يسمونه "فيديو كليب" وأراه فديو تخريب، بل ازعم انها مؤامرة تسللت علينا لتخريب الشباب وتلويث ثقافاتنا المحلية، نعم الجمال قيمة، ولعلم الجمال (الاستطيقيا) مفاهيم تتصل بأحاسيس الناس وتفاعلهم مع المادة الفنية التي يتلقونها. فالفن رسالة والجمال لغته والمتلقي هو مقياس جودة هذا العمل وجدته. ولا يجاوز علم الجمال ظروف المبدع وانطلاقاته الفكرية وشطحاته الخيالية فهذا امر اصبح من مرتكزات علم الجمال التي اتسعت وتفرعت حتى انتهى الى ان يتشكل علما مستقلا من فروع الفلسفة. ويتصل علم الجمال بفلسفة الفن في اطار علاقة الخاص بالعام ففلسفة الفن اوسع واشمل ولعل في الحديث عن علم الجمال جانبا فلسفيا تضيق به هذه الزاوية الصغيرة. وغرضنا من الموضوع التنبيه على ان ما يقدم باسم الفن تارة وباسم الجمال تارة اخرى في صورة ما يطلق عليه "فيديو كليب" ما هو الا ضرب من التخريب، تخريب لمفهوم الجمال فأي جمال في صور متلاحقة عنيفة الحضور تقترب وتبتعد، تأخذ المشاهد طولا وتبسطه عرضه لا يستطيع معها متابعة منظر او ملاحقة مشهد ناهيك عن تداخل الصور ما بين رسوم كرتونية، وخطوط خطية وخلفيات سينمائية، ومجموعات من الراقصين والراقصات في ابتذال تعافه النفس وتأباه الجبلة الانسانية، يصاحب ذلك موسيقى صاخبة فكل "الكليبات" تكاد تجمع على الالتزام بمفردات "كليبية" تتمثل في قرع الطبول، ونهيق المؤدين، وجعجعة من مجاميع الرجال والنساء تتمايل احيانا وتقفز كأنما لسعتها عقارب او لفتحها نيران بل ان النيران اصبحت قاسما مشتركا ان لم يكن في الصورة فهي بنص الاغنية (ناري ناري والنار النار وجرب نار الغيرة) ولابد من لبس النظارات السوداء، فالمطرب الذي لا يطرب يلبسها، والراقصون والراقصات يتناوبون في لبسها. وبودي ان اعرف السر في لبسها اهو تغطية لعيب في العين، او عارض صحي، او لعلهم يخشون ان يشاهدوا هذا العبث والمجون فهم يشاركون فيه ولا يشاهدونه، والارجح عندي انها ظاهرة مستوردة مع مفردات "الفديو كليب" الاخرى. كل هذا لا يعنينا لولا انه انعكس سلبيا على شبابنا فكثير من السذج يلتزمون بالنظارة السوداء ليلا ونهارا لا يفرقون بين مكان ومكان، ففي قاعات المحاضرات كنت اصر على الطالبة التي ترتدي النظارة السوداء ان تنحيها جانبا، فانا لا اعرف ان كانت الطالبة جالسة معي تستمع ام هي في اغفاءة. فمن آداب الحديث والاستماع ان تنظر إلى عين محدثك او من يستمع اليك لكنه وباء (الفيديو تخريب) الذي خرب الذوق العام وانساق وراءه المقلدون من السذج. ولا يعني هذا ان فكرة عمل "فيديو كليب" فكرة ظلامية بكاملها، فذلك ما لا نقول به بل "الفيديو كليب" مادة فنية جمالية يمكن استغلالها وتوظيفها فيما يفيد ويسعد ويرتقي بذوق المجتمع ولا يحط منه. ما نرفضه هو ما فرض على فضائياتنا العربية من عروض تنحدر بذوقنا وتؤثر سلبيا على شبابنا. جامعة الملك سعود الرياض