لم يكن مونديال 2002 مثاليا في احداثه ومجرياته وحتى نتائجه، خاصة في دوريه الاول والثاني ولم يكن عادلا في بعض مبارياته.. شكل قساوة على العديد من المنتخبات وجامل ايضا البعض الآخر عن عمد او غير عمد، وحفل باثارة وجوانب من الحزن... فيه هوت نجوم وصعدت اخرى، برز لاعبون واختفى آخرون.. وهكذا هي حال كأس العالم.. مع فارق بسيط ان الكأس التي حملت الرقم "17" في سلسلة كؤوس العالم التي اقيمت لاول مرة فوق الارض الآسيوية وفي دولتين جارتين (كوريا واليابان).. حوت الكثير من المتناقضات والنتائج غير المتوقعة.. غيرت قناعات وموازين سابقة واثبتت ان عالم كرة القدم اصبح قرية صغيرة ولم يعد هناك منتخبات صغيرة واخرى كبيرة في ظل العولمة وعصر الاتصالات وزمن الارقام والمقارنة والاحصائيات والتطور والابداع وايضا حسابات الربح والخسارة! البحث عن نجم؟ كأس العالم 2002 التي انطلقت في كوريا الجنوبية يوم 31 مايو واختتمت منافساتها يوم 30 يونيو في يوكوهاماباليابان ظلت لايام تبحث عن موهبة لمعت أو نجم برز لينضم الى لاعبين طبعوا بطولات كأس العالم بطابعهم الخاص منذ انطلاقتها.. لم تجد!! وان كانت مراحل المونديال الاخيرة ثبتت اقدام الحارس الالماني اوليفر كان كأفضل لاعب في المونديال.. ورفعت رونالدو الى القمة دون ان يدخله احد في عالم الاساطير،، ولمعت مواطنه ريفالدو لروعة ادائه وعززت ابداع رونالدينيو وموهبته اللافتة (22 عاما) دون ان ينسى احد تمريرته المتقنة الى ريفالدو التي ادرك بها التعادل مع انكلترا في ربع النهائي قبل ان يسجل هدفا رائعا من ركلة حرة من نحو 35 مترا خدعت الحارس الانجليزي سيمان... صحيح ان كأس العالم 2002 افرزت عددا وافرا من اللاعبين الذين اعتبروا الافضل في كل مباراة من امثال السنغالي الحجي ضيوف والايرلندي مات هولند والدانماركي توماسون والالماني بالاك ومواطنه كلوزة والارجنتيني فيرون والتركي حسن شاش وقائمة الاسماء تطول.. الا انها لم توصل واحدا منهم الى مرتبة بيليه ومارادونا وغارينشيا والبرتغالي اوزيبيو ويوهات كرويف وميشيل بلاتيني وكارك هانز رومينغه وفرانتز بكنباور وروماريو.. وايضا قائمة الاسماء تطول. ترى بماذا اختلفت الكأس رقم "17" عن الكأس رقم "16" التي اقيمت قبل "4" سنوات في فرنسا عام 98 يومها حمل المونديال الفرنسي (الناجح) عنوانا واحدا (مونديال فاق التوقعات) والسؤال: الم يحمل المونديال الكوري الياباني بدورة عنوان (مونديال فاق التوقعات) او بالاصح مونديال المتناقضات ومخالفة التوقعات!! احداثه ونتائجه ومبارياته ال64 قالت ذلك... وهي نفسها ما اظهرت منتخبات حديثه وجديدة قوية ابعدت الكبار واسقطت اصحاب الالقاب وماذا بعد؟! حطموا الرقم القياسي مونديال 2002 سجل رقما قياسيا في عدد الابطال السابقين الذين خرجوا من الدور الاول حيث بلغ 3 منتخبات هم فرنسا والاوروغواي والارجنتين وكانت فرنسا بطلة 1998م والاوروغواي بطلة 1930 و1950 اول المودعين بعد خسارة الاولى امام الدانمارك صفر 2 وتعادل الثانية مع السنغال في الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الاولى... ثم لحقت بهما الارجنتين بطلة عامي 1978 و1986 اثر تعادلها مع السويد 1/1 في