احذركم من التكبر والتعالي على الخلق والتعاظم عليهم اغترارا بما حباكم الله به من مال او جاه او منصب او علم، فان مرد ذلك الى الفناء، وكم من الكبر يمقته الخالق والمخلوق. وللكبر آثار وخيمة على صاحبه في الدنيا والآخرة فما الذي اخرج ابليس من الجنة وطرده من رحمة الله الا الكبر. قال تعالى: (إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين). وان من اعظم الكبر الكبر على الله ورسوله وذلك بالاعراض عن منهج الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا افظع انواع الكبر واخطره وسببه الجهل المحض بالله جل وعلا مع تشبع النفس بالطغيان، خصوصا اذا التفت حول المتكبر طغمة منحطة الاخلاق تسول له الانتفاخ والتكبر على الله وعلى رسله وعلى عباده حتى تنال من ورائه مغانمها، وتتسلق على حسابه قمة المناصب ومتسلطة ومتجبرة، وظالمة ومفسدة. فمن امثلة التكبر على الله قول فرعون (أنا ربكم الأعلى) النازعات آية 24، وقول النمرود لابراهيم الخليل عليه السلام (انا احيي وأميت) البقرة 259 فهؤلاء المتكبرون مصيرهم الى النار. ومن انواع الكبر التكبر على الناس والتعالي عليهم بسبب المال او الجاه او النسب او المنصب او غير ذلك وكم فينا من يغتر بذلك فينظر الى الناس باحتقار وازدراء. وهذا الكبر محرم يعود بالوبال والندم على صاحبه في الدنيا والآخرة. اما في الدنيا فهو يعيش في عذاب نفسي وهو ممقوت عند الخلق الكل يكرهه ويبغضه مهما كانت مكانته ومهما كان منصبه فانك لن تسع الناس بجاهك ولكن بحسن اخلاقك (لايدخل الجنة من كان في قلبه ذرة كبر) رواه مسلم. وحقيقة المتكبر انه يرى نفسه فوق من يتكبر عليه بحيث يرى لغيره منزلة ولنفسه منزلة ويرى ان منزلته فوق منزلة غيره. فهذه الحال التي تحصل للانسان حتى يكبر في نفسه. وانواع التكبر ومظاهر الكبر واثاره في النفس كثيرة لايمكن احصاؤها وهي تختلف من فرد لآخر ومن بيئة لاخرى ومن عصر لعصر، فالولد الذي يأنف ان يسمع لابيه ويخضع له لانه تعلم اكثر من ابيه هو انسان عاق بسبب التكبر على والده والمرأة التي تأنف ان تخضع لزوجها وتطيعه وتلين له بسبب انها موظفة او غنية بمالها وجمالها تعتبر متكبرة وعاصية له. والطالب الذي يتعالى على استاذه بسبب غناه او منصب ابيه هو طالب متكبر دنيء النفس ورئيس العمل الذي ينظر الى مرؤوسيه نظرة دون هو انسان متكبر والعالم او طالب العلم الذين ينتظر من الناس ان ينحنوا له ويقبلوا يديه هو عالم ركبه الكبر فصار اجهل الناس خيرا منه. والذي يوعظ وينصح فتأخده العزة بالاثم او يمر على الناس فيغضب لانهم لم يقوموا له والذي لا يرجع الى الحق ولا يقبله ممن هو دونه كل هؤلاء من المتكبرين المحرومين من ابرز صفات المؤمنين وهي التواضع.