تمكن الإنسان بمشيئة الله من الصعود إلى القمر والمشي عليه عدة مرات, وتمكن أيضاً من الخروج من مجال الأرض المغناطيسي ودخول مداراتها والدوران حولها مرات ومرات عديدة, حتى أصبح ذلك بالنسبة له أمراً اعتيادياً. ولم يقف عند هذا الحدء, بل وبَنى محطات فضائية دائمة تمكنه من المكوث في الفضاء فترات طويلة. على الرغم من هذا كله فهو لم يخط إلا خطوات ضئيلة تكاد تكون معدومة, إذا ما تأملنا ليس في حجم المجال الشمسي فحسب, بل وفي سِعة الكون بأسره. هناك العديد من الكواكب التي نتوق لزيارتها لمعرفة خواصها الفيزيائية والكيميائية والجيولوجية ومدى صلاحيتها لهبوط الإنسان عليها والحياة فيها. بل ونريد أن نتعدى ذلك فنخرج من النظام الشمسي لنصل إلى شُموس أخرى حيث كواكب أخرى قد يكون أحدها مشابهاً للأرض. ولا يقف بنا المطاف هنا لأننا أيضاً نتوق للخروج من مجرَّتنا والوصول إلى مجرَّات أخرى, نراها بين الحين والحين عبر مناظير ضخمة Telescopes شيدت على قمم أعالي الجبال حيث السماء الصافية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف يمكننا أن نخطو الخطوة الثانية؟ وإن كانت ضئيلة مثل سابقَتِها. الجواب عن هذا السؤال يَكمُن في نوع المحركات المُصَنَّعة والمستخدمة حالياً. لا يملك الإنسان حتى الآن محركاً لديه قوة دفع كافية تمكنه من تحقيق أحلامه في إجتياز مسافات هائلة بزمن قصير. تعمل ناسا NASA الآن لتطوير محرك من نوع جديد يختلف تماماً عن المحركات الصاروخية المحدودة الدفع، التي يُعتمد عليها حاليا لدفع المركبات الفضائية إلى الفضاء الخارجي. المحرك الجديد يُسمى المحرك الانصهاري أو الاندماجي Fusion Powered. هذه التسمية تعود إلى مشابهته للانصهار الذي يحدث في باطن الشمس, فالتفاعلات التي تحدث بداخل هذا المحرك والتي سوف تُستخدم لدفع المركبة الفضائية المستقبلية, هي نفس التفاعلات التي تحدث بداخل الشمس. فدرجة الحرارة التي تتولد بداخل هذا المحرك تماثل درجة الحرارة التي تتولد بداخل الشمس. يعمل هذا المحرك عن طريق التفاعلات الإنصهارية أو الإندماجية Fusion Reaction والتي تُطلق كمية هائلة من الحرارة التي يسعى العلماء لاستغلالها في دفع مركبة فضاء المستقبل. يحدث في لب الشمس وفي كل ثانية الملايين من التفاعلات النووية الإنصهارية Nuclear Fusion Reaction, التي تعود على الأرض بفوائد لا تحصى مثل الضوء والحرارة وغيرها. سيُمَكِّننا المحرك الجديد بعد بنائه من الوصول إلى المريخ في غضون ثلاثة أشهر, بدلاً من سبعة أشهر على الأقل عند استخدام المحرك الصاروخي الحالي. يُمكِننا تشبيه خواص المحرك الإنصهاري عن سابقه من المحركات, كما لو تمت صناعة سيارة تسير بضعفي سرعة السيارات الحالية وبفعالية استهلاك للوقود تقدر ب 7000 ميل للجالون الواحد. من المتوقع أن يتم نجاح هذا المشروع في غضون الخمس وعشرين سنة القادمة, وبداية رحلات مكوكية منتظمة من وإلى المريخ مع منتصف القرن الحالي.