ختام منافسات المجموعة السادسة.. تبعتهم ايطاليا بطلة 34 و38و1982 عند خرجت من الدور الثاني على يد كوريا الجنوبية بالهدف الذهبي.. وفي دور الثمانية ودعت انكلترا بطلة 1966م المونديال على يد البرازيل.. ومن الاقوياء او بالاحرى الذين كانوا مرشحين للمنافسة على اللقب وخرجوا من مراحل المونديال نجد البرتغال وبولندا واسبانيا والسويد وقبلهم الدانمارك وكرواتيا ثالثة مونديال 98 فأي مفاجآت وقعت في هذا المونديال المحير والعجيب رغم انها المرة الاولى منذ مونديال 1990 في ايطاليا شارك ابطال العالم السابقون جميعهم في مونديال 2002م. ناجحة ولكن؟ كأس العالم 2002 التي اقيمت في كوريا الجنوبيةواليابان خلال الفترة من 31 مايو حتى 30 يونيو كانت ناجحة في جميع مراحلها وجوانبها تقريبا كانت نظيفة وخالية من المنشطات والاحداث الدامية وأمر واحد نفض "الافراح" وظل مثار جدل وتساؤلات الا وهو التحكيم.. وقلة خبرة عدد غير قليل من المساعدين تسببت في اتهام التحكيم وجعله نقطة سوداء على رداء المونديال الابيض.. وللانصاف وقع بعض الحكام في اخطاء فادحة.. والارجح انها كانت اخطاء تقديرية غير مقصودة وبعيدة كل البعد عن الرشوة والرشاوي.. وبالمقابل علت الاصوات مطالبة بتغيير بعض الانظمة المتعلقة بالتحكيم وتكثفت الانتقادات العنفية حتى من اصحاب الضيافة ورجال الفيفا انفسهم. شواهد ما حصل في نهائيات كأس العالم السابعة عشرة فتح الباب على مصراعيه حول كفاءة بعض الحكام الذين يقودون المباريات، وحكام الساحة والراية، على حد سواء وحول الانظمة التي لم تعد تواكب تطور الكرة وسرعتها ولاتفرق بين خطأ حقيقي وآخر من اخراج وتمثيل بعض اللاعبين لنيل ركلة جزاء أو ما شابه.. ولم يعد مقبولا تكرار المقولة المعروفة (الحكم بشر وليس ممنوعا عن الخطأ) واذا كان ذلك يبرر اخطاء قاتلة قبل سنوات، فانه لم يعد كذلك في بداية القرن الحادي والعشرين.. حتى ان رئيس الاتحاد الدولي جوزف بلاتر لم يتردد في انتقاد التحكيم خلال المونديال وتحدث عن ضعف في أدائهم وعن اخطاء تأتي خصوصا من حكام الراية. وقال بلاتر: كان اداء حكام الساحة جيدا الى حد ما في هذا المونديال فيما كان اداء الحكام المساعدين سيئا خصوصا فيما يتعلق في حالات التسلل.. وما أكثر اخطاء الحكام في هذا المونديال.. وللاسف كان التحكيم سيئا ودون المستوى.. في حين كان التحكيم العربي (الكويتي سعد كميل والاماراتي علي بوجسيم والسعودي على الطريفي والمصري جمال الغندور) نقطة بيضاء تستحق التقدير والاشادة. حالة مماثلة وتسترجع الذاكرة اليوم الذي رفعنا فيه الكرت الاحمر لحكام مونديال 98 بعد ان تركت قراراتهم علامات استفهام كبيرة حمراء!! ووحدهم حكامنا العرب (ساحة وخطوط) ظلوا فوق الشبهات ويومها فاحت رائحة مؤامرات واحاديث عن تغير النتائج كما فاحت في مونديال 2002 ومهما يكن من أمر اخطاء الحكام في المونديال السادس عشر والسابع عشر.. فهي لم تكن بحال من الاحوال افدح من سابقاتها على مدار تاريخ كأس العالم.. بها ومعها تمضي المنتخبات الفائزة في صعود والخاسرة تتوجه الى بلادها غاضبة ناقمة!!. شارة سوداء وبعيدا عن حفلي الافتتاح في (فرنسا 98) وكوريا 2002) المفرحين الجميلين.. شهدت