشمس في المملكة طوال السنة، سيكون بإمكانها إطلاق برنامج واسع لاستغلال الطاقة الشمسية لكنّ هذه الفكرة لن تكون مجدية، إلا إذا ترافقت مع تحوّلات جوهرية في الثقافة والوعي والسلوكيّات الاستهلاكية. إلى ذلك، واجهت المملكة أيضاً تحديات كبيرة في عملية توفير كميات الغاز الطبيعي الكافية لتغذية قطاعيّ الكهرباء والصناعات البتروكيمياوية، اللذين ينموان بوتيرة عالية. وللتغلب على هذه التحديات، وضعت الحكومة السعودية خططاً ترمي، بالدرجة الأولى، إلى تطوير إنتاج البلاد من الغاز لتلبية الطلب المحلي عليه الذي ينمو بنحو 7% سنوياً. وتسعى شركة أرامكو السعودية، التي رفعت القدرة الانتاجية للنفط في المملكة إلى 12.5 مليون برميل يومياً، تسعى لزيادة إمدادات الغاز السعودي بنسبة 30%، لكي تصل إلى ثمانية مليارات قدم مكعّب يومياً في غضون السنوات الخمس المقبلة. الاعتماد المتزايد على مياه البحر نمت صناعة تحلية مياه البحر بوتيرة متسارعة باعتبارها إحدى وسائل تلبية الطلب المحلي المتزايد على المياه. وأنفقت دول الشرق الأوسط، لا سيما دول الخليج العربية، مليارات الدولارات على بناء وتوسيع طاقاتها المحلية لإنتاج مياه التحلية. ويبلغ نصيب هذه المنطقة حالياً حوالي 60% من إجمالي الانتاج العالمي من مياه التحلية، بينما يبلغ نصيب المملكة وحدها نحو 30% من هذا الانتاج؛ وهذه أعلى نسبة في العالم. وتتسم الطبيعة الجغرافية للمملكة العربية السعودية بالجفاف الحادّ والمستويات المنخفضة من مصادر المياه المتجدّدة، ما دفع المملكة إلى الاعتماد على المياه الجوفيّة غير المتجدّدة والانتاج المتزايد لمياه التحلية. أما المنتِج المحلي الرئيسي لمياه التحلية، فهي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة التي تدير ثلاثين محطة لتحلية مياه البحر على السواحل الشرقيةوالغربية للبلاد، ويقع معظمها على طول ساحل البحر الأحمر. وأنتجت هذه المؤسسة 1055.7 مليون متر مكعّب في عام 2008 أي بزيادة قدرها 24% بالمقارنة مع مستويات عام 2001. وتُنتج المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة أيضاً كميات من الطاقة الكهربائية لتشغيل محطات التحلية التي تديرها ولدعم إنتاج شركة الكهرباء السعودية، التي تُتج معظم الطاقة الكهربائية في المملكة. ولتلبية احتياجات السكان المتزايدة، تقوم المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بإنشاء أربعة عشر نظاماً لتوزيع المياه؛ ما يتطلّب مدّ أكثر من 4165 كيلومتر من خطوط الأنابيب. وتخطط هذه المؤسسة، التي توفّر حوالي 50% من احتياجات المنازل السعودية من المياه، لبناء نحو عشرين محطة جديدة لتحلية مياه البحر على السواحل الشرقيةوالغربية للبلاد. وتُضخّ مياه التحلية، في الغالب، إلى مدن بعيدة عن محطات التحلية حيث يتم توزيعها على المنازل من أجل الاستخدام اليومي. فعلى سبيل المثال، تُنقل مياه التحليلة التي تُنتج على الساحل الغربي للمملكة إلى جدة، بينما تُنقل مياه التحلية التي تُنتج على الساحل الشرقي إلى الرياض المحاطة باليابسة، والتي تبعد عن البحر نحو 400 كيلومتر. تعزيز كفاءة الانتاج في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة والمستثمرون لتطوير بعض المشروعات الرامية إلى تعزيز القدرة الانتاجية لتحلية المياه ، لا بدّ من إطلاق مبادرات أخرى لتحسين البنية التحتية القائمة من أجل تقليص الهدر. فبسبب افتقار البلاد إلى مصادر