نحن ازاء اشكالية هائلة وبالطبع لو صدقت لزحزحت كل قناعاتنا من اساسها تجاه التاريخ. ربما كانت المسألة قابلة للصحة وربما تحتمل الكذب ولكن هل انتهاك الكتابة وصل الى حد تزوير التاريخ كما يدعيه دعاة التجديد والتشكيك في ثوابت تاريخية لها عمقها الضارب في حياتنا؟ ام القضية لا تخرج عن كونها مجرد دعوة باطلة وفق فهم المحافظين على الاصول لهذه الدعوة؟ ثمة علاقة جدلية بين التعارض والاتفاق حول نقد التاريخ ومراجعته، وبالمقابل ضرورة كتابته مرة اخرى بعقلانية وحيادية غير قابلة للتزوير والتحريف والاهواء التي تخضع الى ما ترمي اليه سلطة ما او نفوذ شخص ما يقرر ما يكتب ويحذف ما لا يرغب لكن ثمة ازمة وعي قاتلة وقفت حائلا دون اعادة كتابة التاريخ وتأسيسه من جديد وهذا ما وصلت اليه مؤتمراتنا وابحاثنا ودراساتنا العربية السابقة وفشلت في خلق قناعة ثابتة جماعية تساهم في تحقيق فكرة الكتابة الجديدة للتاريخ وقد يكون لديهم الكثير من الصواب، ولكن هل لديهم الحق في رفض هذا المشروع الحيوي الذي يسعى نحو اعادة الحقيقة الى نصابها او جزء منها أو على الاقل تصحيح بعض المغالطات التاريخية التي يصعب تصديقها او الاعتقاد بصحتها، ولعل تجربة الكتابة تتيح مجالا واسعا لفهم ازمة التطور الحضاري التي نعيشها والتي حققتها الافكار التقليدية التي ساهمت في تكريس الانحطاط والتخلف وعطلت الفكر الواعي الخلاق وصرنا نقتفي اثر الماضين بعشوائية او نسقط في التيارات الوافدة التي نسعى الى تقليدها والانبهار بتأثيرها وسطوتها وبذلك عجزنا عن فهم ما يحدث.. او انتاج حضارة جديدة يقدرها العالم وتؤثر فيه وتكون لنا شخصيتنا وفكرنا اللذين نعتز بهما ونقدمهما للآخرين كما فعلنا سابقا ووصلنا اليه، من هنا ارى ان المسألة بحاجة الى تأسيس تاريخ جديد منفتح على مختلف الاتجاهات والتوجهات والفئات والتيارات يكتبه الناس الى عامة الناس وليس ما يكتبه الخواص الى بعض الخواص وبذلك يستحيل تزويره وتزييفه لان الجميع شارك في كتابته وصنعه.