الملاعب فرنسا الشارة السوداء وهي تحيط بذراع اللاعب النيجيري أولا حدادا على وفاة رئيس بلادهم قبل ساعات من بداية المونديال الفرنسي.. وتكرر المشهد من جديد وشاهدنا الشارة السوداء تحيط بذراع اللاعب الفرنسي حدادا على وفاة فرناندساستر الرئيس الشريك للجنة المنظمة لموديال فرنسا 98. وفي مونديال 2002 خيم الحزن على الحكام وخاصة العرب منهم بعد سماعهم نبأ وفاة زميلهم الحكم الدولي المغربي سعيد بلقوله والذي وافته المنية في غمرة منافسات كأس العالم السابعة عشرة ففقدت الاسرة الرياضية العالمية عامة والمغربية والعربية والافريقية خاصة اسما من ابرز الاسماء في ميدان التحكيم وبلقوله قاد المباراة النهائية لكأس العالم عام 1998 توفي بسبب مرض عضال.. وسيظل أسمه خالدا بفضل تشريفه الكرة العالمية والعربية والتي أكدت في مونديال 2002 جدارتها بالنجومية والعالمية في شخص الكويتي سعد كميل والاماراتي علي بوجسيم والمصري جمال الغندور والمغربي محمد الكزاز والسعودي علي الطريفي. الافضل في مونديال 98 نال منتخب فرنسا اللقب لاول مرة في تاريخه، ونال ايضا لقب صاحب افضل خط دفاع اذ لم يدخل مرماه سوى هدفين في 7 مباريات واعتبر خط هجومه ايضا الافضل حيث سجل 15 هدفا.. وجاء منتخب البرازيل ثانيا من الناحية الهجومية اذ سجل 14 هدفا ثم هولندا برصيد 13 هدفا. وفي مونديال كوريا واليابان فاز منتخب البرازيل باللقب للمرة الخامسة في تاريخه، ونال لقب افضل هجوم برصيد 18 هدفا، قبل المانيا و14 واسبانيا 10 في حين نال منتخب المانيا المركز الثاني ولقب افضل دفاع اذ لم يدخل مرماه سوى 3 أهداف بمعدل 43% هدف للمباراة الواحدة. كما نال حارس مرمى المانيا لقب افضل لاعب في كأس العالم لاول مرة في تاريخ كأس العالم اذا لم يسبق ان منح هذا اللقب لحارس مرمى من قبل.. وتصدر البرازيلي رونالدو لائحة الهدافين برصيد 8 أهداف واكتفى منتخب بلجيكا بجائزة اللعب النظيف.. في حين فاز الكرواتي دافور سوكر بلقب هداف مونديال 98 برصيد 6 أهداف. أهداف سجل في المونديال الكوري الياباني خلال 64 مباراة 161 هدفا بمعدل 52ر2 هدف للمباراة الواحدة مقابل 171 هدفا في فرنسا 98، بمعدل 67ر2 هدف للمباراة الواحدة، وبهذا بلغ عدد الاهداف المسجلة في نهائيات كأس العالم منذ انطلاقتها لاول مرة عام 1930 وحتى نهاية المونديال الكوري الياباني 1916 هدفا. أرقام وشهلت مباريات المونديال الفرنسي احتساب 18 ركلة جزاء سجلت جميعها باستثناء ركلة واحدة اهدرها اليوغسلافي بردراغ مينوفيتش في الدور الثاني امام هولندا.. في حين لم تحتسب في المونديال الاخير سوى 13 ركلة جزاء، اهدر اللاعبون 5 منها. بطاقة صفراء واذا كان الجميع قد توقع لمونديال فرنسا ان يتلون بلون البطاقات الصفراء والحمراء بسبب صرامة القوانين فان الواقع أكد تلك التوقعات، فقد بلغ عدد البطاقات الصفراء 280 بطاقة منها 258 في الدور الاول، و37 في الدور الثاني و21 في دور الثمانية و6 قبل النهائي.. والمباراة النهائية شهدت 5 بطاقات صفراء.. وشهد المونديال الاخير منح. 272 بطاقة صفراء منها 203 في الدور الاول و36 في الثاني و22 في ربع النهائي و6 في نصف النهائي و3 في مباراة المركز الثالث