المياه العذبة، يُنقل الكثير من المياه عبر شبكة تضم أكثر من أربعة آلاف كيلومتر من الأنابيب. لكنّ المملكلة تخسر من 20% إلى 25% من مياهها بسبب التسرّبات الناجمة عن البنى التحتية القديمة والمتهالكة. كما أنّ التعرفة المنخفضة للماء التي تبلغ 0.10 ريال سعودي للمتر المكعّب فقط لا تدعم جهود الحفاظ على نظام إنتاج وتوزيع المياه. لذا، يتوقع العديد من المراقبين أنْ ترفع المملكة مستوى هذه التعرفة بشكل كبير خلال السنوات المقبلة. وتكهّن البعض بوجود خطط قيد الاعداد لرفع تعرفة الماء إلى خمسة ريالات للمتر المكعّب. وتحاول المملكة رفع الكفاءة في استخدام الطاقة لكنّ هذا المسعى يتطلّب الكثير من العمل. إذ ينبغي تغيير طريقة تفكير المستهلكين والمنتجين، على حدّ سواء، كما ينبغي إعادة النظر في الحوافز السعريّة لتوفير مؤشّرات السوق المناسبة. وفي حال تنفيذ هذه الخطوات بالشكل الصحيح، سيُعدّل المستهلكون سلوكهم وفق الحوافز السعرية وسيعزّزون إدراكهم لأهمية الطاقة عندما تُرفع أسعارها بشكل تدريجي. لا ريب في أنّ زيادة تعرفة الماء ستدعم ترشيد استهلاكه من جانب الأفراد والصناعات. ولطالما تمثّل العبء الأكبر على مصادر المياه السعودية بقطاع الزراعة الذي استخدم مصادر المياه غير المتجدّدة لإنتاج الحنطة والحليب محلياً، مع أنه كان من الأجدى للمملكة أنْ تستورد هاتيْن السلعتيْن. فالاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية في المناخ الصحراوي ليس خياراً سهلاً، علماً بأنه من الممكن الزراعة في مثل هذا المناخ لكنْ في ظل ترشيد استهلاك المياه واستخدام البيوت الزجاجية وتبنّي تقنيات الريّ الخاصّة بالمناطق الصحراوية. في عام 2008، أطلقت المملكة خطّة لإنهاء الزراعة المحلية للحنطة وتتوقّع حالياً أنْ تستورد ثلاثة ملايين طنّ من الحنطة سنوياً بحلول عام 2016. وتهدف المملكة من خلال هذه الخطة إلى خفض إنتاجها من الحنطة بنسبة 12.5% سنوياً للحفاظ على مواردها المائية. وفي عام 2016، ستستورد المملكة جميع احتياجاتها من الحنطة. لكنْ في يناير، أوصى مجلس الشورى السعودي بمنع تصدير الحليب ومشتقاته حفاظاً على موراد البلاد المائية. «بسبب إدارك الحكومة لمدى شُحّ مصادرها المائية، اتخّذت وزارة الزراعة عدداً من الاجراءات لتشجيع المزارعين على تطبيق تقنيات الريّ التي تُقلّص استهلاك المياه»، كما قالت منظّمة الفاو حول الاصلاحات الحازمة التي أدخلتها المملكة إلى قطاعها الزراعي. «علاوة على ذلك، تم إلغاء أو مراجعة بعض برامج الدعم والمساعدات الحكومية التي أسهمت في نضوب مصادر المياه الجوفيّة بسبب الزراعة»، على حدّ تعبير منظّمة الفاو. نحن نرحّب بإلغاء انتاج الحنطة في المملكة بحلول عام 2016، لكنْ ينبغي على الحكومة السعودية أنْ تدرك أنّ هدر المياه قد يستمرّ ما لم تُنفّذ سياسات إضافية مناسبة. فقد ترافق تقليص إنتاج الحنطة مع ارتفاع ملحوظ في إنتاج المحاصيل الصيفية والبرسيم، الذي قد يفوق مستوى استهلاكه للمياه ستة عشر أمثال مستوى استهلاك الحنطة. وأدّت التعريفات المنخفضة في المملكة إلى تنامي الطلب المحلي على الكهرباء بوتيرة عالية. فالمملكة لم تُغيّر تعرفة الكهرباء منذ عام 2000. وطبقاً لقسم معلومات الطاقة بوزارة الطاقة الأمريكية، فإنّ النمو المتسارع لسكان المملكة وقاعدتها الصناعية ساهم بنحو60% من إجمالي معدّلات نمو الطلب على الكهرباء، التي تراوحت ما بين 5% و7% سنوياً بين