في الأحداث الجسام يقف الإنسان مذهولاً مندهشاً بين مصدق ومكذب.. من هول الحدث يتمنى المرء أن تكون الحقيقة.. وهماً، الواقع..خيالاً.. الصحوة..حلماً، والنهار ليلاً.. يغمض المرء عينيه ليخدع نفسه.. هارباً من الحقيقة المرة، يمني نفسه أن تكون تلك.. مجرد حلم أو كابوس.. أو سرابا في صحراء لا نهائية.. إلا من رحمه ربه وآمن به.. وبالقدر خيره وشره.. وبحقيقة الموت الذي لابد.. وبطلان الحياة وزيفها مهما طالت وامتدت.. وأغرتنا بمباهجها ومسراتها ومغرياتها. فقدناك يا كمال.. وتركتنا على حين غرة.. في هذه الدنيا الفانية نتقلب في سعيرها.. تحرقنا الذكريات عنك.. وتشوينا بنارها وتكوينا بلهيبها.. فقدناك يا كمال.. فأنت كنت كاسمك تماماً في دنيا البشر- فالكمال لله تعالى وحده- كنت إنساناً قل أن يجود الزمان بمثلك.. كنت بشراً مثل الآخرين تخطئ وتصيب.. ولكنك كنت تفوقهم دماثة وخلقاً.. كنت صادقاً صديقاً صدوقاً..تحمل في جنبيك قلباً ناصعاً نقياً لا يحوي حقداً ولا ضغينة..كنت دمثاً..محباً...مدهشاً لحد الاندهاش.. طيباً تفوق الطيبة.. سمحاً تفوق السماحة.. في أشد ساعات المحن كنت تجبرنا على الابتسام بل الضحك حد الاستلقاء... كنت ساخراً حتى من نفسك. فقدناك يا كمال وذهبت عنا فجأة مثل نجم لمع وأفل.. بعد أن أضاء حينا.. نؤمن بقضاء الله وبقدره.. ولكل أجل كتاب.. ولكنك كنت من زمرة الذين عناهم الشاعر في الشطر الثاني: الناس نوعان..موتى في حياتهم وآخرون ببطن القبر أحياء فأنت- وأن ذهبت عنا بجسدك- باق معنا وفينا... وسنظل نذكرك ما حيينا..نراك في ذريتك الذين سيحملون - حتماً - اسمك..ولكننا نسأل الله أن يرثوا أيضاً صفاتك وسماحتك. نسأل الله لك الرحمة والمغفرة وأن يجعل الجنة مثواك مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.