و2 في النهائي. وحمراء وبلغ عدد البطاقات الحمراء في المونديال الفرنسي 22 بطاقة منها 16 بطاقة في الدور الاول وواحدة في الدور الثاني و3 في دور الثمانية وواحدة في قبل النهائي وواحدة في المباراة النهائية مقابل 17 بطاقة حمراء منحت في مونديال 2002 منها 13 في الدور الاول و3 في الثاني وواحدة في ربع النهائي. متفرجون اما المتفرجون فقد بلغ عددهم في المونديال الفرنسي (400ر775ر2) متفرج منهم (00ر779ر1) في 48 مباراة جرت ضمن الدور الاول و003ر341 متفرجين في الدور الثاني و(600ر206) في دور الربع النهائي و130 الفا في الدور قبل النهائي و500ر45 متفرج في مباراة المركز الثالث و175 الف متفرج في المباراة النهائية بمعدل (366ر43) متفرجا للمباراة الواحدة. وبلغ عدد المتفرجين في المونديال الاخير (2705167) متفرجا منهم (1969746) متفرجا في الدور الاول و(305505) في الدور الثاني و(171120) في ربع النهائي و(126314) في نصف النهائي و(63483) في مباراة المركز الثالث و(69029) متفرجا في المباراة النهائية. وكان يمكن لهذا العدد ان يزيد أكثر لو احسن المنظمون توزيع تذاكر المباريات.. والتي أثارت ازمة في حينها وهذه ايضا واحدة من سلبيات مونديال 2002 ويبقى ان نشير الى أن مونديال 2002 بدأ بداية مجنونة خالف التوقعات فسقطت المنتخبات المرشحة بلقب من البداية وهذا لم يحدث من قبل والبداية كانت بالديوك الفرنسية ابطال العالم بعد ان قدموا عرضا سيئا نتجت عنه خسارتان وتعادل واحد دون ان يتمكن نجومه من تسجيل أي هدف.. تبعهم منتخب الارجنتين الذي لم يفرح طويلا بفوزه على نيجيريا 1 صفر وخرج من الدور الاول بخسارة امام انجلترا صفر 1 وتعادل مع السويد 1/1 ولم يكن حال البرتغال ونجمها اللامح لويس فيغو بأفضل فودع من الدور الاول بخسارتين وفوز واحد في حين لمعت منتخبات اخرى مثل السنغال والمكسيك وامريكا وكوريا الجنوبيةوتركيا فقلب الدور الاول جميع التوقعات رأسا على عقب وجاء الدور الثاني ليشهد الظلم والحسم.. فابتعد الايطالي والاسباني وأبعدهما عن انتصارات كانا اهلا لها.. فناما معا على تراث امجادهما وخرجا الخروج المأساوي الحزين على يد كوريا الجنوبية في حين لعب منتخب تركيا دورا كبيرا في هذا المونديال معلقا مع السنغال وكوريا والمكسيك ان التفوق جاء من دول بعيدة عن كونها دولا عظمى كرويا.. وبالاصرار والارادة والتنظيم المتفرد احتل "التركي" المركز الثالث بعد ان أبعدت اليابان ثم كوريا الجنوبية. عودة المنطق وغاب المنطق طويلا عن مباريات الدور الاول والثاني ونوعا ما في ربع النهائي ليعود ويفرض وجوده في دور نصف النهائي بعد تأهل البرازيل وألمانيا صاحبي زفضل هجوم ودفاع الى المباراة النهائية رغم انهما كنا مهددين بعدم بلوغ النهائيات بسبب معاناتهما في التصفيات ومعا قدما لعشاق الكرة في العالم الكثير.. ففاز الاول باللقب.. والثاني احتل المركز الثاني.. وهكذا انتهى العرس العالمي الكبير بفوز برازيلي اثير على الالماني الخطير وتبقى الاهداف وحكاية تسجيلها في هذا المونديال مادة شيقة قد نعرج عليها يوما عبر صفحات الميدان الرياضي،، وحتى ذلك الوقت نقول وداعا مونديال 2002 والى اللقاء في المانيا 2006م.