عاميّ 2005 و2008. وتُظهر بيانات الهيئة العامّة لتنظيم إنتاج الكهرباء وتحلية المياه أنّ الطلب الأقصى على الكهرباء نما مؤخراً بمعدّل 7.5% سنوياً. ويفرض تعزيز مشاركة القطاع الخاصّ في قطاع الماء والكهرباء ضغوطاً متزايدة على الحكومة السعودية لجهة التبني التدريجي لتعريفات قائمة على أساس متطلبات السوق، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية الموارد الطبيعية مع أنّ تفعيل هاتيْن الخطوتيْن يتطلب وقتاً بسبب الطبيعة الحسّاسة للتعريفات القائمة على الدعم الحكومي. كما أنّ تعزيز الكفاءة في استهلاك الطاقة سيخفّف عبء الاستهلاك المحلي للطاقة الذي ارتفع بسرعة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وحدّ من قدرة أكبر منتج للنفط في العالم على تصدير النفط إلى الخارج. ومن المتوقع أن ينمو الطلب المحلي السعودي بواقع 130 ألف برميل يومياً ليصل إلى 2.76 مليون برميل يومياً في عام 2010. ويُمكن مقارنة هذا المستوى بمعدّل استهلاك البرازيل أو روسيا، طبقاً لتقرير شهر يناير الذي أصدرته وكالة الطاقة الدولية حول أسواق النفط. وبين مطلع عام 2007 ونهاية عام 2010، سيكون الطلب المحلي السعودي على النفط قد ارتفع بمعدّل 27.2%؛ أي بأكثر من معدل الشرق الأوسط البالغ 15.6% ومعدل آسيا البالغ 12.2%، طبقاً لبيانات الوكالة الدولية للطاقة. الحوافز المرتبطة بانخفاض معدّلات التضّخم ساهم تراجع الضغوط التضخّمية خلال الشهور الثمانية عشر الماضية في توفير الظروف المناسبة لإطلاق مشروعات ضخمة لتوسيع البنى التحتية، وذلك بفضل انخفاض تكاليف الانشاءات. لكنْ اتباع البنوك لسياسة تلافي المخاطر وإحجامها عن إقراض القطاع الخاصّ، حرما العديد من الشركات الخاصّة من فرصة استغلال الأسعار المناسبة للمواد والتجهيزات. في المقابل، تدخّلت الحكومة من خلال الاضطلاع بالدور التمويلي الرئيسي على حساب التهميش المؤقت لدور القطاع الخاصّ. وفي نوفمبر، أعادت الحكومة السعودية تصنيف محطّة راس الزور لتحلية مياه البحر وتوليد الكهرباء في شرق البلاد، فأصبحت مشروعاً حكومياً بعدما كانت مشروعاً مستقلاً. كما أعلنت الحكومة أنها ستموّل هذا المشروع بالكامل بعدما انخفضت تكلفته الاجمالية بنسبة 25% نتيجة لانخفاض أسعار المواد اللازمة. ومن المحتمل أن تحافظ الضغوط التضخّمية على مستواها الحالي خلال العام الجاري، مع أنّ معدّل التضّخم لا يزال مرتفعاً من الناحية التاريخية ولكنه أدنى بكثير من المستويات التي سجلها في عام 2008. وصلت نسبة التضخم في شهر فبراير الى 4.6% ويرجع هذا الارتفاع في نسبة التضخم اساسا على ارتفاع اسعار المواد الغذائية والناجمة من ارتفاع في الاسعار العالمية مع انخفاض وتيرة الايجارات داخليا. تعزيز الزخم اتخذت مشاركة القطاع الخاصّ في قطاعي الماء والكهرباء شكل مشروعات كهربائية مستقلّة ومشرعات كهربائية مائية مستقلّة. وبموجب هذيْن النموذجيْن، تُطوّر شركات القطاع الخاصّ مشروعات كهربائية ومائية على قاعدة إنشاء وامتلاك وتشغيل المحطات أو على قاعدة إنشاء وتشغيل وبيع المحطات. واستهدفت المملكة مؤخراً اجتذاب استثمارات القطاع الخاصّ لتغطية 60% من تكاليف المشروعات الكهربائية و المائية، كحدٍّ أقصى، مع توزيع باقي التكاليف على صندوق الاستثمارات العامة وشركة الكهرباء السعودية، طبقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة. وفي عام 2004، أعلنت الحكومة عن خطط لإنطلاق عشرة مشروعات كهربائية مائية في عام 2016، قُدّرت تكاليفها الاجمالية بحوالي ستين مليار ريال سعودي. وستكون أربعة مشروعات من المشروعات العشرة الآنفة الذكر قادرة على توليد أكثر من 7000 ميغا واط من الكهرباء (كطاقة إنتاجية قصوى) و600 مليون غالون من الماء المُحلّى يومياً. وسوف ترفع هذه المشروعات القدرة الاجمالية للمملكة على تحلية مياه البحر بنسبة 80%، عندما تدخل الخدمة بكامل طاقاتها الانتاجية. أما مركّب مرافق لإنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر في الجبيل، فإنه يُعدّ الأكبر من نوعه في العالم وسيكون مركزاً لشبكة لتوزيع المياه تضمّ 900 كيلومتر من الأنابيب وتضخّ نحو أربعة ملايين متر مكعّب من الماء يومياً، من مدينة الجبيل الصناعية إلى العاصمة السعودية، الرياض. بدورها، شجّعت شركة الكهرباء السعودية القطاع الخاصّ على الاستثمار في مشروعات توليد الطاقة الكهربائية. وتعمل حالياً على إنجاز ثمانية مشروعات رئيسية لإنشاء محطات لتوليد الكهرباء. وتتوزّع هذه المحطات على النحو التالي: ثلاث محطات في المنطقة الشرقية وواحدة في مدينة الرياض واثنتان في المنطقة الغربية ومحطّة واحدة في المنطقة الجنوبية وأخرى في المنطقة الشمالية الغربية. وستقوم شركة الكهرباء السعودية بإنجاز بعض مشروعات التوسيع بمفردها فقط، بينما ستُنجز باقي المشروعات بالتعاون مع شركاء من القطاع الخاص. ومن المتوقع أنْ يتم إنجاز ثلاثة مشروعات لتوسيع محطات لتوليد الكهرباء خلال عاميّ 2009 و2010، ما سيضيف 11201 ميغا واط إلى القدرة الانتاجية للمملكة، طبقاً للتقرير السنوي لشركة الكهرباء السعودية الصادر في عام 2008. وستتعزز قدرة المملكة على إنتاج الكهرباء بواقع 9055 ميغا واط في عاميّ 2011 و2012، وبواقع 7190 ميغا واط في عام 2014، ثمّ بواقع 10800 ميغا واط في عاميّ 2015 و2016. وفي يناير، قدمت مجموعة من الشركات تقودها شركة ماروبيني اليابانية أدنى عرض لشركة الكهرباء السعودية، لبناء محطة لتوليد الكهرباء في الرياض بطاقة اجمالية قدرها ألفا ميغا واط. الأعباء التي تتحملها الدولة في المرحلة الراهنة، تتحمل الدولة أعباء تمويل هذه المشروعات. فقد شاب الركود مجمل النشاط الائتماني المصرفي خلال العام الماضي بسبب تلافي البنوك للمخاطر، وإحجامها عن إقراض القطاع الخاصّ. نتيجةً لذلك، اضطلعلت الدولة السعودية بالدور التمويلي الرئيسي لضمان المضي قدماً في إنجاز المشروعات الحيوية. بالتالي، أثار ركود الاقتصاد العالمي الشكوك في جدوى نموذج المشروعات الكهربائية المائية بسبب شحّ السيولة المتوافرة لتمويل مثل هذه المشروعات. وليس من المستبعد أنْ تكون الحكومة السعودية قد اضطرت إلى تغيير تصنيف بعض المشروعات وتحويلها إلى عقود هندسية وتجهيزية وإنشائية، نتيجةً لهذه المستجدّات. وهذا ما حدث لمشروع راس الزور لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر الذي أعادت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تصنيفه، فأصبح مشروعاً حكومياً بعدما كان مستقلاً. وخلال العام الجاري، ستراجع المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة التي تسير على درب الخصخصة جميع العروض المتعلّقة بمشروع راس الزور الذي سيكون قادراً على توليد 2400 ميغا واط من الكهرباء، وإنتاج 1025 مليون متر مكعّب من الماء المحلّى يومياً عندما يعمل بكامل طاقته الانتاجية في نهاية عام 2013.